إدارة عموم الكورة
اعتدت على ترك كتاب قريبا من موضع نومى فإذا ما زارنى الأرق لجأت إليه هربا من ملل وزيارة لأفكار عادة ما تكون مزعجة في هويد الليل كما يقولون، وهذه المرة رافقني بجوار مضجعي رائعة الدكتور حسين مؤنس إدارة عموم الزير، التي اختزل فيها وضعنا العربى الخلاق في مجال الفساد.
واختزالا فإن الأمير كان في زيارة إلى إحدى القرى فوجد أهلها يعانون في النزول إلى النهر لشرب المياه، فأمر بوضع زير للعوام يشربون منه، فما كان من الوزير المختص إلا أن أمر بتنفيذ طلب الأمير وهنا تبدأ فصول إبداعية في مجال الفساد.
يضعون الزير فيكتشفون أنهم بحاجة إلى من يملأ الزير فتنشأ إدارة لذلك، ثم إدارة لصيانة الزير وأكواب الزير لها أيضا إدارة ومشرف عام في كل إدارة، وهكذا تتفاعل إبداعات بشرية فاسدة حتي يصبح هناك مبنى كبير يعج بالموظفين من السقاة ومسئولى الصيانة والإشراف وتنظيم العملية.
وتكشف فصول المأساة عندما يوضع الزير في المخزن بعد تحطمه، ولكن تبقى إدارة عموم الزير.. تفاصيل القصة مثيرة للغاية وخلاقة للغاية وتختزل كل تفاصيل الفساد في بلادنا، وفي بلاد غيرنا ممن هم على شاكلتنا من بلاد تعتمد الفساد منهجا وطريقة وتصيغ له القوانين واللوائح وفي النهاية يصبح فسادا حلالا.
قمت من مخدعى وأدرت ريموت التلفاز فوجدت سادة يناقشون في استديو تحليلي مباراة في كرة القدم رغم انتهائها منذ ساعات، وعلى أطراف الحديث يستضاف خبراء على الهاتف ثم يدخل عليهم مراسل من ملعب فارغ من أهله، وهكذا ترى واحدة من عمليات إدارة عموم الزير.
اكتشفت أن لدينا ملاعب ولدينا حكام وخبراء وعدد لابأس به من المستديرة وصبيان خلف حراس المرمى ومدربون وجمهور، ومن كل تفاصيل اللعبة أعداد ضخمة، لدينا كل ما يوحى أن في مصر كرة قدم، اقتصاد يتضخم يوما بعد يوم.. لدينا كل شيء ولكن الزير موضوع في المخزن!