استيفان روستي.. عامل البريد الذي برع في أدوار الشر.. التقى يوسف وهبي ومحمد كريم في أوروبا.. ورفض السفر للتمثيل في إسرائيل
استيفان روستي، فنان عظيم عاش يفخر دائما بأنه كان أميرا في بلاده ومات في مثل هذا اليوم عام، ملامحه مزيج غريب بين الخواجة وابن البلد، هو الشرير الأرستقراطي والصعلوك، عملاق التمثيل، اشتهر بتقديم أدوار الشر على الشاشة وبرع فيها، ارتبط اسمه بعبارة "نشنت يافالح".
خلطة فنية يصعب تواجدها في أي شخص، ولقب بالشرير الوسيم والخواجة الشرير، ممثلا خفيف الظل شرير الملامح، ولكن ما لا يعرفه الكثيرون أن ستيفان كان مخرجا سينمائيا ومسرحيا وكاتب سيناريو ومونتير أيضًا أي فنان متعدد المواهب.
مصري المولد لأب نمساوي وأم ايطالية
ولد "استيفانو دي روستي" الشهير بـ استيفان روستي عام 1891 من أم إيطالية وأب بارون نمساوي عمل سفيرا للنمسا بالقاهرة، عاش مع والديه في روما، حتى انفصل والده عن والدته بناء على رغبة عائلته العريقة حيث كان يعمل دبلوماسيا، فقررت والدته البقاء بالقاهرة، واستقرت في حي شبرا، تلقى تعليمه في المدرسة الخديوية حتى تخرج منها.
عمل استيفان روستي في بداية حياته بوسطجيا في مصلحة البريد وبعد ثمانية أيام علمت المصلحة انه يعمل ممثلا والعياذ بالله فطرده مديره من العمل، سافر إلى أوروبا في رحلة للبحث عن عمل، وفي إيطاليا عمل بالترجمة وساعده ذلك على لقاء كبار النجوم الفن فقابل فرانشيس بارتينى التي لقبت معبودة العالم وقامت بدور غادة الكاميليا، ثم انتقل الى فرنسا وعمل موظفا في إحدى المكتبات ثم مسئولا عن ملابس إحدى الفرق المسرحية، كما التحق بالعمل في محطة برلين كمرشد سياحي للقادمين من أوروبا وأمريكا، وفي ألمانيا درس فن التمثيل.
التقى يوسف وهبي ومحمد كريم في أوروبا
والتقى استيفان روستى بالمخرج محمد كريم والذي أقنعه بالعودة لمصر والعمل في مجال الفن، لتكون أولى محطاته هي فرقة الفنان عزيز عيد ومنها إلى فرقة الريحاني التي حقق معها نجوميته، وعاد فنانا متعدد المواهب مخرجا وممثلا ومؤلفا.
في المسرح قدم استيفان روستي مع فرقة عزيز عيد على مسرح بريتانيا في دور أمير روسى عام 1915 في مسرحية ( خلي بالك من اميللي) ومن خلالها التقى بالفنان نجيب الريحاني وعمل معه في فرقته من خلال مسرحيات كشكش بيه، العشرة الطيبة حتى وفاة الريحاني فانتقل إلى فرقة رمسيس عام 1923 حيث قدم مسرحية "المجنون" أمام يوسف وهبي، وانتقل بعدها إلى فرقة إسماعيل يس.
اتجه إلى السينما في منتصف العشرينات عندما كانت عزيزة أمير تخوض مغامرة سينمائية بإخراج فيلم باسم" نداء الله" إخراج وداد عرفي الذى اختلف معها بعد أسابيع من بدء إخراج الفيلم فاستعانت باستيفان روستى ليكمل إخراج الفيلم الذي أدخل عليه التعديلات وأضاف إليه شخصية قام بأدائها وتغير اسم الفيلم إلى "ليلى".
أخرج استيفان ثمانية من أفلامه التى قام بتمثيلها
نظرا لظهور ملامح الشر على وجه استيفان روستى حصره المنتجون والمخرجون في أدوار الشر فى السينما فقدم أكثر من 200 فيلم منذ زمن الأبيض والأسود منها سيدة القصر، المليونير، إسماعيل يس طرزان، غزل البنات، ملك البترول، سمارة الذي أطلق فيه إفيه "نشنت يافالح"، آخر شقاوة، النشال، تمر حنه وكان آخر أفلامه "حكاية نص الليل " عام 1964، كما أخرج الفنان استيفان روستي ثمانية من أفلامه هي: البحر بيضحك ليه، سعادة كشكش بيه، عنتر افندي، الورشة، ابن البلد، أحلاهم، جمال ودلال مع فريد الأطرش.
وفي مثل هذا اليوم 12 مايو 1964 انتقل إستيفان روستي إلى جوار ربه إثر أزمة قلبية، وهو جالسا على مقهى سفنكس وسط القاهرة يلعب الطاولة مع أصدقائه بعد انتهاء يوم تصوير، تاركا ثروة تقدر بعشرة جنيهات وشيك بقيمة 150 جنيها كدفعة أخيرة عن دوره في فيلم "حكاية نص الليل" وزوجته ماريان الإيطالية التي تزوجها وقد قارب الخمسين وهي التي عانت من الانهيار بعد وفاة زوجها، لتنقلها نقابة الممثلين إلى عائلتها في إيطاليا.
يتحدث استيفان روستى عن مشواره الطويل إلى مجلة الجيل عام 1962 فيقول: أنا مصري ولست أجنبيا، فقد ولدت في قلب مصر وعشت طفولتي في حي الرمل بالإسكندرية والتحقت بمدرسة رأس التين فتراكمت عليا أنا وأمي الديون فحضرنا إلى القاهرة وعملت موظفا بمكتب للبريد ثم فصلت بسبب سهري في التياترات.
وأضاف استيفان روستى:عملت بالترجمة ثم مهرجا لأبناء الطبقة الراقية وحمالا في ميناء نابولي وبائعا للتين الشوكي على إحدى عربات اليد في نابولي، وفي الإرشاد السياحي بباريس حتى التقاني يوسف وهبي في باريس عام 1922 وقدمت معه إلى مصر وعملت مع عزيز عيد ثم مع الريحاني وشاركت في تأسيس فرقة رمسيس مع يوسف وهبي، ثم انتقلت للعمل في فرقة إسماعيل يس عام 1954، وفي السينما قدمت أول فيلم روائي طويل فيلم ليلى عام 1927، ثم فيلم الورشة عام 1940.
رفض السفر للتمثيل في إسرائيل
من أعظم وأهم المواقف التي تجلت فيها وطنية وحب حياة استيفان روستي لمصر ما جاء بعد قيام إسرائيل عقب قرار تقسيم فلسطين عام 1948، التي حاولت جذب العديد من القوى الناعمة ومنها القوى الفنية، فحاولت جذب العديد من الفنانين ومن بين من أرسلت لهم إسرائيل دعوة للتمثيل بتل أبيب الفنان استيفان روستي ليؤدي أدوارا في 3 أفلام إسرائيلية، وهو ما رفضه الفنان الكبير قائلًا: أنا ممثل مصري لا أعمل في كيان قائم على احتلال أرض غيره.