من أهرامات الماضي إلى تحديات العصر الحديث
كيف تستعيد مصر مجدها الحضاري؟
الحضارة المصرية القديمة واحدة من أعظم وأقدم الحضارات التي شهدتها البشرية، فهي التي قامت ببناء الأهرامات العظيمة في الجيزة والمعابد الرائعة في الأقصر وأسوان، وتقدمت في الطب والصناعة الزراعة، كما وضعت هذه الحضارة الأسس الأولى لنظام الدولة، وأسست أول جيش في العالم وبرعت في النحت والرسم والفنون.
لكن بالرغم من الإعجاب والتقدير الذي نكنه لماضي مصر المجيد، فإن التباهي بالماضي وحده ليس كافيًا، فالتفاخر بالإنجازات التاريخية لا يجب أن يكون عذرًا للتقاعس أو الإهمال في مواجهة تحديات الحاضر، ولا يجوز لنا أن نعيش في ظل إنجازات أجدادنا دون السعي لتجديد وإعادة بناء حضارتنا بطرق تتماشى مع تطورات العصر.. فالطالب الراسب الفقير لا يجوز له أن يدافع عن فشله بأن جده كان غنيًا وكان أستاذًا في الجامعة، فالحضارة من الحاضر وليس الماضي.. مصر حينما تقدمت وتفوقت على حاضرها وقريناتها من الدول آنذاك أصبح لديها حضارة، وهذه الحضارة مع مرور الزمن أصبحت تاريخًا وأثرًا بعد عين.
الحضارة ليست حكرًا على وطن معين أو حقبة زمنية معينة، كما أن باب التحضر لم يغلق، بل يمكن بناء حضارة جديدة اليوم وغدًا، وإذا نظرنا إلى عالم اليوم، نجد أن الحضارات الحديثة تتفوق بشكل كبير على تلك التي سبقتها وفق آليات العصر الحالي، فالبناء العملاق للأهرامات أصبح الآن تقنية قديمة مقارنة بتطورات عصرنا، لذلك فحضارة الحاضر الذي نعيش فيه تتطلب إنشاء مصانع للطائرات والسيارات والدبابات والآلات، لابد أن نخترق حاجز العلم ونأتي بالجديد في كل العلوم لا النظر إلى الماضي.
لا يجوز أن نستمر في النظر إلى الوراء والتغني بماضينا دون أن نلتفت إلى واقعنا الحالي ومتطلباته وتحقيق رفاهية المواطن.. علينا أن ننهض من حالة الثبات العميق التي نعيشها، وكأننا حصلنا على إجازة طويلة من بناء الحضارة التي استمرت لسبعة آلاف سنة، فلن يأتي التقدم من مجرد التفاخر بالماضي، بل من خلال البناء على إنجازات جديدة.
التاريخ يقدم لنا دروسًا مهمة، لكن الأهم هو أن نعمل اليوم بما يلائم العصر واحتياجاته، وعلينا أن نكون على مستوى التحديات التي تواجهنا، وأن نبني حضارة جديدة متطورة تتناسب مع تطورات العصر، فالعالم لن ينتظرنا، ونحن مطالبون بأن نكون جزءًا من هذا التطور بدلًا من أن نكتفي بالنظر إلى الوراء.