رئيس التحرير
عصام كامل

صلاة العيد فوق أنقاض المسجد!

منظر يمزق القلب.. منظر أهل جباليا شمالى غزة يؤدون صلاة عيد الأضحى المبارك فوق الأنقاض. أنقاض المسجد بالحى. خراب ودمار من حولهم وموت شبه مؤكد يحوم فوقهم. افترش الكبار من الرجال والنساء الأرض، ومعهم الأطفال، وكل هؤلاء يكبرون ويحمدون ويدعون.. 

 

وكل هؤلاء مرشحون في أية لحظة أهدافا سهلة لقناص نازى حقير، أو غارة طيار إسرائيلي وضيع. أو قذيفة مدفع محملة بالكراهية والحقد الدفين. التحية لأهل غزة فرض وواجب. صابرون صامدون محتسبون راضون. يشيعون موتاهم وهم يبكون ويصرخون ويستغيثون ولا مغيث. 

العشرات يوميا يرتقون الى جنة الشهداء، وإذ يرتقى شهداء تلحق بهم زمرة تالية من الشهداء.

بالمقارنة، ترى إسرائيل فى حالة مسعورة، بكاء وعويل ودموع، وبيان للنازى المسعور نتنياهو، وبيان للمتحدث الرسمي للجيش الاسرائيلي، يبكون وينعون وينعقون قتل ثمانية بينهم ضابطان، أمس، وضابطان اليوم، في سلسلة أفخاخ مدبرة ببراعة عقل ذكي، تتصيد جند العدو جبانا بعد جبان.


ما بالكم أيها القتلة بالأم الفلسطينية والأب والأخ والأخت. والاطفال، جميعهم فقدوا سبعة وثلاثين ألف شهيد وأكثر من خمسة وثمانين مصابا، وهناك الأف الأطفال بلا أم ولا أب ولا أي قريب!
ثم أطفال يموتون جوعا، شهداء الجوع حقا، فى عصر الوفرة في الخيرات، وعصر الندرة فى الانسانية، وعصر الوحشية الامريكية والاسرائيلية، يستشهد اطفال جوعا. 

 

هل تتخيلون كيف يموت طفل من الجوع ؟ طفل جائع، لا يجد لقمة، تنسحب منه كل الحياة، يجف لحمه، يرق جلده، يشف الجلد عن عظام الصدر والساقين والذراعين، وتغور العيون في الجمجمة وتزرق الشفاه وتنحف ويجف اللسان جفافا، وتراجع الأم الجائعة الصابرة ملامح طفلها، فتراه شبحا، روحا تذوى قطرة قطرة..


ما أعظم الأم الفلسطينية، في محنتها الكبرى صابرة، جائعة، صامدة، ولحوم الأضاحى من لحومهن ولحوم أزواجهن وأبنائهن، ولحوم الأضاحى في بيوت مليارى مسلم، لا ينال منها الجوعى الفلسطينيون سوى الصور التلفزيونية! 

 

تبكي إسرائيل تتابع قتلاها يوميا في فخ غزة، ولا بد أن رئيسة الوزراء الإيطالية الشجاعة أصابت القادة الإسرائيليين بالغيظ الشديد، إذ سخرت منهم بأنهم سقطوا في فخ حماس، ويتساقطون، وهو ما عبر عنه قادة عسكريون فى الاحتياط بالجيش النازى من أنهم لا يقاتلون حماس بل يسقطون في المصائد والكمائن ويقتلون.


التخبط لم يبلغ فقط القرار السياسي في المشهد المأساوى الحالي، فقد كشفت حرب غزة عن تخبط في القرار العسكرى، وتمرد ميداني، بل هناك مجهول أصدر تعليمات بوقف العمليات دون أن يرجع لوزير الدفاع، ولا مجلس الحرب، وهناك من قرر استئناف القتال، وهناك من يعلن إنهاء عملية رفح وشيكا لنقل الحرب إلى بيروت.. 

وهناك من يحذر من أن الحرب مع حزب الله ستكون محرقة للمدن الإسرائيلية، وهناك من يطلب خمسة عشر ألف جندي لتعزيز الجيش، بينما نتنياهو يرفض تجنيد الحريديم، اليهود المتطرفون الذين يرفضون الخدمة العسكرية.


لولا صمود المقاومة، من جند حماس والقسام والجهاد وألوية صلاح الدين وسرايا القدس، لولا تضحيات وشجاعة كل رجل وأم وطفل في غزة والضفة، ما انفضحت العسكرية الإسرائيلية وتعرت على هذا النحو، وباتت قوة لا تقاتل إلا بالطيران.. لا مواجهة، ولا خطط، ولا تكنيك، بل رد فعل لكمائن الرجال تحت الأرض وفي أزقة غزة.
التحية واجبة حقا لكم أهل فلسطين.. عوض الله صبركم خيرا.

الجريدة الرسمية