رئيس التحرير
عصام كامل

حتى لا يتكرر سقوط الضحايا على العتبات المقدسة

أكرمنى الله بأداء فريضة الحج هذا العام، وكنت قريبا من المشهد العام لتنظيم وظروف ومعطيات الموسم الحالي للشعيرة الأكثر جلالا وتقديسا في قلوب ونفوس المسلمين باختلاف ألوانهم وألسنتهم وخلفياتهم، وأدمى قلبي -كغيري- الأرواح الكثيرة التي لقيت بارئها على اعتاب وفي أثناء الرحلة المقدسة.. 

 

وبغض النظر عن تصنيف الشهداء/ الضحايا ما بين حجاج نظاميين أو غير نظاميين، إلا أن هناك الكثير الذي يجب أن يقال  من باب الإسهام في فهم ما جرى، والوصول لرؤيه تضمن موسم حج أكثر قدرة على  استيعاب الأعداد المتزايدة المتشوقة لأداء الفريضة، وأكثر تكيفا مع حقائق المناخ القاسي الذي أصبح سمة المشاعر المقدسة، وسوف ألخص ما لدى في نقاط محددة:


- إقرار وتطبيق  القواعد التنظيمية لموسم الحج مسئولية مشتركة بين المملكة العربية السعودية من جانب، والدول التي يفد منها الحجاج من جانب آخر، والتسامح في خرق بعض هذه القواعد التنظيمية (حصة كل دولة- تاشيرة الدخول- ترتيبات التفويج.. الخ) كان أحد الأسباب غير المباشرة في سقوط ضحايا.. 

 

حيث تسبب فتح نظام تأشيرات الزيارة أثناء موسم الحج من جانب السلطات السعودية في دخول مئات الآلاف للمملكة بغرض أداء مناسك الحج بطريقه غير شرعية، وهو ما ترافق مع قيام شركات وأفراد في دول مختلفه -منها مصر- باستغلال نظام الزيارة في محاولة إغراء أعداد ضخمة من مواطني هذه الدول بأداء الفريضة.. 

 

ونحن هنا أمام نتيجة تستوجب على سلطات المملكة إعادة النظر في فتح تأشيرات الزيارة أثناء موسم الحج، وتستوجب من وزارة السياحة المصرية تفعيل أدواتها الرقابية والعقابية للشركات والأفراد الذين ارتكبوا جريمة إستغلال هذه التأشيرات.

 
- ⁠من بعد جائحة كورونا لم تستعيد مصر حصتها المنطقية من تأشيرات الحج، وعندما نقول حصتها المنطقية فإننا نتحدث عن حصة تتناسب مع الوزن الديموجرافي وحجم الطلب على أداء الفريضة، ونعتقد أن هذه النسبة يمكن أن تصل إلى ضعف العدد الحالي المخصص لمصر (أكثر قليلا من 50 ألف تأشيرة)، وهو ما يتطلب حوارا على المستوى الاستراتيجي بين السلطات المعنية لدى الشقيقتين (مصر والمملكة العربية السعودية) بهدف مضاعفة هذا الرقم وصولا إلى 100 آلف تأشيرة.


- ⁠ مكة المكرمة ومشاعرها المقدسة أصبحت تعيش واقع مناخي مختلف جذريا عما كان الوضع عليه سابقا، وعلى الرغم من العمل الملحمي والتطوير المستمر والسخاء الحاتمي في الإنفاق على أعمال البنية الاساسية من خلال  حكومة خادم الحرمين الشريفين، إلا أن معطيات الواقع المناخي الجديد تدعو لتبني رؤية جديدة لحلول البنية الاساسية والنقل ومسارات الحركة بمكة ومشاعرها المقدسة..

 

 ولا أبالغ إذا ما قلت أن تأثير التغير المناخي والارتفاع المرعب في درجات الحرارة بدا وكأنه وحش يلتهم كل ما يقدم إليه من استثمارات في مجال البنية الاساسية الداعمة لتيسير مناسك الحج، وأصبح هناك حاجه ملحة لمبادرة المملكه تحت مظلة رؤيتها الطموحه 2030 بتبنى برنامج  شامل لإعادة تأهيل البنى الاساسية وترتيبات النقل والحركة وأداء المناسك في المشاعر المقدسة على نحو مستدام يأخذ في اعتباره التأثير المتصاعد لحقائق المناخ على  نظام أداء  المناسك.


- ⁠يبقى للإجتهاد الفقهي دورا محوريا في المرحلة المقبلة، ومطلوب حوار عميق ومنفتح بين أنصار كافة المذاهب والمرجعيات الدينية في العالم الإسلامي بشأن متضمنات ومناسك وتفاصيل الحج والعمرة.. 

 

 

فالأمر بحاجة لتكوين رؤية فقهيه لا تخاصم صحيح الدين وتتبني  مقاصد الشرع الشريف وتأخذ في اعتبارها مقتضيات الواقع ومصلحة الناس، لتكون ظهيرا دينيا لازما يساعد السلطات المعنية عن الحج والعمرة في المملكة على وضع قواعد تنظيمية قد تجنح نحو إعادة تنظيم بعض المناسك، أو تقييد بعض المباحات والنوافل.

الجريدة الرسمية