الوثائق البريطانية تكشف المؤامرة!
تكشف وتفسر بعض الوثائق البريطانية الكثير من الحيل وما دار في الكواليس لأحداث كثيرة مرت بالمنطقة.. ومن هذه الوثائق استغلال بريطانيا إسم الإخوان لشن حروب نفسية ودعائية سرية على أعدائها مثل الزعماء جمال عبد الناصر ورئيس إندونيسيا سوكارنو والزعيم الصينى ماو تسي دونج..
وحسب الوثائق التى نشرتها BBC فإنها تكشف ترويج بريطانيا لمنشورات تحمل زورا إسم الإخوان مستغلة الصراع بينها وبين عبد الناصر في الستينات للهجوم بقسوة على الجيش المصري خلال وجوده في اليمن لدعم النظام الجمهوري الجديد ضد بريطانيا وبعض الدول التى تحمى النظام الملكى.
والوثائق التي صُنف بعضها على أنه بالغ السرية تثبت أن رئيس الوزراء البريطاني دوغلاس هوم أمر في يوليو 1964 وزير خارجيته راب باتلر بالانتقام من عبد الناصر، بعد أزمة السويس وتدخل مصر العسكري في اليمن المهدد لمصالح بريطانيا النفطية، وأمر بتحويل حياة عبد الناصر إلى جحيم بالنص "اجعل الحياة جحيما بالنسبة له.. باستخدام المال والسلاح".
وطلب دوغلاس هوم من الوزير العمل على أن يكون التحرك سريا وأن " ينكر ذلك إن أمكن"، في حالة انكشافه.
وفي الفترة بين عامي 1962 - 1965 شاركت بريطانيا في عمليات سرية دعما للقوات الملكية في مواجهة الجمهوريين اليمنيين الذين استولوا على السلطة في صنعاء في سبتمبرعام 1962. وبعد انسحاب بريطانيا من جنوب اليمن وإعلان جمهورية اليمن، وخلال الشهور الأخيرة من وجودها في اليمن، بدأت تروج بمنشورات مزورة أن القوات المصرية استخدمت الغازات السامة، ما أدى لقتل عدد كبير من اليمنيين.
وعندما نفت مصر الاتهام وقالت إنه جزء من حملة نفسية بريطانية أمريكية، بل ورحبت في فبراير1967 بتحقيق أممي لكشف الأكاذيب البريطانية، ولم تجد الأمم المتحدة سبيلا لحفظ ماء وجه لندن إلا الإعلان أنها غير قادرة على التعامل مع هذه القضية.
وانتهزت بريطانيا الفرصة واستغلت إسم وتأثير الإخوان وصراعها مع عبد الناصر في حربها السرية لتأليب المسلمين في مختلف الدول عليه! وبدأت المخابرات البريطانية في إرسال المنشورات البريطانية المزورة على أنها صادرة عن الإخوان..
ومنها إن القوات المصرية في اليمن ليست مسلمة لأنها تقتل المسلمين بالغاز.. واستخدامها لقاذفات القنابل التي صنعها الشيوعيون السوفييت الملحدون، وإلقاء 25 قنبلة غاز على قرية كتاف الواقعة شمال شرقي صنعاء.
وروج المنشور أن التدخل العسكري المصري في اليمن كان له دور في هزيمة مصر في حرب عام 1967 أمام إسرائيل.. وقال إنه "إذا كان لابد للمصريين أن يخوضوا غمار الحروب، فلماذا لا يوجهون جيوشهم ضد اليهود؟".
وأضاف المنشور أن "القنابل التي ألقيت على اليمن خلال الحرب التي تستعر نيرانها في هذا البلد المسكين لأربع سنوات، كانت تكفي لتدمير إسرائيل تدميرا تاما". وركز المنشور على أن الجيش المصري استخدم أسلحة السوفييت الشيوعيين في قتل اليمنيين المسلمين. ووصف المصريين بأنهم كفرة وأبشع من النازيين.
ولوحظ أن المنشور مكتوب بلغة عربية عالية المستوى، ثم تُرجم إلى الانجليزية لأصحاب القرار المسؤولين عن الحرب السرية قبل الموافقة على توزيعه. طبعا من أسباب الحملة على عبد الناصر اللجوء إلى الاتحاد السوفيتي والكتلة الشرقية للتسلح مما أثار غضب البريطانيين.
وقد استخدم فريق الحرب الدعائية البريطاني مفردات مشابهة لتلك التي استخدمها الإخوان كي يبدو المنشور وكأنه بالفعل صادر عن الجماعة.
وتكشف الوثائق أن فكرة إصدار منشورات توهم قراءها بأنها صادرة عن الإخوان جاءت بعد زيارة مسؤول بالخارجية البريطانية إلى واشنطن.
وفي أحد الوثائق، يقول المسؤول بعد عودته "تشاورت مع الآنسة ستيفنسون ووافقت على أنه من المرجح والطبيعي أن مثل هذا التنظيم (تقصد الإخوان) يرسل هذا المنشور".
وكانت أجهزة الحرب السرية البريطانية تنشر المنشورات من دول عربية ومسلمة وغير مسلمة في أفريقيا وآسيا إلى صحفيين وكتاب ومراكز بحثية وتعليمية ومنظمات دينية مسلمة وجمعيات أهلية ومؤسسات حكومية ووزراء في هذه الدول.
مثل هذه الوثائق تبرهن أن مصر مستهدفه وتحاك ضدها المؤامرات وبكافة الصيغ والأشكال، والغريبة أن الأعداء لم يتغيروا بل يزدادوا، بل صاروا يسكنوا الضلوع.. فلنحذر جميعا لآن ما أشبه الليلة بالبارحة!
yousrielsaid@yahoo.com