كواليس أغنية «أيظن».. المجمع اللغوي اعترض على ركاكة الكلمات.. غنتها نجاة وخصصت إيراداتها لتعمير مدينة أغادير المغربية بعد تدميرها بزلزال قوي
في عام 1960 فازت قصيدة " أيظن" التي كتبها الشاعر نزار قبانى وغنتها نجاة الصغيرة ولحنها موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب، بالجائزة الكبرى فى المسابقة التى أقامتها دار الصياد الصحفية اللبنانية، وقد أقامت دار الصياد فى الرابع من يوليو 1960 مهرجانا باسم"الأنوار" لتكريم موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب مع الشاعر نزار قباني والمطربة نجاة الصغيرة، وذلك لفوزهم بالجائزة عن القصيدة الرائعة.
قصيدة أيظن غنتها نجاة لأول مرة عام 1960 بسينما ريفولى، وكان عمرها 22 عاما، وخصص إيراد حفلها لتعمير مدينة أغادير المغربية التي كان قد دكها الزلزال.
تكريم عبد الوهاب فى بيروت
لحضور المهرجان سافر موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب بالطائرة مضطرا إلى بيروت لحضور حفل التكريم بالرغم من أنه مصاب بفوبيا ركوب الطائرات والأماكن العالية، وكان هذا الحدث حديث الصحافة المصرية والعربية.
وكانت مؤسسة الصياد قد أقامت مسابقة لاختيار أحسن أغنية عربية من حيث جمال النص واللحن والأداء والذيوع والانتشار، وشكلت لجنة التحكيم من الكاتب مصطفى أمين وتقى الدين الصلح وأمين نخلة وتوفيق الباشا، واختارت اللجنة بالإجماع أغنية أيظن للفوز بالجائزة الكبرى.
ولضيق الوقت وانشغال الموسيقار محمد عبد الوهاب اضطر للسفر بالطائرة التى أصابه الرعب منها طوال حياته وسط دهشة الناس فى المطار حيث شوهد يرتل آيات الذكر الحكيم والعرق يتصبب منه خوفا وسط تطمينات زوجته نهلة القدسى.
وكان فى استقباله ببيروت سعيد فريحة صاحب دار الصياد وإبراهيم خورى رئيس تحرير مجلة الشبكة والمليونير تيودور خياط الذى كان يوزع ألحان الموسيقار فى لبنان من خلال مؤسسته الشهيرة.
سافرت المطربة نجاة الصغيرة الى بيروت لحضور حفل تكريم أغنية أيظن بمصاحبة الفرقة الماسية بقيادة أحمد فؤاد حسن قبل الحفل بأيام للتدريب وعمل بروفات السهرة التي ستعقب تسليم الجائزة بتقديم أغنيتها أيظن مع أحدث أغانيها على مسرح تياترو لبنان.
الموجى يرفض لعدم ملاءمة القصيدة
كانت نجاة قد عرضت قصيدة أيظن على كمال الطويل وبعده محمد الموجى لتلحينها فرفض لعدم ملاءمة القصيدة لصوت نجاة فأرسلت إلى جريدة الأخبار لنشر القصيدة التي قرأها محمد عبد الوهاب وأعجب بها وقرر تلحينها، فكانت أول قصيدة تغني من دواوين نزار قبانى في مصر.
المجمع اللغوى يعترض على ركاكة الكلمات
الغريب أن المجمع اللغوي اعترض على ركاكة كلمات أغنية أيظن وأن بها كلمات مثل "فساتين" ليست من أصل اللغة العربية، كما اعترض على الأغنية الأديب عباس محمود العقاد لكونها أغنية رديئة ولا ينطبق عليها قول القصيدة وأن مستواها لا يرقى لما يقدم في مصر من فن، كما أن بها مشاهد وصور جنسية لا تناسب ثقافتنا، وشمل الهجوم مؤلف الأغنية الشاعر نزار قباني.
أثارت اغنية " أيظن " جدلا كبيرا، وأنكر عليها البعض عروبة القصيدة لتضمينها كلمات إفرنجية بعيدة عن اللغة العربية مثل: زهور، فساتينها، وطلب مجمع اللغة العربية من عبد الوهاب استبدال كلمة فساتينى بكلمة ثوبى فرفض عبد الوهاب وقال إن القصيدة مودرن، وخرجت الصحف والمجلات تحمل آراء كتاب ومفكرى وموسيقى مصر في أغنية أيظن فأثنى عليها البعض وهاجمها البعض،
اعتراض بيرم التونسى على الاغنية
اعترض الشاعر بيرم التونسى على كلمات الأغنية التى كتبها نزار قبانى ووصفها بالزفة وليست القصيدة، وأنه بالرغم من أن نزار قبانى شاعر موهوب وعنده أبيات كثيرة كان يمكن أن تغنى بدلا من تلك الزفة غير اللائقة سواء في الوزن أو القافية أو المعنى.
كتب الأديب إحسان عبد القدوس يقول: أخشى على نزار قبانى من الشهرة الكبيرة التي حققتها أغنيته الأولى في مصر "أيظن" حتى أنه يكتب الشعر بعد ذلك كما يريده محمد عبد الوهاب لا كما ينبع من طبيعته الشعرية، فكم من الشعراء أفسدتهم كتابة الأغانى كما أفسدت الكتابة للسينما كثيرين من كتاب القصة، فليس على كل شاعر أن يصبح كاتب أغنية قبل أن يعرف الناس شعره، وقد صدر عن نزار خمسة دواوين لم يحصل مؤلفها عن الشهرة إلا بعد أن غنت لها نجاة الصغيرة.
صلاح عبد الصبور ويحيى حقى
وكتب الشاعر صلاح عبد الصبور: هناك مقولة إن الأغنية الشعبية هي التي تكتب بلغة رديئة هابطة ويكون كل اعتمادها على الإيقاع إلا أن أغنية نزار قبانى أيظن كذبت تلك المقولة بعد أن أصبحت أغنية شعبية بمجرد إذاعتها، كما أثنى الأديب يحيى حقى على الأغنية وقال: هي أغنية سليمة وعميقة الكلمات واللحن والأداء وشعرت بكلماتها عندما غنتها نجاة بصوتها أنها نقلت موسيقى الفرحة إلى أذنى.
وكتب الملحن محمود الشريف يقول: أيظن ليست هي أروع ألحان عبد الوهاب حتى تواجه كل هذا الانبهار والحفاوة لكنها في النهاية اغنية ناجحة.
وقال الكاتب نعمان عاشور: إن في لحن الأغنية نغما حزينا لا يتناسب مع تيمة التفاؤل والتصالح الموجود بكلمات القصيدة إلا أن صوت نجاة وأداءها كان من أهم عوامل نجاحها.
نزار يعترف: أيظن قصة حقيقية
وقال نزار قبانى: إن القصيدة هي قصة حقيقية لصديقة انفعلت بها وكتبتها، لكنها ليست قصتى أنا بأى حال من الأحوال، كما أن نجاة الصغيرة كانت هي الأفضل تعبيرا عن القصيدة التى تقول كلماتها:
أيظن أنى لعبة في يديه..أنا لا أفكر في الرجوع إليه / اليوم عاد كأن شيئا لم يكن.. وبراءة الأطفال في عينيه / ليقول لى إنى رفيقة دربه.. وبأننى الحب والوحيد لديه / خبأت رأسى عنده.. كأننى طفل أعادوه إلى أبويه / حتى فساتينى التي أهملتها.. فرحت به رقصت على قدميه / وبدون أن أدرى تركت له يدى.. لتنام كالعصفور بين يديه..
كامل الشناوى يرشح ايظن
وقالت نجاة الصغيرة فى مجلة الكواكب عام 1960:عقب إذاعة الأغنية: عدت بذاكرتي إلى تلك الأيام الحلوة التي شهدت بداية اللقاء بين شعر نزار وبيني، عدت أتذكر كيف غنيت رائعة نزار "أيظن، وصحبتنى الذكريات" إلى يوم أن كنت في زيارة للشاعر الكبير كامل الشناوى، الذي كانت تربطني به علاقة عميقة من الود والتعاطف والتفاهم والتشجيع، وفاجأني الأستاذ الشناوى بسؤال لم أتوقعه. قال: إلى متى نتكلم ونغني بالعامية ؟ لماذا يا نجاة لا تغني قصائد مختارة ؟ ووجدتني أسأله: زى إيه يا أستاذ كامل ؟ قال بحماس: زى القصيدة دى".
أول قصائد نزار تغنى فى مصر
وأضافت الفنانة الكبيرة نجاة الصغيرة في مقالها: " أمسكت بالقصيدة، وزحفت عيناي وثابة فوق الكلمات والسطور، وكان عنوان القصيدة "أيظن"، أعجب عبد الوهاب بالقصيدة وعلى الفور قام بالاتصال بنزار الذي أبدى سعادة كبيرة عندما عرف أن عبد الوهاب سيلحن قصيدة أيظن لتغنيها نجاة الصغيرة، فقد كانت أول قصيدة تغني من دواوينه في مصر".
نقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوادث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.