ملك الموت، تفسير الشعراوي للآية 11 من سورة السجدة (فيديو)
سورة السجدة، الموت حقيقة واضحة، يتناساها الإنسان بانشغاله في أمور الدنيا، فقد أوضح الشيخ محمد متولي الشعراوي في خواطره بسورة السجدة، كيف يأتي أمر الموت من الله إلى ملائكته الموكلين بقبض الأرواح، كما ساقه ذلك إلى إثبات رفع النبي عيسى عليه السلام إلى السماء.
سورة السجدة الآية 11
قال تعالى: «قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ».
تفسير الشيخ الشعراوي للآية 11 من سورة السجدة
قال الشيخ محمد متولي الشعراوي: تلحظ هنا أنهم يتكلمون عن البعث «وقالوا أَئِذَا ضَلَلْنَا فِي الأرض أَئِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ...» (السجدة: 10) ومعلوم أن البعث إيجاد حياة، فإذا بالقرآن يُحدِّثهم عن الوفاة، وهي نقْضٌ للحياة، ليُذكِّرهم بهذه الحقيقة، ومعنى «يَتَوَفَّاكُم.» من توفيت دَيْنًا من المدين، أي: أخذتهُ كاملًا غيرَ منقوص، والمراد هنا الموت، والتوفِّي يُنسَب مرة إلى الله عز وجل: «الله يَتَوَفَّى الأنفس حِينَ مَوْتِهَا» (الزمر: 42).
نَسَب الوفاة إلى ملك الموت
وأضاف الشعراوي: ويُنسَب لملك الموت «قُلْ يَتَوَفَّاكُم مَّلَكُ الموت الذي وُكِّلَ بِكُمْ...» ويُنسب إلى أعوانه من الملائكة «حتى إِذَا جَآءَ أَحَدَكُمُ الموت تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لاَ يُفَرِّطُونَ» (الأنعام: 61)، لأن مسألة الموت أمرها الأعلى بيد الخالق سبحانه، فهو وحده واهب الحياة، وهو وحده صاحب الأمر في نَقْضها وسَلْبها من صاحبها؛ لذلك حرَّم الله القتل، وجعل القاتل ملعونًا؛ لأنه يهدم بنيان الله، فإذا قدَّر الله على إنسان الموت إذِن لملَك الموت في ذلك، وهو عزرائيل.
ثلاث مراحل لأمر الموت
وأكمل الشعراوي: إذن: هذه المسألة لها مراحل ثلاث: التوفِّي من الله يأمر به عزرائيل، ثم يأمر عزرائيلُ ملائكته الموكِّلين بهذه المسألة، ثم ينفذ الملائكةُ هذا الأمر، وتأمل لفظة «تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا...» (الأنعام: 61) أي: أخذتْه كاملًا، فلم يقُلْ: أعدمتُه مثلًا؛ لذلك نقول قُبضت روحه أي: ذهبتْ إلى حيث كانت قبل أن تُنفخ فيه، ذهبت إلى الملأ الأعلى، ثم تحلَّل الجسد وعاد إلى أصله، وذاب في الأرض، جزئية هنا وجزئية هناك، كما قالوا: «أَئِذَا ضَلَلْنَا فِي الأرض أَئِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ...» (السجدة: 10).
رفع النبي عيسى إلى السماء
وأردف الشعراوي: فالذي يُتوفَّى لم يُعدم، إنما هو موجود وجودًا كاملًا، روحه وجسده، والله قادر على إعادته يوم القيامة؛ لذلك لم يقُلْ أعدمنا، وهذه المسألة تحلُّ لنا إشكالًا في قصة سيدنا عيسى- عليه السلام- فقد قال الله فيه: «إِذْ قَالَ الله ياعيسى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ...» (آل عمران: 55)، فالبعض يقول: إنه عليه السلام تُوفِّي أولًا، ثم رفعه الله إليه. والصواب أن واو العطف هنا تفيد مطلق الجمع، فلا تقتضي ترتيبًا ولا تعقيبًا، واقرأ إنْ شئتَ قول الحق سبحانه وتعالى: «وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النبيين مِيثَاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِن نُّوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وموسى وَعِيسَى ابن مَرْيَمَ...» (الأحزاب: 7)، والخطاب هنا للنبي محمد صلى الله عليه وسلم ونوح عليه السلام قبله.
وتابع الشعراوي: فالمعنى هنا أن الله تعالى قدَّم الوفاة على الرفع، حتى لا يظن أحد أن عيسى- عليه السلام- تبرأ من الوفاة، فقدَّم الشيء الذي فيك شكٌّ أو جدال، وما دام قد توفّاه الله فقد أخذه كاملًا غير منقوص، وهذا يعني أنه لم يُصْلَب ولم يُقتل، إنما رفعه الله إليه كاملًا، وقوله تعالى: «قُلْ يَتَوَفَّاكُم مَّلَكُ الموت..» جاءت ردّا على قولهم: «أَئِذَا ضَلَلْنَا فِي الأرض أَئِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ...» (السجدة: 10) فالحق الذي قال أنا خلقتُ الإنسان لم يقُلْ وأنا سأعدمه إنما سأتوفاه، فهو عندي كاملٌ بروحه وبذراته التكوينية، والذي خلق في البَدْء قادر على الإعادة، وجمع الذرات التي تشتتت.
ملازمة ملك الموت للإنسان
واختتم الشعراوي: وقوله عن ملك الموت «الذي وُكِّلَ بِكُمْ..»، أي: يرقبكم ولا يغفل عنكم، يلازمكم ولا ينصرف عنكم، بحيث لا مهربَ منه ولا فكَاك، كما قال أهل المعرفة: الموت سهم انطلق إليك فعلًا، وعمرك بمقدار سفره إليك، فهو واقع لا محالة. كما قلنا في المصيبة وأنها ما سُمّيت مصيبة إلا أنها ستصيبك لا محالة، وقوله: «ثُمَّ إلى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ» أي: يوم القيامة.
ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوادث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.