«علي الكسار» من سروجي إلى رائد كوميديا الارتجال.. سجنته السينما في دور النوبي.. هاجم الحشاشين والاحتلال الإنجليزي وانتقد العاطلين.. وتوفي مفلسًا
علي الكسار، حضرة صاحب الرفعة، فنان كوميدي تميز بالفطرة والبساطة في الأداء، علامة فارقة فى تاريخ المسرح الكوميدي المصري، عرفه الجمهور بشخصية عثمان عبد الباسط ـ ونافس الكوميديان نجيب الريحاني ليحتل عرش الكوميديا إلى جانبه، ولقب بالمليونير الخفى لكثرة ما كسب من المال، يتمتع بموهبة الحضور وارتجال الإفيهات والنكات، ورحل عام 1957.
ولد علي خليل سالم، الشهير بـ علي الكسار في مثل هذا اليوم 13 يوليو 1887 بشارع الشرنوبي بحى شبرا، لكنه تربى وعاش بحي السيدة زينب، بدأ حياته وهو طفل “سروجي” فى ورشة كان يملكها أبوه، ثم عمل طباخا مع خاله فعاشر بعض النوبيين وأخذ منهم اللهجة النوبية، سجنته السينما في دور النوبي البربري الساذج ليصبح رائد كوميديا الارتجال، بالرغم من جهله بالقراءة والكتابة لكنه تناول قضايا المجتمع فى مسرحياته فهاجم الحشاشين والاحتلال الإنجليزي وانتقد العاطلين بالوراثة.
عشق علي الكسار حياة المسارح وكان مترددا على مشاهدة المسرحيات املا في التمثيل، وانضم إلى عالم الفن عام 1907، وذلك بتكوين أول فرقة مسرحية له وسماها (دار التمثيل الزينبي) ثم انتقل إلى فرقة (دار السلام) بحي الحسين، ومنها إلى فرقة مسرحية باسم (مصطفى أمين وعلي الكسار) وقدم أولى مسرحياته عام 1916 باسم "حسن أبو علي سرق المعزة" التي كتبها يونس القاضي وقام بدور خادم نوبي.
على الكسار قدم شخصية عثمان عبد الباسط
وفي عام 1919 حيث قدم علي الكسار مسرحية (ليلة 14) على مسرح الماجستيك التي استمرت في عز اندلاع ثورة 1919 واستطاع أن ينافس شخصية "كشكش بيه" التي اشتهر بها نجيب الريحاني بتقديمه شخصية "عثمان عبد الباسط"، فكان يدير شخصيات مسرحياته بنفسه للرد على مسرحيات الريحاني.
وخلال مسيرته الفنية وصلت أعماله المسرحية إلى 160 مسرحية، والتي نجحت نجاحًا كبيرًا داخل مصر والدول العربية، ولكن لم يسعفه القدر لاستمرار مسيرته، وتم إغلاق مسرحه الخاص بعد انخفاض شعبيته بظهور وجوه مسرحية جديدة مثل إسماعيل يس.
الخالة الأمريكية.. بداية علي الكسار
بدأ على الكسار مشوار السينما بفيلم "الخالة الأمريكية" ليقدم بعده 36 فيلما في دور ثانوي، ثم كانت بدايته الحقيقية على يد المخرج الكسندر فاركاش فى فيلم "بواب العمارة "الذي نقل فيه شخصية عثمان عبدالباسط إلى السينما من إنتاج توجو مزراحى الذي قدمه ثانية في فيلم "غفير الدرك" عام 1926، كما قدم من خلاله أجمل أفلامه وأشهرها “ سلفني ثلاثة جنيه ” تبعها بأفلام: التلغراف، نور الدين والبحارة السبعة، ميت ألف جنيه، على بابا والأربعين حرامى، سلفني ثلاثة جنيه، يوم المنى، ألف ليلة وليلة، رصاصة في القلب، ألف ليلة وليلة، وردشاه، نرجس، بنت حظ وغيرها.
حضرة صاحب الرفعة التي لم ينالها الريحاني
أعجب به الملك فاروق ومنحه لقب حضرة صاحب الرفعة الوجيه علي أفندي الكسار وهو اللقب الذى لم يحصل عليه منافسه نجيب الريحاني، وكان من أغنى الممثلين حتى أنه سمى بصاحب الملايين، والمليونير الخفي لكثرة ما يكتنزه من أموال، ورغم ذلك كان يعيش عيشة بسيطة في أحد حوارى السيدة وشبرا.
قدم رواية البخيل باسم سرقوا الصندوق يامحمد
أعجب بـ علي الكسار الفنان العالمي "داني دينيس" رئيس فرقة الكوميدي فرانسسيز أثناء تواجده بالقاهرة عندما شاهده في مسرحية "سرقوا الصندوق يامحمد" المقتبسة عن رواية “البخيل“ لموليير من خلال شخصية عثمان عبد الباسط وعلق عليه قائلا: إنه في نبرات صوته وحركاته يعبر تعبيرا صادقا واضحا عن المعاني التي يحسها الناس ولقد شاهدت بخيل موليير من خلال عثمان عبد الباسط أعظم مما شاهدتها في بلدي فرنسا.
والفنان علي الكسار من أول الفنانين الذين غنوا ألحان سيد درويش على المسرح لصداقته للموسيقار سيد درويش ومن أشهر ما غنى له (محسبكو يا ناس انداس)، خلال مسرحية "ولسة" وبعد رحيله غنى الكسار من ألحان الشيخ زكريا أحمد.
أدوار هامشية وإفلاس علي الكسار
صعبت حياة علي الكسار في نهاية أيامه بعد ان نفدت أمواله نتيجة عدم إتاحة أعمال فنية له بعدما تناساه المخرجون، ووصل به الأمر أن أرسل خطابًا للشئون الاجتماعية عام 1950 متضررا من حالته المادية، وتمت الموافقة على عودته للمسرح الشعبي في طنطا لتقديم بعض العروض عليه، ووافق لاحتياجه للمال، وقضى ما تبقى من عمره هناك داخل غرفة مشتركة، وتراكمت عليه الديون على الممثل البربري، وقدم أدوارا هامشية، وآخر ها دور العبد نور في فيلم "أمير الانتقام" ليرحل بعده في حجرة درجة ثالثة بأحد عنابر مستشفى القصر العيني عام 1957..