رئيس التحرير
عصام كامل

البيروقراطية.. المتهم الأول في انتشار المباني العشوائية

في ظل تزايد ظاهرة البناء العشوائي التي تؤثر سلبًا على الشكل الحضري للمدن وتؤدي إلى مشاكل اجتماعية واقتصادية، تظهر الحاجة الماسة إلى وضع حلول فعّالة للحد من هذا الوباء العمراني، أحد الحلول التي يمكن أن تساهم بشكل كبير في معالجة هذه المشكلة هو تسهيل قانون البناء من خلال نظام «البناء بمجرد الإخطار»، هذا النظام لا يهدف فقط إلى تسريع الإجراءات، بل أيضًا إلى تعزيز الرقابة وتقديم التوجيه الهندسي للمواطنين.   


يتيح نظام «البناء بمجرد الإخطار» للمواطنين البدء في البناء بعد تقديم إخطار للحي ودفع رسوم مالية ولتكن على سبيل المثال خمسة آلاف جنيه عن كل وحدة يتم بناؤها، وأن يوقع صاحب البناء على عقد بينه وبين الحي يتضمن التزامه بتنفيذ اشتراطات سلامة البناء والتشطيبات الخارجية، هذا النظام يهدف إلى تبسيط الإجراءات البيروقراطية التي غالبًا ما تكون معقدة وطويلة، مما يشجع المواطنين على الالتزام بالقوانين بدلًا من اللجوء إلى البناء العشوائي.


ضمن هذا النظام، يتعين على الحي إرسال مهندس للإشراف على عملية البناء، وأن يتم تعيين المهندس وفقًا لمعايير محددة لضمان عدم انحراف البناء عن الاشتراطات القانونية، وأن يحصل المهندس على نسبة معينة من رسوم البناء التي يدفعها المواطن ولتكن على سبيل المثال 20% من رسوم المبنى الذي يقوم بالإشراف عليه، وهو ما يخلق حافزًا قويًا لتقديم خدمات إشرافية فعّالة ونزيهة، كما يجب على المهندس المشرف أن يكون ملزمًا بالشفافية والمعايير الأخلاقية وتقديم النصح والإرشاد الهندسي.


وأن تتضمن الاشتراطات الرئيسية، أن يكون المبنى مستوفيًا لمعايير السلامة الهيكلية لضمان عدم تعرضه لأي مخاطر، وأن يُسمح للمبنى بالارتفاع إلى حد أقصى أربعة طوابق، دون تجاوز هذا الارتفاع تحت أي ظرف، ويحظر على المبنى أن يتضمن بروزًا مثل الشرفات أو التركيبات الأخرى مثل الدش أو التكييفات التي تخرج عن حدود المبنى مع اشتراط توسعة المناور من أجل هذه الاستخدامات وغيرها.. 

وأن يتم تشطيب الواجهة باللون الموحد للحي لضمان الحفاظ على جمال المنطقة، وألا يُسمح بالبناء على سطح الطابق الرابع نهائيًا، باستثناء سور بارتفاع متر ونصف، كما يُحظر استخدام السطح لأي أغراض أخرى باستثناء أطباق الدش، والمزروعات، والتكييفات، وخلايا الطاقة الشمسية.


ولا يحصل المواطن على الترخيص النهائي والسماح له بإدخال المرافق إلى المبنى إلا بعد التأكد من تحقيق جميع الاشتراطات المذكورة، وهذا الإجراء يهدف إلى ضمان الالتزام الكامل بالقوانين والحفاظ على التنسيق الجمالي والسلامة في المناطق السكنية.


ولحل مشكلة البناء على الأراضي الزراعية تظهر الحاجة إلى حلول استراتيجية توازن بين التوسع العمراني والحفاظ على الأراضي الزراعية، ويُعتبر الظهير الصحراوي لكل محافظة احتياطي استراتيجي مهم للتوسع العمراني، حيث يوفر مساحة كبيرة يمكن استخدامها لتخفيف الضغط على الأراضي الزراعية، بدلًا من البناء العشوائي على هذه الأراضي والأماكن المكتظة بالسكان.

 


فيجب أن يتم تقسيم الظهير الصحراوي إلى قطع أراضٍ صغيرة تتناسب مع احتياجات المواطنين مع تسهيل عملية البيع لهم بأسعار رمزية، وتطوير البنية التحتية وتوفير المرافق الأساسية وإنشاء شبكة طرق جيدة تضمن سهولة الوصول إلى المناطق السكنية الجديدة، وربطها بالمراكز الرئيسية والمدن الكبرى، وبناء المستشفيات والمدارس وإنشاء مناطق صناعية مجاورة، ويعد كل ذلك من الحلول التي تساهم في القضاء على ظاهرة تشويه المدن وانتشار العشوائيات.

الجريدة الرسمية