الحداد الراقص
كعادته دائما، لم يكن التليفزيون الرسمى، على مستوى حادث قطار البدرشين المأساوى، الذى أودى بحياة نحو 20 جندى أمن مركزى، فضلا عن إصابة العشرات، ولم يواكب الحدث الجلل، وجاء أداؤه باهتا مُخجلا، ويؤكد مُجددا، أنه لن يتحرر من سلطة الحاكم، فكما كان "بوقا" للحزب الوطنى المنحل، صار إحدى أدوات جماعة الإخوان المسلمين، فى الكذب والتضليل.
التليفزيون الرسمى، الذى أذاع فيلما كوميديا، بالتزامن مع وقوع الحادث، اكتفى بعد ذلك، بوضع "علامة الحداد" على يسار الشاشة، فى الوقت الذى ظل يبث فيه، مواد ترفيهية وكوميدية، وكأنه "حداد زائف أو راقص"،لا قيمة له، مثل أصحابه.
فى الدول المتقدمة، التى تُعلى قيمة الإنسان، تهتز أركانها، لحظة مقتل إنسان، بسبب الإهمال أو القصور الحكومى، أما فى مصر، التى يحكمها الإخوان المسلمون، فإن الإنسان، يظل فيها، بلا قيمة، طالما ليس إخوانيا!!.
اكتفى وزير الإعلام الإخوانى، بوضع العلامة السوداء فقط، فيما لم تواكب المواد المذاعة، الحادث الأليم، ولم تحترم مشاعر أسر مصرية، وليست إسرائيلية، فقدت فلذات أكبادها، بسبب إهمال حكومى سافر وسافل.
ولأن نظام الإخوان، يصنف المصريين إلى فئتين، مصريين إخوان، ومصريين غير إخوان، فإن مقتل وإصابة العشرات، من أسر غير إخوانية، أمر يسير على قلب الرئيس محمد مرسى وجماعته، ولا يستدعى إقامة سرادقات العزاء، ولا الندب والبكاء، ولكن عندما تعلق الأمر "مثلا" باعتقال 11 إخوانيا مصريا، فى دولة الإمارات العربية المتحدة، تحرك وفد رئاسى رسمى، رفيع المستوى، من أجل إطلاقهم، رغم إدانتهم.
ولو كان من قتلوا من أعضاء الجماعة، أو مرشدها أو نائبيه، أو أيا من ذويهم، لتغير المشهد تماما، ولأصبح الحداد حقيقيا، وليس راقصا أو زائفا.
ولا يزال خالدا فى ذاكرة المصريين، كيف تعاملت وسائل الإعلام الحكومية والخاصة، مع وفاة حفيد الرئيس السابق، وكيف أوقفت القنوات الرسمية والخاصة، خريطة برامجها، واكتفت ببث آيات من القرآن الكريم، حدادا على الفقيد، أما فقراء الأمن المركزى، فلا قيمة لهم، لأنهم ليسوا إخوانا، ولا يستحقون حدادا، ولا حُزنا.