حديث قلب
103 أعوام على اكتشاف الإنسولين
في عام 1921 تم اكتشاف الإنسولين، وبعد عامين من اكتشافه منحت جائزة نوبل في الطب لأربعة شخصيات شاركوا في اكتشافه، والذين أنقذوا بهذا الاكتشاف المذهل حياة الملايين من المرضى المصابين بالسكر علي مستوى العالم.
الدكتور يونس نجيب أستاذ الجراحة بكلية الطب جامعة المنيا، يشرح تفاصيل اكتشاف الإنسولين الاعجوبة، وفك طلاسم المرض الذي احتار في أمره العلماء قديما، وكان سببا رئيسيا في وفاة أعداد غفيرة من البشر عبر التاريخ!
الإنسولين.. يعدّ هرمونًا أساسيًا لإبقاء الإنسان على قيد الحياة، وتكمُن وظيفته في إدخال السكر الموجود في الدم glucose إلى الخلايا، وذلك لاستخدامه في عملية إنتاج الطاقة اللازمة لها، ممّا يمكّنها من أداء وظائفها، ويمكن وصف الإنسولين كغيره من الهرمونات بأنّه ناقل كيميائي يساهم في تحديد عمل الخلايا، والأنسجة بطريقة سليمة..
ويجدر بالذكر أنّ نقصانه يؤدّي إلى الإصابة بمرض السكري diabetes. يكمُن عمل الإنسولين في مساعدة خلايا الجسم على امتصاص الجلكوز، والمساهمة بالمحافظة على وجوده في الدم بنسبة متوازنة، فعند وجود الجلكوز في الدم بكميات تفوق حاجة الخلايا، فإنّ الإنسولين يُحفّز الكبد على تخزين الزائد منه، وعند انخفاض هذه النسبة في الدم، وهو ما يحدث بين فترات تناول الطعام، أو عندما يحتاج الجسم للمزيد من الطاقة، أو في حال تعرّضه للضغوطات، فإنّ الجلوكوز يتحرر مرة أخرى.
اسم الإنسولين مشتق من الكلمة اللاتينية إنسولا التي تعني الجزيرة. وسمي الإنسولين بهذا الاسم لأنه يفرز من خلايا بيتا في جزر لانجرهانز في البنكرياس.
جائزة نوبل
وكان الإنسولين قد اكتُشف في عام 1921 عندما أجرى الدكتور فريدريك جي بانتينج Frederick Grant Banting، وطالب البحوث تشارليز إتش بست من جامعة تورنتو الكندية تجارب رئيسية، وقدم زملاؤهم الدكتور جون ماكلويد والدكتور جيمس كوليب المشورة بشأن تصميم هذه التجارب وأنتجوا مستخلصًا عالي الجودة من الإنسولين من البنكرياس البقري.
وفي عام 1923، مُنحت جائزة نوبل في علم وظائف الأعضاء أو الطب لكل من الدكتور بانتينج والدكتور ماكلويد تقديرًا لهما على دورهما في اكتشاف الإنسولين. وتقاسم الاثنان الجائزة المالية مع الطالب تشارليز بست والدكتور كوليب، وساهم اكتشافهم للإنسولين في إنقاذ حياة الملايين من المرضى المصابين بداء السكري.
أُعلنت أسماء الفائزين بجائزة نوبل عام 1923، وأُعطيت الجائزة مناصفة للدكتور بانتنج وبروفيسور ماكليود، فرفض بانتنج ذلك قائلًا: إن من كان ينام في المختبر مع الكلاب لم يكن ماكليود بل السيد بست، فرد عليه ماكليود: إن من يستحقها حقًا هو الصيدلي كوليب، وهكذا اقتسم الأربعة جائزة نوبل للمرة الأولى في التاريخ.
وفي 11 يناير 1922، سُجل إسم الشاب ليونارد طومسون ذي الـ 14 ربيعا، والذي كان يعاني من مرض السكري، بصفته أول مريض بالسكري في التاريخ يتم علاجه بمستخلص البنكرياس في مستشفى تورنتو.
وفي عام 1923انتشرت أخبار اكتشاف دواء الأنسولين حول العالم، وبعد فترة وجيزة، بدأت الشركة الطبية "ايلي ليلي" في إنتاج الأنسولين على نطاق واسع. وفي العقود التالية طور المصنعون مجموعة متنوعة من عقار الأنسولين بطيء المفعول، كان أولها من صنع شركة "نوفو نورديسك للأدوية" عام 1936.
تطور الإنسولين
طرأ على الإنسولين عدة تطورات، وفي ما يلي أهمّها:
- أنتجت شركة نوفو نورديسك (Novo Nordisk) عام 1985م أقلامًا تُستعمل لحقن الإنسولين.
- قدّمت شركة ميدترونيك (Medtronic) عام 1992م مضخة الإنسولين (Insulin pump)، والتي تساعد على التحكّم في نسبة السكر في الدم، إذ تزوّد مريض السكري بالكمية التي يحتاجها من الإنسولين.
- أنتجت شركة إيلي ليلي عام 1996م نظائر الإنسولين (analogue insulin lispro)، وهو شكل من أشكال الإنسولين المعدّل وراثيًا، إذ يُمكن من خلال الهندسة الوراثية تغيير الحوامض الأمينية للإنسولين، وبذلك تغيير خصائص الاستيعاب، والتوزيع، والأيض، والإخراج الخاصة به.
- قدّمت جامعة كامبريدج ( University of Cambridge ) عام 2013م بنكرياسًا صناعيًا يعتمد على الجمع بين عمل مضخة الإنسولين، ومراقبة مستوى الجلكوز في الدم بشكلٍ مستمر.
- تمكّن الدكتور إدوارد داميانو (Edward Damiano) عام2015م من إنتاج جهاز (iLet)، وهو عبارة عن بنكرياس صناعي يقوم عمله على ضخّ الكمية المناسبة من الإنسولين، والجلوكاجون (glucagon) كل خمس دقائق.
وبفضل عقود من الأبحاث، يمكن للأشخاص المصابين بداء السكري الاختيار اليوم من بين مجموعة متنوعة من التركيبات، وكذلك طرق تناول الأنسولين بناء على احتياجاتهم الشخصية وأنماط حياتهم من هومولين إلى نوفولوج ومن أقلام الأنسولين إلى المضخات.
تشير التقديرات إلى إصابة 460 مليون شخص بالغ بالسكري على الصعيد العالمي مقارنة بإصابة 108 ملايين شخص في عام 1980، وكاد معدل الإنتشار العالمي للسكري (الموحد حسب السن) يتضاعف إذ ارتفع من 4,7٪ إلى 8,5٪ لدى البالغين. ويبرز هذا زيادة في عوامل الخطر المرتبطة بقضايا مثل زياردة الوزن والسمنة. وعلى مدى العقد الماضي، إتسعت رقعة إنتشار مرض السكري اتساعات كبيرا في البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل عنها في البلدان مرتفعة الدخل.
وفي تقرير نشرته صحيفة تورينتوستار الكندية بمناسبة الإحتفال باليوم العالمي للسكري في 14 نوفمبر، ورد فيه: «أن هذا الدواء الأعجوبة أزال الهلع من داء السكري، وفك طلاسم المرض الذي إحتار في أمره الأطباء قديما، وكان سببا رئيسا في وفاة الملايين من البشر عبر التاريخ».