ما معني اسم بلقيس ومن أين جاء؟ ولماذا تزوج أبوها من جنية؟
عدم ورود اسم بلقيس في القرآن الكريم، وكذلك عدم وجود الكثير من الآثار التي تدل على حضارتها حتى الآن، أعطى لبلقيس ملكة سبأ الكثير من الإثارة والزخم، حيث اختلفت الروايات حولها، بدءًا من معنى اسم بلقيس، مرورا بقصة زواج أبيها من الجنية، وحيلتها لاسترجاع مملكتها، وصولا إلي حكايتها مع نبي الله سليمان والهدهد.. تلك القصة التي رواها القرآن الكريم ودارت حولها الكثير من التفاصيل.
في هذا التحقيق نكشف معني اسم بلقيس ومن أين جاء؟ ولماذا تزوج أبوها من جنية؟ وكيف استطاعت إرجاع حكم أبيها وحكم مملكة سبأ حسبما ذكرت بعض الكتب والتفاسير، فإلى التفاصيل:
ما معنى بلقيس
بلقيس هو اسم علم مؤنث أصله عربيّ، ويعني الفتاة القوية والفاتنة، ذات الشخصية الرائعة والجمال الخلّاب، وقيل إنها عندما حكمت بعد أبيها الهدهاد، قال بعض حمير لبعض: ما سيرة هذه الملكة من سيرة أبيها فقالوا بلقيس، أي بالقياس فسميت بلقيس.
وقال ابن منظور: إن اسم يلمقه فارسي معرب وهي مأخوذة من مؤرخ فارسي. وقال الطبري: إن اسمها يلمقه بنت أليشرح.
وذكر المؤرخ الجغرافي العربي اليمني أبو محمد الحسن بن أحمد بن يعقوب الهمداني، رحمه الله، أن الاسم الشخصي لهذه الملكة، أنه: (بلقه/ بلقمة/ بلمقة)، والشطر الأول من اسم بلقيس هو: (بلق) والبلق هو اللون الأبيض، وهو لون حجر البلق المعروف، في مملكة سبأ الشمال. وأما (يس/ إيس) فهو اسم للشمس، والأغلب أنه اسم لإله الشمس، فيكون معنى الاسم إذن: (بياض الشمس أو وهج الشمس)، أو عبدة الشمس أي عبيد الشمس، لأنها وقومها كانوا يعبدون الشمس قبل إسلامها، وجاء هذا الاسم في لغة المسند اليمنية العربية.
ويرى الباحث اليمني بدر أحمد با محرز، أن الاسم الحقيقي لملكة سبأ الأردنية، هو (شمس) والأصل فيه (قيس)، الذي يعني من الناحية اللغوية: إشعال النار، ومنه في عربيتنا الحالية (كز) بتحويل السين إلى زاي وهو قبس النور، ويقول أيضا: إن اسم بلقيس هو اسم الشمس، وإن كل ما ورد في العربية باسم امرؤ القيس إنما يعني عبد شمس.
هل ورد اسم بلقيس في السنة أو الحديث النبوي؟
ورد في بعض الآثار الموقوفة والمقطوعة أن اسم ملكة سبأ: بلقيس، ومن ذلك: ما رواه الإمام ابن أبي شيبة في ـ مصنفه ـ عند ذكره لما أعطى الله سليمان بن داود ـ عليهما السلام ـ الأثر رقم: 10، قال: حدثنا وكيع عن سفيان عن عطاء عن سعيد بن جبيرعن ابن عباس قال: اسمها بلقيس بنت ذي شيرة.
وكذلك ما رواه الإمام ابن أبي حاتم في ـ تفسيره ـ الأثر رقم: 15172 قال: حدثنا علي ابن الحسن، ثنا محمد بن موسى الحرشي، ثنا أبو خلف، ثنا يونس، عن الحسن ـ إني وجدت امرأة تملكهم: وهي بلقيس بنت شراحيل ملكة سبأ. هـ.
من هي بلقيس؟
هي بلقيس بنت السرح بن الهداهد بن شراحيل بن أدد بن حدر بن السرح بن الحرس بن قيس بن صيفي بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان بن عابر بن شالخ بن أرفخشذ بن سام بن نوح.
سبب زواج أبي بلقيس من جنية
كان جدها الهداهد ملكا عظيم الشأن، قد ولد له أربعون ولدا كلهم ملوك، وكان ملك أرض اليمن كلها، وكان أبوها السرح يقول لملوك الأطراف: ليس أحد منكم كفؤا لي، وأبى أن يتزوج منهم، فزوجوه امرأة من الجن يُقال لها ريحانة بنت السكن، فولدت له بلقمة وهي بلقيس، ولم يكن له ولد غيرها.
ويقال: إن سبب تزوج أبيها من الجن أنه كان وزيرا لملكٍ عاتٍ يغتصب نساء الرعية، وكان الوزير غيورا فلم يتزوج، فصحب مرة في الطريق رجلا لا يعرفه، فقال: هل لك من زوجة؟ فقال: لا أتزوج أبدا، فإن ملك بلدنا يغتصب النساء من أزواجهن، فقال: لئن تزوجت ابنتي لا يغتصبها أبدا. قال: بل يغتصبها. قال: إنا قوم من الجن لا يقدر علينا.. فتزوج ابنته فولدت له بلقيس.
حيلة بلقيس لتولي عرش مملكة سبأ
قيل: إنه لما مات والد بلقيس، اختلف عليها قومها فرقتين، وملكوا أمرهم رجلا فساءت سيرته، حتى فجر بنساء رعيته، فأدركت بلقيس الغيرة، فعرضت عليه نفسها فتزوجها، فسقته الخمر حتى حزت رأسه، ونصبته على باب دارها فملكوها.
وقيل إنها ابتنت قصرا في الصحراء، وعندما نما للملك خبرها قال له: يا فلان تكون عندك هذه البنت الجميلة وأنت لا تأتيني بها، وأنت تعلم حبي للنساء ثم أمر بحبسه، فأرسلت بلقيس إليه إني بين يديك، فتجهز للمسير إلى قصرها.. فلما هم بالدخول بمن معه أخرجت إليه الجواري من بنات الجن مثل صورة الشمس، وقلن له: ألا تستحي؟ تقول لك سيدتنا: أتدخل بهؤلاء الرجال معك على أهلك؟ فأذن لهم بالانصراف ودخل وحده، وأغلقت عليه الباب وقتلته بالنعال، وقطعت رأسه ورمت به إلى عسكره، فأمروها عليهم، فلم تزل كذلك إلى أن بلغ الهدهد خبرها سليمان عليه السلام.
قصة الهدهد مع سليمان
يروي ابن كثير في تفسيره أنه لما نزل سليمان في بعض منازله، قال الهدهد: إن سليمان قد اشتغل بالنزول، فارتفع نحو السماء فأبصر طول الدنيا وعرضها، فأبصر الدنيا يمينا وشمالا، فرأى بستانا لبلقيس فيه هدهد، وكان اسم ذلك الهدهد عفير، فقال عفير اليمن ليعفور سليمان: من أين أقبلت؟ وأين تريد؟ قال: أقبلت من الشام مع صاحبي سليمان بن داود.
قال: ومن سليمان ؟ قال: ملك الجن والإنس والشياطين والطير والوحش والريح وكل ما بين السماء والأرض. فمن أين أنت؟ قال: من هذه البلاد، ملكها امرأة يقال لها بلقيس، تحت يدها اثنا عشر ألف قيل، تحت يد كل قيل مائة ألف مقاتل من سوى النساء والذراري، فانطلق معه ونظر إلى بلقيس وملكها، ورجع إلى سليمان وقت العصر، وكان سليمان قد فقده وقت الصلاة فلم يجده، وكانوا على غير ماء.
قال ابن عباس في رواية: وقعت عليه نفحة من الشمس. فقال لوزير الطير: هذا موضع من؟ قال: يا نبي الله هذا موضع الهدهد، قال: وأين ذهب؟ قال: لا أدري أصلح الله الملك. فغضب سليمان وقال: لأعذبنه عذابا شديدا الآية. ثم دعا بالعُقاب سيد الطير وأصرمها وأشدها بأسا فقال: ما تريد يا نبي الله؟ فقال: علي بالهدهد الساعة.
فرفع العقاب نفسه دون السماء حتى لزق بالهواء، فنظر إلى الدنيا كالقصعة بين يدي أحدكم، فإذا هو بالهدهد مقبلا من نحو اليمن، فانقض نحوه وأنشب فيه مخلبه. فقال له الهدهد: أسألك بالله الذي أقدرك وقواك عليّ إلا رحمتني. فقال له: الويل لك; وثكلتك أمك ! إن نبي الله سليمان حلف أن يعذبك أو يذبحك.
ثم أتى به فاستقبلته النسور وسائر عساكر الطير. وقالوا الويل لك; لقد توعدك نبي الله. فقال: وما قدري وما أنا! أما استثنى؟ قالوا: بلى إنه قال: أو ليأتيني بسلطان مبين، ثم دخل على سليمان فرفع رأسه، وأرخى ذنبه وجناحيه تواضعا لسليمان عليه السلام.
فقال له سليمان: أين كنت عن خدمتك ومكانك؟ لأعذبنك عذابا شديدا أو لأذبحنك. فقال له الهدهد: يا نبي الله اذكر وقوفك بين يدي الله بمنزلة وقوفي بين يديك. فاقشعر جلد سليمان وارتعد وعفا عنه. وقال عكرمة: إنما صرف الله سليمان عن ذبح الهدهد أنه كان بارا بوالديه، ينقل الطعام إليهما فيزقهما. ثم قال له سليمان: ما الذي أبطأ بك ؟ فقال الهدهد ما أخبر الله عن بلقيس وعرشها وقومها حسبما تقدم بيانه.
قال الماوردي: والقول بأن أم بلقيس جنية مستنكر من العقول لتباين الجنسين، واختلاف الطبعين، وتفارق الحِسَّيْن; لأن الآدمي جسماني والجن روحاني، وخلق الله الآدمي من صلصال كالفخار، وخلق الجان من مارج من نار، ويمنع الامتزاج مع هذا التباين، ويستحيل التناسل مع هذا الاختلاف.
قصة بلقيس مع نبي الله سليمان
علم سليمان عليه السلام من الهدهد المؤمن الموحد بقصتها، وكتب إليها كتابًا يدعوها للتوحيد والإسلام وأمر الهدهد بقوله: (اذْهَبْ بِكِتَابِي هَذَا فَأَلْقِهْ إِلَيْهِمْ ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ فَانْظُرْ مَاذَا يَرْجِعُونَ)[النمل:28]، وحمل الهدهد الكتاب وألقاه في مخدع الملكة فقرأته.. ثم جمعت حكماء وكبار قومها وقالت: (قَالَتْ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ * إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ)[النمل:29-31]، ولعلمها بتاريخ الأمم والملوك والغزاة قالت: (قَالَتْ إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ)[النمل:34].
واستقر الرأي على أن ترسل بهدية لنبي الله سليمان، ولما ذهب الرسل إلى سليمان رفض هديتهم وأدهشهم ملكه وجنوده من الإنس والطير والحيوانات، وأعلن رفضه بقوله: (فَلَمَّا جَاءَ سُلَيْمَانَ قَالَ أَتُمِدُّونَنِ بِمَالٍ فَمَا آتَانِيَ اللَّهُ خَيْرٌ مِمَّا آتَاكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ * ارْجِعْ إِلَيْهِمْ فَلَنَأْتِيَنَّهُمْ بِجُنُودٍ لا قِبَلَ لَهُمْ بِهَا وَلَنُخْرِجَنَّهُمْ مِنْهَا أَذِلَّةً وَهُمْ صَاغِرُونَ)[النمل:36، 37].
حينذاك قررت الملكة أن تذهب مع كبار قومها إلى سليمان لتصل إلى حل سلمي ودِّي يستقر عليه التفاوض فيما بينهما سواء في العقيدة أو الملك.
أراد نبي الله سليمان أن يختبر ذكاء بلقيس، فقال لجنوده: (قَالَ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْلَ أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ)[النمل:38]، فأجاب عفريت من الجن: (أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقَامِكَ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ)[النمل:39]، أي سيحضره في غضون ساعات، فقال الذي عنده علم من الكتاب لسليمان: (أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ)[النمل:40]، أي في غضون ثوان قليلة، فلما رأى سليمان العرش مستقرًا عنده لم يفرح بقدرته أو قدرة أعوانه وجنوده، ولكنه قال: (هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ * قَالَ نَكِّرُوا لَهَا عَرْشَهَا نَنْظُرْ أَتَهْتَدِي أَمْ تَكُونُ مِنَ الَّذِينَ لا يَهْتَدُونَ * فَلَمَّا جَاءَتْ قِيلَ أَهَكَذَا عَرْشُكِ)[النمل:40، 41،42]،
وأعد سليمان عليه السلام مفاجأة أخرى، حيث أعدَّ قصرًا من البلور أقيمت أرضيته فوق الماء وظهر كأنه لجة، فلما قيل لها ادخلي الصرح حسبت أنها ستخوض تلك اللجة، فكشفت عن ساقيها، فلما تمت المفاجأة كشف لها سليمان عن سرها، قال: (إِنَّهُ صَرْحٌ مُمَرَّدٌ مِنْ قَوَارِيرَ)[النمل:44]، وأمام تلك العجائب الإلهية التي سخرت لخدمة سليمان وقفت الملكة في دهشة، ورجعت إلى ربها واعترفت بظلمها لنفسها فيما سلف من عبادة غير الله، معلنة إسلامها مع سليمان (لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ).
ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.