رئيس التحرير
عصام كامل

فيتو تجرى جولة داخلها لرصد معاناة المرضى.. المستشفيات الحكومية.. الحصن الأخير للغلابة.. المرضى: ندبر أسعار الكشف والانتقالات بصعوبة.. والمستشفيات أملنا الوحيد فى العلاج

فيتو تجرى جولة داخلها
فيتو تجرى جولة داخلها لرصد معاناة المرضى

المستشفيات الحكومية هى الحصن الباقى لملايين المصريين من البسطاء والفقراء ممن يترددون عليها للكشف وصرف العلاج بعد أن أصبح عبئا على المريض شراؤه، لإنقاذ حياتهم مجانا داخل هذه المستشفيات، هذا ما تقوله محصلة جولة أجرتها “فيتو” جولة على عدد من المستشفيات الحكومية لرصد تردد المرضى محدودى الدخل عليها والصعوبات التى يواجهونها وكذلك حجم الخدمات التى تقدمها هذه المستشفيات للمترددين عليها والعبء الذى تتحمله فى علاجهم.

ومنذ لحظة الوصول إلى شارع قصر العينى تسمع صوت مسن يتحدث فى الهاتف المحمول مع أحد أبنائه ويقول “أيوه، جبت العلاج بس دلوقتى ممعيش فلوس أروح، تعالى خدني”، وفى الطريق إلى مستشفى قصر العينى نجد المرضى وأهاليهم ممن يفترشون الأرض ويتخذونها كأسرة، وهم أهالى المرضى المحتجزين بالمستشفى الذى قدموا من جميع المحافظات للقاء ذويهم  فى “مصر” كما يطلق أبناء الريف على القاهرة الكبرى.

وتظهر المعاناة الحقيقية عندما تدخل المبنى العملاق نفسه، وتستمع لحكايات وشكاوى من يترددون عليه بانتظام حتى يحصلون على فرصة فى العلاج بدون الحاجة لدفع مئات الآلاف من الجنيهات التى لا يمتلكونها.

فتاة فى مقتبل العمر لا تتعدى الـ28 عامًا تدعى سمر وبرغم صغر عمرها، إلا أنها تتردد على مستشفيات القصر العينى منذ عام ونصف تقريبًا، إذ من المقرر أن تخضع لعملية خطيرة فى القولون.

وتترد سمر على مستشفيات قصر العينى كل أسبوع لتسأل الأطباء عن موعد العمليات الجراحية المقررة لها منذ أكثر من عام ونصف، وبرغم سعى سمر التى ذهبت لأحد مسئولى قسم الجراحة فى عيادته الخاصة لتخبره بما يحدث معها ويرد عليها فى كل مرة: “إيه ده أنتى إزاى قاعدة كل ده من غير عملية، هاتى رقمك وهنتصل بيكى فى خلال يومين”، لتدخل سمر فى دائرة مغلقة ولا تجرى لها الجراحة.

وعندما سألت “فيتو” سمر لماذا لا تجرى العملية خارج القطاع الحكومى، قالت: “الثلاث عمليات مع بعض تكلفتهم تزيد على 100 ألف جنيه، بالإضافة إلى أن العملية صعبة ويجب أن يجريها أستاذ لديه خبرة واسعة مما يزيد من سعر التكلفة لو كانت فى مستشفى خاص، ولا أستطيع تدبير كل هذه التكاليف المادية خاصة إنى طالبة دراسات عليا ووالدى على قد حاله”.

وأضافت سمر أنها حضرت إلى المستشفى حتى تتشاجر مع الأطباء وليس لإيجاد حل معهم باللين كما كانت تفعل سابقًا على أمل تحديد موعد للعملية، وتعتقد سمر أنه بسبب عدم تفرغ الطبيب المسئول واهتمامه بعيادته الخاصة وعدم تواجده فى القسم الذى يترأسه إلا قليل من الوقت السبب فى ذلك.

تحذر سمر من المماطلة معها، التى يمكن أن تصيبها بالفشل الكلوى وتدخلها فى دوامة غسيل كلى لا تنتهى، كما أنه من المستحيل أن تخضع لعملية زراعة كلى بسبب ارتفاع تكاليفها، متمنية أن يحدد لها موعد العملية قبل فوات الأوان.

فيتو التقت أيضا سيدة أربعينية فى قسم القلب تنتظر دورها لتقوم بعملية تغير صمام القلب، وعلى عكس سمر أنهت السيدة مريضة القلب إجراءاتها لتقوم بالعملية فى 15 يومًا فقط وتنتظر حاليًا الموافقة النهائية من قسم القلب.

وقالت السيدة التى تحفظت على ذكر اسمها إنها جاءت من إحدى قرى محافظة الجيزة والتى تبعد عن القصر العينى ساعة ونصف تقريبًا إذا استخدمت سيارة خاصة، وأكدت السيدة أنها تنتظر دورها منذ الساعة 8 صباحًا، وكانت الساعة الـ11 صباحًا أثناء إجراء الحديث معها لكثرة المترددين على المستشفى وطول قوائم الانتظار اليومية للكشف، مؤكدة أن العمليات تكون بالأولوية بحسب خطورة الحالة.

وصادفت “فيتو” كذلك فتاة عشرينية تدعى أميرة برفقة والدتها تجلس بين قسمى الروماتيزم والباطنة والتى تم تحويلها من قسم لآخر للاشتباه فى حالة أكثر خطورة بعد أن جاءت بسبب ألم المفاصل، وقالت عن الخدمة الطبية المقدمة بالمستشفيات أنها “بالحظ” مؤكدة أن العثور على طبيب جيد يكون وفقًا لحظ المريض خاصة أن أغلب الأطباء طلبة وليسوا ممارسون للمهنة، مؤكدة أن المريض لا يرى الطبيب إلا إذا كانت حالته تستدعى ذلك.

ونصحت أميرة محررة “فيتو” بتجربة المستشفيات الحكومية لأن سعر التذكرة “كلام فارغ” ولن تخسر ماديا وربما يكون الحظ جيدا فى العثور على طبيب ممتاز.

وعند سؤال أميرة عن القانون الجديد لتأجير المستشفيات الحكومية قالت إنها قد تكون فكرة جيدة لتحسين الخدمة إذا استطاعت الحكومة تقييد المستثمرين من حيث التكلفة والأعباء المادية التى تقع على المواطنين، وأشارت المريضة إلى ساحة الانتظار المحيطة بهم قائلة: بعض هؤلاء المرضى يجدون الـ10 جنيهات سعرًا مرتفعًا للتذكرة ويدبرونه بصعوبة، والبعض الآخر يسافر من الأقاليم ليحصل على علاج، وأن لم تحسن الحكومة وضع ضوابط لهذه الخطوة قد تعتبر “كارثة “ لهؤلاء المرضى، مضيفة: “أنا أقدر أتحمل الزيادات  بس أكيد غيرى لن يتحمل”.

وعند قسم التخاطب التقت “فيتو” سيدات ينتظرن أطفالهk الذين يتلقون الدرس داخل العيادة، وشكروا كثيرًا فى مركز التخاطب داخل قصر العينى وكفاءة الأطباء بالداخل ومراعاتهم لكل حالة والاستفادة الكبيرة التى يحظى بها صغارهم من هذه الدروس، مؤكدين أن سعر جلسات التخاطب زهيد جدًا مقارنة بالأماكن الأخرى حيث يبلغ سعر 12 جلسة حوالى 180 جنيها بينما فى الأماكن الخاصة يتعدى آلاف الجنيهات.

الجريدة الرسمية