زيارة العائلة المقدسة أرض مصر
(افرحى وتهللى يامصر وبنيها وجميع تخومها لانه أتى إليك محب البشر الكائن قبل الدهور). نحن في العيد المبارك نسبح الله بهذه التسبحة المباركة.. إن زيارة السيد المسيح له المجد والعائلة المقدسة بركة كبيرة لبلادنا العزيزة مصر بكل ربوعها، أن يزورها ملك السلام ويعيش فيها ويتنقل بين ربوعها.. من رفح والعريش إلى وسط الدلتا والقاهرة والوادى بصعيد مصر.. وهنا السؤال الذى يطرح نفسه: لماذا إختار المسيح أرض مصر دون بلدان العالم؟!
لأسباب كثيرة: منها البعد الروحى من جهة كيفية الهروب أمام قوى الشر.. والبعد الثانى كنسى: وهو تأسيس كنيسة ومذبحًا للرب وسط أرض مصر وإرسال كاروز الديار المصرية مارمرقس الرسول حسب النبوءات..
والبعد الثالث أثرى: بسبب الآثار الكثيرة المرتبطة بالزيارة لها.. والبعد الرابع التاريخى: الرحلة لها خلفية تاريخية هامة جدًا لمصر والعالم كله.. والبعد الخامس قومى: لأن الزيارة تتعلق بمباركة مصر وشعبها دون سائر أقطار الأرض كلها.
البلد الوحيدة التى زارها السيد المسيح له المجد بالجسد غير بلده (بيت لحم بفلسطين) كانت مصر، ولكن لتحقيق النبؤات التى جاءت عن زيارته قبل أكثر من 700 سنة ق.م كقول أشعياء النبى أصحاح (19).
ونحن نؤمن أنه عند ملئ الزمان سوف تتحقق النبؤات الإلهية: "هوذا الرب راكب على سحابة سريعة، وقادم إلى أرض مصر، فترتجف أوثان مصر من وجهه، ويذوب قلب مصر داخلها، فى ذلك اليوم يكون مذبح للرب في وسط أرض مصر، وعمود للرب عند تخُمها، فيكون علامة وشهادة لرب الجنود في أرض مصر.. فيعرف الرب في مصر، ويعرف المصريون الرب في ذلك اليوم يكون مذبح للرب في وسط أرض مصر.. مبارك شعبى مصر" ولتحقيق نبؤة هوشع النبى فى أصحاح (11). "من مصر دعوت ابنى".
لو كان الأمر مجرد هروبًا أو خوف أو أضطراب أو ضغط من هيردوس الملك الذى يريد قتله، لكانت سوريا ولبنان والأردن شمالًا والعراق شرقًا أو منطقة الحجاز جنوبًا كل هذه البلدان أقرب مننا، ولكن تنفيذًا لخطة الله الأزلية وتدبيره منذ القديم "عظيم هو سر التقوى الله ظهر فى الجسد"..
وكما قال القديس يوحنا ذهبى الفم "لو أنه منذ طفولته المبكرة أظهر عجائب لما حسب إنسانًا"، والطفل يسوع لم يجد موضع يسند رأسه في بلده بفلسطين، ولكن العناية الإلهية وضعت رأسه في قلوب المصريين أثناء زيارته لهم. والسبب الثانى للهروب لمصر طاعة فورية لملاك الرب حينما ظهر له وقال قم يا يوسف خذ الصبى وأمه وأهرب إلى مصر وكن هناك حتى أقول لك.
مجيء السيد المسيح له المجد والعائلة المقدسة إلى أرض مصر الحبيبة من أهم الأحداث التاريخية التي جرت على أرض مصر الغالية خلال مدة الرحلة التي تجاوزت أكثر من ثلاث سنوات ونصف، ومن الحوادث التاريخية عندما كان السيد المسيح يدخل أى مدينة في مصر كانت الأوثان تسقط في المعابد وتتكسر جميع أصنامها، فيخاف الناس من هذا الحدث لأنه غير مألوف عندهم، ويرتعبون جدًا من هذه المشاهد العجيبة..
وكان دخول العائلة المقدسة إلى أرض مصر سبب بركة كبيرة لأرضها وشعبها، فبسبب هذه الزيارة قال الرب "مبارك شعبى مصر" فأصبح شعب مصر متدينًا روحانيًا يعرف الله حق المعرفة، ويعبد الله حق العبادة حتى كملت النبوءة "فيعرف الرب فى مصر ويعرف المصريون الرب ويقدمون ذبيحة وتقدمة" (أشعياء 21:19 ). وأصبحت مصر المكان الثاني للحج المسيحي بعد مدينة القدس أورشليم بفلسطين، وأصبح العالم عاشق لمصر وتراثها.