دبلوماسيون يحللون دعوة تركيا مجلس الأمن لفرض عقوبات على مصر...بيومي: تركيا قدوة الإخوان...الريدي: مصر دافعت عن سيادتها...شكري: مجرد كلام "فارغ"...يسري: مصر تستحق عقوبة تصل للغزو والغرب يرفض الإدانة
لا تزال ردود الأفعال الدولية الغاضبة تتوالى على مصر؛ بسبب قيام قوات الأمن أمس الأربعاء بفض اعتصام أنصار الرئيس المعزول محمد مرسي في ميداني رابعة العدوية والنهضة.
وأعلنت الدنمارك بتعليق مساعداتها الاقتصادية لمصر والتي تقدر بـ5.5 ملايين دولار، في حين تم استدعاء السفراء المصريين في كل من ألمانيا وفرنسا وبريطانيا للتنديد بفض الاعتصام.
أما تركيا التي تعتبر أبرز حلفاء جماعة الإخوان فقد اتخذت موقفا مختلفا؛ حيث دعت مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة للانعقاد من أجل وضع حد لما وصفته بـ"المجازر بحق المعتصمين" مطالبة بفرض عقوبات دولية على مصر.
وحول تحليل هذا الموقف قال السفير جمال بيومي - مساعد وزير الخارجية السابق والأمين العام لاتحاد المستثمرين العرب -: إن فكرة الاستعانة بتدخل مجلس الأمن أو الجمعية العامة للأمم المتحدة ضد أي دولة نابعة من الرغبة في ممارسة نوع من الضغط على أي حكومة تمارس العنف ضد شعبها، نافيا أن يكون هذا ما حدث في مصر.
واعتبر أن تركيا بالنسبة لمصر هي حالة خاصة؛ حيث عملت جماعة الإخوان المسلمين خلال سنوات حكمها على تقديمها باعتبارها النموذج الإسلامي الذي يجب أن يحتذى به، على الرغم من أن تركيا دولة علمانية تمنع شرائع الله كالحجاب وتعدد الزوجات.
وتابع مؤكدا أن تركيا لا يمكنها استخراج بيان معاد لمصر من مجلس الأمن، خاصة أن هناك بعض الدول كالولايات المتحدة وروسيا وبريطانيا لن تسمح بذلك، وبالتالي فأكثر ما يمكن عمله هو إصدار رئيس المجلس لبيان يطالب فيه المصريين بالسلمية وتهدئة أوضاعهم الداخلية.
وأكد السفير عبد الرءوف الريدي - سفير مصر السابق في الولايات المتحدة - أن أعضاء مجلس الأمن لن يوافقوا على طلب تركيا بتدخلهم من أجل فرض عقوبات على مصر؛ بسبب فض اعتصام أنصار المعزول، وأوضح أن الأعضاء لن يوافقوا على فرض عقوبات على دولة في حجم مصر.
وأضاف: إن تركيا نفسها استعملت نفس ما حدث في فض اعتصامات الإخوان مع الاحتجاجات التي حدثت في ميدان تقسيم، ولم تطلب أي جهة تدخل مجلس الأمن لنصرة المواطنين الأتراك.
أوضح الريدي أن فرض العقوبات على أي دولة يكون وفقا للفصل السابع لميثاق الأمم المتحدة، والذي لم يذكر أن تكون العقوبات على الدول؛ بسبب شئونها الداخلية، وإنما يختص بفرض العقوبات في حالة قيام دولة بالعدوان على أخرى.
ووصف السفير محمود شكري - سفير مصر السابق لدى سوريا - دعوة تركيا لمجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة بخصوص فرض عقوبات على مصر بأنه "كلام فارغ"، وأكد أن موقف مصر واضح في الدفاع عن سيادتها، كما أن الصور الموجودة من أحداث أمس هي خير دليل يدعمها في أي موقف.
وأضاف: إن ما تقوم به تركيا أو غيرها هو مجرد كلام لتعزيز مواقف الإخوان وإرهاب الدولة المصرية، في حين أن محترفي السياسة يعتبرون ذلك مجرد مهاترات لن تفيد في شيء، مشيرا إلى أن دول العالم استعملت نفس الأساليب التي حدثت مع الإخوان في فض اعتصامهم ومنهم تركيا ذاتها في ميدان تقسيم أو الولايات المتحدة في وول ستريت.
وتابع شكري: إنه لا يمكن فرض أي عقوبات على مصر، خاصة وأن موقفها الاقتصادي والإستراتيجي قوي ولديها من الأدوات ما يمكنها من الدفاع عن نفسها وفضح كل ما قام به الإخوان في الفترة الأخيرة.
ووصف السفير أحمد الغمراوي - مساعد وزير الخارجية الأسبق وسفير مصر السابق لدى العراق وأفغانستان - دعوة تركيا لمجلس الأمن والجمعية العامة للأمم بأنها فارغة من المضمون.
وأوضح أن ما حدث في مصر شأن داخلي بحت، في حين أن مجلس الأمن لا يتدخل إلا في حالة وجود ما يهدد الأمن العالمي كالحروب أو عدوان دولة على أخرى، وهو ما لم يحدث في مصر التي لم تعتد على أحد ولم تقسم العالم، وإنما استخدمت حقها في الدفاع عن سيادتها الوطنية.
وتابع الغمراوي قائلا: إنه من أغرب الأمور أن تلجأ دولة كتركيا إلى مجلس الأمن، دفاعا عن أنصار المعزول رغم أنها في وقت سابق استخدمت نفس الأساليب مع المتظاهرين الأتراك في ميدان تقسيم، وكذلك الولايات المتحدة التي احتلت العراق وضربت فيه بحقوق الإنسان عرض الحائط والتي دعمت الإخوان ودافعت عن بقائهم، معتبرا أن اختلاف المعايير هي "العدل المفقود في مجلس الأمن".
واختلف معهم في الرأي السفير إبراهيم يسري - مدير إدارة القانون الدولي والمعاهدات الدولية بوزارة الخارجية المصرية سابقا ورئيس جبهة الضمير - والذي قال: إن مصر من الممكن أن تتعرض للعقوبات الدولية نتيجة "المجازر" التي ارتكبتها قوات الأمن أمس الأربعاء بحق أنصار الرئيس السابق محمد مرسي.
وأضاف: إن دعوة تركيا لمجلس الأمن لفرض العقوبات على مصر قد يستجيب لها المجلس؛ حيث سيصدر قراره بإحالة القضية للمحكمة الجنائية الدولية، والتي ستصدر أحكاما وفقا للإجراءات القمعية التي اتخذتها القوات الأمنية بحق المعتصمين السلميين - على حد قوله -.
وتابع يسري: إنه على الرغم من وضوح الأدلة القمعية إلا أن إدانة مجلس الأمن لمصر لن تحدث؛ لأن الغرب والولايات المتحدة تحديدا لن يقبلوا بذلك، مشيرا إلى أن مصر من المفترض أن تتعرض للعقوبات الدولية حسب ميثاق الأمم المتحدة والتي قد تصل إلى الغزو، نافيا الرأي القائل بأن مصر لن تعاقب لأنها لم تخل بالأمن العالمي باعتبار أن ما يحدث شأن داخلي؛ حيث علق على ذلك بالقول: "هذه الحجة تعود إلى القرن الـ19 لأنه لا يوجد حاليا ما يسمى الشأن الداخلي".