رئيس التحرير
عصام كامل

سوق المحمول.. خارج الخدمة

يعاني سوق المحمول وتجار المحمول في مصر معاناة شديدة –مثلهم مثل أسواق كثيرة لمعظم المنتجات– من جراء حالة الركود الملازمة لتلك التجارة منذ أكثر من ثلاثة أعوام، ولا تبدو انفراجة قريبة في الأفق، وذلك مرتبط بعوامل كثيرة يأتي على رأسها الحالة الاقتصادية الضعيفة والمتردية للمواطن المصري البسيط أو زبون المحمول الرئيسي.. 

 

ذلك المواطن الذي كان يبدِّل المحمول كثيرا ويستبدل به الأحدث، لكن مع حالة الغلاء غير المسبوقة في كل شيء خاصة من جانب الحكومة، التي رفعت أسعار كل شيء من خدماتها خاصة الطاقة، وكانت النبراس للقطاع الخاص ليرفع من أسعاره، صار المواطن بين شقي الرحى يُطحن على مهل وغير قادر على شراء محمول جديد فضلا عن استبداله، وصار يلهث خلف لقمة العيش والضروريات جدا ليتمكن من تغطية أحوال أسرته الضرورية مستغنيا عن بعض السلع وأولها المحمول بالطبع. 

 

وبالطبع كان من ضمن أسباب ركود سوق المحمول ارتفاع الأسعار نتيجة أزمة الدولار والتضخم وانكماش الجنيه في مقابل الدولار الذي يتم به استيراد المحمول، وتأثرت الشركات العاملة بحالة الانكماش التي عانى منها السوق خلال الفترات الماضية؛ الأمر الذي تسبب في تأثر التجار كونهم حلقة من سلسلة التوريد لأجهزة الموبايل.


وعانى سوق الموبايل خلال آخر أربع سنوات من ارتفاعات كبيرة في الأسعار فضلا عن تناقص كبير في الأجهزة الجديدة المتاحة بالسوق بسبب صعوبة الاستيراد، وتحديات توفير الدولار الأمر الذي ضغط على الشركات المصنعة للموبايل ودفع بهم لإعادة هيكلة خططهم التسويقية وتقليصها بشكل لافت للنظر. 

 

وقد تأثر دخل تجار المحمول كثيرا، ففي السابق كانت محلات المحمول تحصل من مشغلي خدمات المحمول على حوافز مالية ما يوازي 25 ألف جنيه شهريا أو أكثر فيما يعرف باسم "حافظ يافطة"، وذلك نظير وضع اللوجو الخاص بمشغل المحمول على يافطة المحل.. 

 

وهذا الحافز المالي تم إلغاؤه منذ عدة سنوات. كذلك كان يحصل التجار على حوافز مالية نظير بيعهم لخطوط المحمول وترويجها وهو أيضًا توقف بعد قرار تنظيم الاتصالات قصر بيع خطوط المحمول على فروع شركات المحمول الرسمية فقط. 

 

وتم إلغاء برامج الحوافز المالية التي كانت تقدمها شركات الموبايل للتجار مقابل تحقيقهم مبيعات محددة لأجهزة الموبايل، والتي كانت عادة ما تكون مبالغ مالية أو جوائز ذهبية أو رحلات سفر لخارج مصر.


وبعد أزمة الدولار اتجهت كثير من الشركات للتصنيع المحلي، وكانت مصر تستورد قبل 3 أعوام هواتف ذكية بقيمة تتجاوز 1.5 مليار دولار سنويًا، إلا أن الدولة استهدفت وجود 4 شركات من ضمن أكبر 5 شركات عالمية، سامسونج، وأوبو، وشاومي، وفيفو، وتستهدف جذب أبل، بعدما كانت تواجهها مشكلة في توفر المكون الدولاري بسبب الأزمة الاقتصادية الماضية، وتم حل الأمر لكي تصل إلى مستهدفاتها.. 

 

وسوق المحمول يعاني من ركود تضخمي، بسبب ارتفاع أسعار الأجهزة الناجم عن تراجع قيمة العملة المحلية، والقيود التي كانت مفروضة خلال الفترة الماضية. وتراجعت واردات مصر من أجهزة المحمول خلال 2023 بنسبة 98.5%، لتبلغ 5.238 مليون دولار مقابل 343.275 مليون دولار خلال 2022. 

 

ورغم أن التصنيع المحلي ساهم في تحريك السوق، إلا أن الأمر يتطلب وقتًا لتوفير كميات كبيرة من الشركات، وبالتالي انخفاض الأسعار. وانخفضت مبيعات هواتف المحمول في مصر خلال الشهور السبعة الأولى من 2024، بنحو 36% لتصل إلى 4 ملايين و364 ألف جهاز، مقابل 6 ملايين و858 ألف خلال نفس الفترة من العام السابق. 

 

 

ورغم الركود إلا أن أسعار المحمول لم تشهد انخفاضا لعدة أسباب، منها عدم تراجع سعر الدولار مقابل الجنيه، والذي يعتبر عاملا أساسيا في تسعير الهواتف المحمولة. كذلك وجود ضوابط استيرادية يحجم من عدد الأجهزة المستوردة، وحتى المنتجات المصنعة في مصر تستورد نحو 60% من مكوناتها وبالتالي تتأثر بسعر الدولار.

كما أن الشركات المصنعة لمنتجاتها محليا مثل سامسونج وفيفو ونوكيا وانفينكس، لن تتمكن من تغطية طلبات السوق المحلية في الوقت الراهن نظرا لتصنيعها عددا محدودا من الأجهزة بموديلات الفئة المتوسطة والأقل فقط، مع تأثرها بسعر الدولار نظرا لاستيراد أغلب مكونات تلك الأجهزة.

الجريدة الرسمية