جزاء المؤمنين، تفسير الشيخ الشعراوي للآية 19 من سورة السجدة (فيديو)
جزاء المؤمنين، أوضح الشيخ محمد متولي الشعراوي في خواطره بـسورة السجدة، جزاء الذين آمنوا وعملوا الصالحات، كما بيّن ذلك ببعض الأمثلة من قصص الأنبياء.
سورة السجدة الآية 19
قال تعالى: «أَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ جَنَّاتُ الْمَأْوَى نُزُلًا بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ».
تفسير الشيخ الشعراوي للآية 19 من سورة السجدة
قال الشيخ محمد متولي الشعراوي: إنْ كانت لفظة (مؤمن) جاءت مفردة، فقد أوضحتْ هذه الآية أن المراد الجمع «أَمَّا الذين آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصالحات..» أي: العموم؛ لأنه أُخِذ مما كان مفردًا جمعًا، وهذا دليل على أن هذا المفرد في جنسه جمع كثير، كما في قوله تعالى: «والعصر إِنَّ الإنسان لَفِى خُسْرٍ» (العصر: 1-2) فالإنسان مفرد يُستثنى منه الجمع «إِلاَّ الذين آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصالحات…» (العصر: 3) لأن لفظة الإنسان هنا تدل على الجماعة، و(ال) فيها ال الاستغراقية.
لكل جماعة جزاء منفصل
وتابع الشيخ الشعراوي: فالحق سبحانه ينقلنا من المؤمن إلى العموم «أَمَّا الذين آمَنُواْ..» ومن الفاسق إلى «وَأَمَّا الذين فَسَقُواْ…» فهما جماعتان متقابلتان لكل منهما جزاؤه الذي يناسبه: «أَمَّا الذين آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصالحات فَلَهُمْ جَنَّاتُ المأوى..» والمأوى هو المكان الذي يأوي إليه الإنسان ويلجأ إليه ليحفظه من كل مكروه، كما قال تعالى في شأن عيسى وأمه مريم عليهما السلام: «وَآوَيْنَاهُمَآ إلى رَبْوَةٍ ذَاتِ قَرَارٍ وَمَعِينٍ» (المؤمنون: 50) يعني: يمكنهما الاستقرار فيها؛ لأن بها مُقوِّمات الحياة (ومعين) يعني: عيْن ماء.
قصة ابن النبي نوح
وأضاف الشيخ الشعراوي: ومن ذلك قوله تعالى في قصة ابن نوح حين قال لأبيه: «سآوي إلى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ المآء…» (هود: 43) فنبَّهه أبوه وحذره، فقال: «لاَ عَاصِمَ اليوم مِنْ أَمْرِ الله إِلاَّ مَن رَّحِمَ…» (هود: 43)، ونلحظ في هذه القصة حنان الأبوة من سيدنا نوح حين قال: «رَبِّ إِنَّ ابني مِنْ أَهْلِي…» (هود: 45) لكن ربه عز وجل لا يتركه على هذه القضية، إنما يُصحِّحها له «إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ…» (هود: 46)، إذن: فالبنوة هنا ليست بنوة نسب، إنما بنوة إيمان وعمل، أَلاَ ترى أن سيدنا رسول الله قال لسلمان الفارسي وهو من غير العرب بالمرة: (سلمان منا آل البيت)، وإنْ كان النسب ينفع من الآباء إلى الأبناء، فهذه ليست خصوصية للأنبياء، إنما لكل الناس، كما قال سبحانه: «والذين آمَنُواْ واتبعتهم ذُرِّيَّتُهُم بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَآ أَلَتْنَاهُمْ مِّنْ عَمَلِهِم مِّن شَيْءٍ…» (الطور: 21).
جزاء إيمان الآباء
وأكمل الشعراوي: وإلحاق الأبناء بالآباء في الحقيقة كرامة للآباء أنْ يجدوا أولادهم معهم في الجنة جزاء إيمان الآباء وعملهم الصالح، فإنْ كان الأولاد دون سِنِّ التكليف فطبيعي أنْ يلحقوا بالآباء، بل وتكون منزلتهم أعظم من منزلة آبائهم؛ لأن الأطفال الذين يموتون قبل الرُّشْد ليس لهم أماكن محددة، إنما ينطلقون في الجنة يمرحون فيها كما يشاؤون، وقد مثَّلنا لذلك بالولد الصغير تأخذه معك في زيارة أحد الأصدقاء، فتجلس أنت في حجرة الجلوس، بينما الولد الصغير يجري في أنحاء البيت، ويدخل أي مكان فيه لا يمنعه أحد، لذلك يسمون الأطفال (دعاميص) الجنة، والبعض هنا يثير مسألة أن الإنسان مرتهن بعمله، ولا ينتفع بعمل غيره، فكلٌّ مُعلَّق من (عرقوبه) كما نقول، فالبعض يسأل: لماذا إذًا نصلى على الميت، والصلاة عليه ليست من عمله؟ فإنْ كانت الصلاة عليه لها فائدة تعود عليه فقد انتفع بغير عمله، وإن لم تكُنْ لها فائدة فهي عبث، وحاشَ لله أنْ يضع تشريعًا عبثًا.
معنى المأوى
وأتم الشعراوي: ونقول: هل صليت على كل ميت مؤمنًا كان أو كافرًا؟ لا إنما نصلي على المؤمن، إذن: صلاتك أنت عليه نتيجة إيمانه، وجزء من عمله، ولولا إيمانه ما صلَّينا عليه، نعود إلى معنى كلمة (المأوى)، فالجنة مأوى المؤمن، تحفظه من النار وأهوالها «نُزُلًا بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ» (السجدة: 19) أي: جزاء عملهم الصالح، والنزُل هو المكان المعَدّ لينزل فيه الضيف الطارئ عليك؛ لذلك يسمون الفندق (نُزُل)، فإذا كانت الفنادق الفاخرة التي نراها الآن ما أعَدَّه البشر للبشر، فما بالك بما أعدَّهُ ربُّ البشر لعباده الصالحين؟.
ونقدم لكم من خلال موقع "فيتو" ، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم، أسعار الدولار، أسعار اليورو، أسعار العملات، أخبار الرياضة، أخبار مصر، أخبار الاقتصاد، أخبار المحافظات، أخبار السياسة، أخبار الحوادث، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي، الدوري الإيطالي، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا، دوري أبطال أفريقيا، دوري أبطال آسيا، والأحداث الهامة والسياسة الخارجية والداخلية، بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.