رئيس التحرير
عصام كامل

في ذكرى ميلاده.. عباس محمود العقاد حصل على الابتدائية وثقف نفسه بنفسه.. فاق في علمه فطاحل حملة الشهادات العليا.. هاجم نابليون وهتلر.. وهذا سر حبه للعزلة

الاديب عباس محمود
الاديب عباس محمود العقاد

عباس محمود العقاد، عملاق الفكر والقلم، الأديب العصامى والكاتب الموسوعي، قامة أدبية وثقافية كبيرة، لقب براهب الفكر وصاحب العبقريات، ولد فى مثل هذا اليوم 28 يونيو عام 1889 بمحافظة أسوان، لأسرة فقيرة فيعمل والده موظفا وجده يعمل بمصنع للحرير ومن هنا سمى بالعقاد.

لم يحصل سوى على الشهادة الابتدائية لكنه أخذ على عاتقه مهمة تثقيف نفسه بنفسه، عشق القراءة والاطلاع في مختلف نواحى الحياة، لكنه فاق في علمه وثقافته فطاحل كثيرة من حملة الشهادات العليا، فعكف منذ صغره على قراءة التراث العربى وكتاب ألف ليلة وليلة ودائرة المعارف وكتابات عبدالله النديم والصحف القديمة ورحل عام 1964.

العقاد: الشهادات الدراسية ليست مصدر المعرفة 

ويتحدث الأديب عباس محمود العقاد عن بداياته وسيرة حياته فى كتابه " أنا " فيقول: يقال عنى أنى لم أحصل على شهادة عليا ولكن المعرفة تتحقق بإرادة الإنسان، وأن الشهادات الدراسية قد تكون تسجيلا لمرحلة تعليمية، أو جانبا من التخصص لكنها ليست وحدها مصدر المعرفة ,

الاديب عباس محمود العقاد 


وقال العقاد: لم يكن مصروفى يزيد على خمسة مليمات أي بتعريفة في اليوم يمكن أن تصل إلى خمسة قروش في الأسبوع استلمها كل يوم خميس. فلا أشترى بها مأكولات أو حلويات أو فاكهة، ولا أذهب بها إلى ملعب البهلوان أو صندوق الدنيا إن كان بالمدينة ملعب، فالبهلوان لا يقيم في بلدنا إنما يأتى إليها كل بضعة أشهر.

العقد الفريد ومقامات الحريرى 

وإذا كان معى ثمن الكتاب اشتريته لساعته وإلا أعطيت العطار "الدكان الذي كان يبيع الكتب" قرشين بعد قرشين حتى يتم الثمن المطلوب. بهذه الطريقة قرأت العقد الفريد وثمرات الأوراق والمستطرف والكشكول ومقامات الحريرى وبعض الدواوين. ساعدتنى من المصادفات التي لا تتيسر إلا كل حين حيث كانت أسوان يومئذ مرتادا لمئات السائحين كل شتاء. وكان فيها فندقان كبيران وفنادق أخرى دونهما في العظم والوجاهة تزدحم جميعا بالسائحين من مختلف أقطار العالم.

بيت العقاد فى اسوان 

تعودنا فيها أن نرى كل شتاء مكتبات عامرة بالمراجع التاريخية والقصص والصحف والمجلات الأدبية والفكاهية، ولم يكن من العسير علينا أن نحصل على بعضها بالثمن المستطاع بل كان يتفق أحيانا أن يزور مدرستنا أناس من علية السائحين ومعهم أبناؤهم وبناتهم يطلبون تبادل الرسائل، ويبعثون إلينا بالهدايا من الكتب التي تعجبهم ويقدرون أنها تعجبنا.

العقاد: أسوان هى مدرستى 

يقول الأديب عباس محمود العقاد: إذا ذكرت أسوان.. بلدتى جاز لى أن أذكرها فأقول مدرستى، ولأنى كما أسلفت أدين بالإنسانية في الأدب.. وبالعالمية في السياسة، وبالوطن الذي تتسع له آفاق الفكر وآفاق الشعور"

العقاد: حاربت هتلر ونابليون 

وأضاف العقاد: لكننى أعلم علم اليقين أننى لم أعامل إنسانا قط معاملة صغير أو حقير إلا أن يكون ذلك جزاء له على سوء أدب، وأعلم علم اليقين أننى أمقت الغطرسة على خلق الله، ولهذا أحارب كل ديكتاتور بما أستطيع ولو لم تكن بينى وبينه صلة مكان أو زمان، كما حاربت هتلر ونابليون وآخرين.

العقاد: المجازفة سبب نجاحى فى الحياة 

يقول العقاد:اعمل عن حب لما اعمله وأحب ان احتفظ بحريتى ولا أحمل احد مسئولية كتاباتى وآرائى، وأنا أميل الى التنظيم والمثابرة ولذلك استطعت أن أجمع بين العمل فى المجمع والتأليف والسياسة والبرلمانى اعطى لكل حق حقه، وكنت امارس السباحة فى اسوان وانا طالب مع خطورة السباحة هناك حيث التماسيح تهدد كل من يجازف بالسباحة وقد افادتنى هذه الرياضة من الناحية النفسية فعلمتنى المجازفة التى كانت سبب نجاحى فى الحياة.
 

صورى تجمع بين عباس العقاد والنحاس وطه حسين 

فى سرد الذكريات يقول الكاتب عباس العقاد: علمتني الحياة خطتين في سياستي مع الناس، خطة اتبعها فيما يصيبني من الناس، وخطة فيما يصيب الناس مني، فاسترحت كثيرا من تبديد شعوري في غير طائل، وعرفت كيف يكون الاقتصاد في إنفاق الثروة، أما خطتي فيما يصيبنى من الناس فهي أن أتناول طباعهم وأخلاقهم جملة واحدة ولا أفرق بينهم على حسب اختلاف الأشخاص والأفراد.

العقاد: جعلت للناس جميعا حسابا واحدا 

كان الخلق الواحد في مبدأ الأمر يسبب لي الألم وخيبة الرجاء عشرات المرات بل مئات المرات، وكنت في كل مرة أشعر بصدمة المفاجأة كأنني أكتشف شيئا جديدا لم أكن أتوقعه من قبل، ثم تعودت مع الزمن أن أجعل للناس جميعا حسابا واحدا في رصيد المكسب والخسارة، فهبطت الخسارة كثيرا على الأقل، وهذا في ذاته كسب معدود.

اما خطتي فيما يصيب الناس مني فهي أن أسأل نفسي كلما شعرت بسخطهم وانتقادهم "هل الأمر يعنيني" وبعبارة أخرى هل يضيرني أن أفقد رضاهم، وهل يعنيني أن أفقده، فإذا كان في الأمر ما يضير أو ما يعيب فالأمر يعنيني، ولابد من معالجته بما أستطيع وإلا فلا وجه للتعب والاكتراث، وعولت دائما على المقياس العملي لأن الجري وراء النظريات لا ينتهي إلى غاية.

عباس العقاد 

يحكى العقاد ويقول:ومن التجارب الكثيرة في الأشخاص الذين عرفتهم حق المعرفة تبين لي أنهم يحتالون ويتعبون عقولهم وضمائرهم في الاحتيال، طلبا للشهرة التي لا تهمهم لذاتها، ولكنها تهمهم لغاية يصلون إليها من ورائها، وحمدت الله لأن تلك الغاية لا تهمني أنا، ولا تستحق عندي أن أبذل فيها أقل تعب، حتى لو استطعته كل لحظة، وكنت كمن يتمنى نصيبا من المال ليشتري به شيئا، ثم علم أن الشيء لا يستحق الشراء، فاستغنى عن المال واستغنى عن تمنيه.

ورثت حب العزلة 

وأضاف العقاد: حب العزلة عادة لم أتعلمها من الحياة، بل أخذتها من أبوي الاثنين بغير تعليم، فمن استطاع أن يتعلمها فليتعلمها إن كانت تعنيه، أما أنا فكانت حياتى.


ونقدم لكم من خلال موقع "فيتو"، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم، أسعار الدولار، أسعار اليورو، أسعار العملات، أخبار الرياضة، أخبار مصر، أخبار الاقتصاد، أخبار المحافظات، أخبار السياسة، أخبار الحوادث، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي، الدوري الإيطالي، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا، دوري أبطال أفريقيا، دوري أبطال آسيا، والأحداث الهامة والسياسة الخارجية والداخلية، بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.

الجريدة الرسمية