رئيس التحرير
عصام كامل

90 سنة إذاعة.. أحمد سالم يصدح بعبارته الشهيرة «هنا القاهرة».. الملك فؤاد يحضر الافتتاح.. ومحمد رفعت رفض القراءة عبر الأثير لهذا السبب

ميكروفون الاذاعة
ميكروفون الاذاعة

الإذاعة المصرية، أول إذاعة رسمية حكومية مصرية، خرجت إلى النور واطلق بها الفنان أحمد سالم عبارته الشهيرة "هنا القاهرة" في مثل هذا اليوم منذ 90 عاما، مر تاريخ الإذاعة في مصر‏ بعدة مراحل‏ بدأت بالإذاعات الأهلية‏‏ وعهد شركة ماركوني البريطانية‏‏ ومرحلة التمصير وعهد الثورة‏ ومرحلة الشبكات الإذاعية والسيادة الإعلامية حتى الآن‏.‏

منذ ذلك التاريخ كان الفنان أحمد سالم الذى لقب بالدونجوان هو أول مذيع في الإذاعة المصرية، ومن أوائل الإذاعيين المصريين وهو أحد سبعة تولوا مسؤولية الإذاعة الوليدة ووضعوا أسس العمل بها وهم محمد سعيد لطفي باشا ومحمد فتحي وعلي خليل وأحمد كمال سرور ومدحت عاصم وعفاف الرشيدي,

حضور الملك فؤاد افتتاح الإذاعة المصرية في الثلاثينات 

افتتحت الإذاعة المصرية في الساعة الخامسة والنصف مساء 31 ‏مايو عام 1934، وحضر الملك فؤاد ــ حاكم البلاد وقتئذ ـ حفل انطلاق الإذاعة في الخامسة مساء الخميس 31 مايو 1934 في قصر عابدين من خلال إذاعة خارجية وحوله كبار رجال الدولة حيث أطلق أحمد سالم عبارة هنا القاهرة ثم القى وزير المواصلات كلمة تبعها قراءة القرآن الكريم للشيخ محمد رفعت، وألقى على الجارم قصيدة تحية لملك البلاد فؤاد الأول ملك مصر والسودان، وغنى صالح عبد الحي ثم أعلن أحمد سالم عن سهرة الإذاعة التي أحيتها الآنسة أم كلثوم وقدم محمد عبد القدوس مونولوجا فكاهيا، ومقطوعات موسيقية للموسيقيين مدحت عاصم وسامي الشوا مع فاصل موسيقى لمحمد عبد الوهاب ثم الختام والسلام الملكي.

أحمد سالم أول صوت إذاعي 

بدأ التفكير في إنشاء الاذاعة الرسمية عام 1932 حين أقنع إسماعيل صدقي ـ رئيس الوزراء ـ الملك فؤاد بإنشاء محطة رسمية حكومية ورفض المندوب السامي البريطاني، إلا أنه عاد ووافق بشرط أن شركة ماركوني الأجنبية تتولى الأمر على أن تبتعد الإذاعة عن السياسة والمصالح الدولية، ووقعت الحكومة المصرية اتفاقًا مع شركة ماركوني الإنجليزية لتتولى إدارة الإذاعة المصرية حكومية لمدة عشر سنوات، وصدر قرار بإلغاء المحطات الأهلية.

بدأ إرسال الراديو مع اختراع ماركوني عام 1909 

ويرجع تاريخ انشاء المحطات الإذاعية إلى اختراع الراديو تلك الوسيلة التي جمعت بين الشعوب فمنذ أن اخترع ماركوني الراديو، وأرسل عام 1901 أول موجات عبر المحيط الأطلنطي، وبعدها وتحديدًا عام 1909 نال جائزة نوبل في الفيزياء عن اختراعه الراديو، ما لبث أن تحول هذا الاختراع إلى أداةٍ جماهيرية في العالم كله.

إذاعة مصر الجديدة هي أولى الإذاعات الأهلية 

ودخلت الإذاعة مصر في وقتٍ مبكر، إذ تزامن دخول الراديو لمصر مع بداية انتشاره في أوروبا، وكانت مصر آنذاك تحت الاحتلال الإنجليزي، وكانت إذاعة "مصر الجديدة" هي أولى الإذاعات الأهلية، وما إن انقضى عامان حتى افتتحت إذاعة "سابو"، وهي محطة أوروبية، وفي عام 1932 افتتحت "محطة راديو الأمير فاروق"، وفي الإسكندرية تم افتتاح إذاعتين، كانت أشهرهما محطة راديو فيولا.

الراديو 

بدأ تاريخ الإذاعة المصرية رسميًّا في ذلك اليوم، إلا أن الحقيقة أن المصريين عرفوا الراديو قبل ذلك بسنوات عام 1923 عبر أجهزة اللاسلكي على يد فرق من الهواة الأجانب، وسعت العائلات الأرستقراطية الميسورة إلى اقتناء أجهزة اللاسلكي.

اليوم عيد الإذاعة 

 عرفت مصر لأول مرة في تاريخها ما يسمى بمحطات الإرسال الصغيرة المملوكة لأفراد ومن هنا سميت بالمحطات الأهلية في القاهرة والإسكندرية منها: راديو مصر الملكية، راديو فاروق، راديو فؤاد، الأميرة فوزية، راديو أبو الهول،‏ واستمرت الإذاعات الأهلية في إرسالها حتى توقفت عن الإرسال ‏لتترك مكانها للمحطة الحكومية فأصبح هذا اليوم عيدًا للإذاعة المصرية.

منيرة المهدية من اشهر مطربات الاغانى الخليعة 

ولما كانت الإذاعة الأهلية كانت بلا رقابة، انتشرت فيها الأغاني الخليعة والإباحية، وكان من أشهر المغنيات اللاتي اشتهرن بهذه الأغاني آنذاك، منيرة المهدية ونعيمة المصرية وبهية المحلاوية، وحبيبة مسيكة، ورتيبة أحمد وغيرهن الكثيرات، اللاتي تغنين بأغاني تمتلئ بالإباحية الصريحة والتي ساهمت في انتشار الراديو في ذلك الوقت.

واستمرت هذه الأغاني في البث عبر أثير الإذاعات الأهلية، إلى أن افتتحت الإذاعة الرسمية، حيث توقفت الإذاعات الأهلية عن الإرسال في‏29‏ مايو‏ 1934‏ لتترك مكانها للمحطة الحكومية الرسمية التي بدأت في الساعة الخامسة والنصف من مساء يوم‏ 31‏ مايو لعام ‏1934‏.

استخدام الإذاعة الأهلية في الترويج للمخدرات 

ايضا ساد بعض محطات الاذاعة الأهلية بعض التجاوزات الأخلاقية في إرسالها في ظل غياب الرقابة بمغازلة الفتيات وفي تبادل العشق والغرام وفي ترويج المخدرات حتى إن عصابة للمخدرات استخدمت المحطة الأهلية في إذاعة أغنية عبد الوهاب (الجو رايق وصافي) في أوقات تهريب المخدرات بمعنى أن الشرطة غير موجودة.

الشيخ محمد رفعت 

من المفارقات الغريبة التى حدثت مع افتتاح الاذاعة الرسمية عام 1934،ان رفض الشيخ محمد رفعت حين اختارته الحكومة لافتتاح الاذاعة بقراءة القران بصوته ان رفض بحجة ان القراءة عبر الاثير حرام، وان الاذاعة عمل شيطانى من علامات الساعة،، فكيف لهذا الصندوق الحديدي أن يتحدث وينقل الأصوات لكل مكان، ولكنه ما لبث أن غير رأيه بعد ذلك، بعدما أفتاه شيخ الأزهر ومفتي الديار المصرية بأن الإذاعة حلال وان تلاوة القران الكريم بها لا حرج فيه ولا شبهة.

يونس القاضى يمحو أغانيه الجنسية من الاذاعة الرسمية 

من المفارقات أيضا تولى الشاعر الزجال يونس القاضى منصب ‏رقيب المصنفات الفنية في عام 1943، قام القاضي بحملةٍ شرسة ضد هذه الأغاني الاباحية والتي كانت تحمل تلميحات جنسية، والتي كانت معظمها من تأليفه هو شخصيًا، ولكنه قضى عليها، لتبدأ مرحلة أخرى من الإذاعة، كانت بمثابة المغناطيس الذي جذب إليه كل المواهب من كل الفئات ليسجلوا بصوتهم تاريخ مصر..

الجريدة الرسمية