محمود عوض.. رفض النيابة واحترف الصحافة.. حارب الصهيونية بالكلمة.. ارتبط بمشاهير عصره وكتب المسلسل الإذاعي الوحيد للعندليب.. ومصطفى أمين وراء سجنه
محمود عوض، صحفي كبير، لقب بعندليب الصحافة ورائد الصحافة، قلمه ساحر سهل ممتنع رفض العمل بالنيابة وعمل فى بلاط صاحبة الجلالة منذ كان طالبا، حارب الصهيونية بالكلمة، ومن أشهر كتاباته “أفكار ضد الرصاص”، رحل في مثل هذا اليوم 28 أغسطس عام 2003.
ولد الكاتب الصحفي محمود عوض عام 1942 في مدينة طلخا الدقهلية، وهو الابن الثالث وسط 7 أطفال، لكنه كان أحبهم لوالديه، رحل والده وهو في الثانوية، وجاء إلى القاهرة وسكن شبرا في منزل يملكه والد الملحن بليغ حمدي، عرف بحب القراءة والاطلاع منذ كان طفلا، ودرس بكلية الحقوق وفي نفس الوقت عمل محررا اقتصاديا في أخبار اليوم، وبعد تخرجه تم تعيينه في النيابة فرفض وفضل عليها العمل الصحفي حيث عمل سنوات طويلة بصحف أخبار اليوم حتى أنه تولى منصب نائب رئيس تحرير أخبار اليوم وهو لم يصل إلى الثلاثين من عمره.
شخصيات كانت بداية النجومية في أخبار اليوم
جاءت فرصة نجومية الصحفي محمود عوض حين تأخر الكاتب الصحفي أنيس منصور في كتابة مقال الصفحة الأخيرة في أخبار اليوم وكان إحسان عبد القدوس رئيسا للتحرير فقرر تكليف عوض بكتابة المقال عقابا لأنيس منصور على التأخير وثقة في قدراته الصحفية، فكتب عوض مقالا عن أم كلثوم فاشتعلت المنافسة بينه وبين أنيس منصور فأوكل إليه رئيس التحرير كتابة صفحة أسبوعية بعنوان (شخصيات) يحاور فيها رموز الفكر والأدب والفن والسياسة والدين بطريقة غير معهودة من قبل في الكتابة ومن هنا أطلق عليه إحسان عبد القدوس لقب عندليب الصحافة.
عن طريق حواراته الممتعة اقترب محمود عوض من المشاهير أمثال طه حسين وتوفيق الحكيم وأم كلثوم والشيخ الباقوري وتسابق إليه النجوم ليكتب مذكراتهم وأصبح صديقا لأغلب المشاهير، فارتبط بصداقة كبيرة مع عندليب الغناء عبد الحليم حافظ حتى عرف بكاتم أسرار عبد الحليم حافظ وكتب له مسلسله الوحيد بالإذاعة "أرجوك لا تفهمنى بسرعة".
وخلف محمود عوض وراءه العديد من المؤلفات بلغت 15 مؤلفا منها: أفكار ضد الرصاص، ممنوع من التداول، سري جدا، متمردون لوجه الله، بالعربي الجريح، الحرب المستحيلة، حرب الاستنزاف، وعليكم السلام، من وجع القلب، أم كلثوم التي لا يعرفها أحد، محمد عبد الوهاب الذى لا يعرفه أحد، مصري بمليون دولار، سياحة غرامية، الدنيا التي كانت، شخصيات.
الدنيا التى كانت أحد مؤلفات محمود عوض.
خمسة أشهر في السجن بسبب مصطفى أمين
تم إلقاء القبض على عوض في قضية الجاسوسية لحساب أمريكا التي اتهم فيها مصطفى أمين، ويحكي محمود عوض عن هذا اليوم ويقول: عندما تم القبض علي كنت يومها شابا في العشرينات واستدعوا عشرات الزملاء من أخبار اليوم عام ١٩٦٥ وكانوا يأخذون أقوال كل واحد منهم لمدة ساعة أو ساعتين ثم يعود دون أن ينطق بحرف واحد عما دار خلال مدة استدعائه، لكن مصطفى أمين لم يعد وجاء الدور على فأخذوني من مكتب رئيس مجلس إدارة أخبار اليوم وقالوا لى: نريدك في كلمتين وبدأوا يسألونني عن علاقتي بمصطفى أمين وأنا أجيب بطريقة عادية لأنني لا أرى في علاقتى به شيئا.. وسألوني بخصوص نشر خبر كذا.. فسألوني عن مصدر الخبر فرفضت وقلت:هذا سر المهنة، فقالوا لي: هذا في الصحافة فقط، ولم أكن أهتم أنني بعدم إفصاحي عن مصدر الخبر جنيت على نفسي فقد ترتب على ذلك أنني اعتقلت خمسة أشهر.. في الوقت الذي لم أكن أعلم فيه شيئًا عن سبب القبض على مصطفى أمين.
منع محمود عوض من الكتابة عدة مرات فلجأ إلى الكتابة في الصحف العربية مثل الحياة اللندنية والقبس الكويتية والرياض السعودية، وفي عام 1986 تولى رئاسة تحرير جريدة الأحرار الحزبية ونجح في الوصول بأرقام توزيعها إلى 170 ألف نسخة خلال ثلاثة أشهر.
شروط عوض كرئيس تحرير
شرط واحد وضعه محمود عوض لقبوله رئاسة تحرير جريدة الأحرار الجريدة الحزبية الليبرالية وهو ألا يتدخل أحد من الحزب وللحزب صفحة واحدة فقط وأصدر من الجريدة 13 عددا تحمل اسمه كرئيس للتحرير، وكان اعتماده على محرري الجريدة يخطط معهم للعدد كمدرب لهم فخرجت الجريدة تعبر عن رؤية صحفية مختلفة.
قدم محمود عوض خبطات صحفية وناصر حرية الرأي في جريدة الأحرار منها حين وقف في صف الكاتب الصحفى أحمد بهاء الدين في معركته ضد الشيخ علال الفاسى بعد منع الأهرام نشر مقاله الذى كان يحمل نقدا لوزير الأوقاف وللدولة التي تحتفي بشيخ مدعي على اعتبار أنه رئيس المجلس العالمى للصوفية اشترى البعض بأمواله ـ حسب ما كتب بهاء ـ ففتح عوض لأحمد بهاء الدين صفحات الأحرار للدفاع عنه ضد سطوة الدين والمال فتزعم الإخوانى الشيخ صلاح أبو إسماعيل ــ وكان وكيلا لحزب الأحرار ــ الهجوم على محمود عوض وصدر قرار بفصله من رئاسة تحرير الأحرار.
اشترط تمويل مسابقة الصحافة من الصحفيين أنفسهم
أسس محمود عوض مسابقة جوائز الصحافة المصرية بنقابة الصحفيين رغبة في التفوق في الأداء المهني الصحفي لمصلحة القارئ أولا، واشترط أن تكون المسابقة حرة تمول من كبار الكتاب لكي لا تكون خاضعة لهوى جهة أو مؤسسة صحفية او حكومية حتى عندما عرض عليه رئيس الوزراء كمال حسن على تمويل المسابقة الثانية بنصف مليون جنيه رفض عوض الطلب معللا أن المسابقة ستستمر مهنية ومستقلة حتى عن نقابة الصحفيين ذاتها، وعندما عرض رئيس حزب التجمع خالد محيى الدين المساهمة في تمويل جوائز الصحافة رفض عوض على اعتبار أنه يمثل حزب بالرغم من أن خالد محيي الدين كان عضوا مقيدا بنقابة الصحفيين، وكانت النتيجة أن شهدت المسابقة ولأول مرة حضور رئيس الوزراء لتسليم الجوائز.
ونتيجة للحروب التي تعرض لها الكاتب الصحفى محمود عوض طوال مشواره الصحفي خاصة من أبناء مؤسسته الصحفية فبمجرد بلوغه سن الستين أي سن المعاش أصدر رئيس مجلس إدارة أخبار اليوم إبراهيم سعدة قرارا بإحالة عوض الى المعاش مخالفا لزملائه الذين خرجوا في سن الخامسة والستين ومنعت مقالاته، ولأنه كان راهبا للصحافة فلم يتزوج وعاش وحيدا ورحل وحيدا وهو في السبعين من عمره واكتشفت وفاته بعد رحيله بيومين.
أم كلثوم التي لا يعرفها أحد
قدم الكاتب الصحفى محمود عوض للمكتبة العربية مجموعة من المؤلفات منها: أفكار ضد الرصاص، متمردون، لوجه الله، بالعربي الجريح، الحرب المستحيلة، حرب الاستنزاف، وعليكم السلام، من وجع القلب، الدنيا التي كانت، محمد عبد الوهاب الذي لا يعرفه أحد، مصري بمليون دولار، سياحة غرامية، الدنيا التي كانت، شخصيات، ومن أشهر تلك المؤلفات كتابه "أم كلثوم التي لايعرفها أحد" حيث صدر بعد رحيل أم كلثوم مباشرة سجل فيه الحياة الخاصة لكوكب الشرق بدأ من مرضها حتى رحيلها.
حريتي هي خبز حياتي
وفي كتابه "أفكار ضد الرصاص" الذي يحوي على أجرأ مقالات محمود عوض يتحدث فيه عن الحرية ويقول: إنني أستطيع أن أعطيك قلبي.. فأصبح عاشقًا، أعطيك طعامي.. فأصبح جائعًا، أعطيك ثروتي.. فأصبح فقيرًا، أعطيك عمري.. فأصبح ذكري، ولكنني لا أستطيع أن أعطيك حريتي، إن حريتي هي دمي، هي عقلي، هي خبز حياتي، إنني لو أعطيتك إياها فإنني أصبح شيئًا له ماض.. ولكن ليس أمامه مستقبل..
ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوادث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.