ساخرون، حكاوي زمان.. محمود السعدنى: عندما يباع الرياضى كأنه جاموسة في سوق الثلاثاء
تحت عنوان تدريب وتهليب وأبطال، كتب محمود السعدنى فى مؤلفه أمريكا يا ويكا، يقول:
كل شيء فى أمريكا تجارة، الرياضة والسلاح والحب.. المهم أن يكون معك فلوس، وأن تدفع الثمن عند الاتفاق، ومن حقك بعد ذلك أن تحمل التجارة وتمضى بها إلى أي مكان تريده، وقد تكون البضاعة دبابة أو غواصة، أو امرأة في طعم القشطة أو فى عمر الورد، أو لاعب رياضى شهير.
والرياضة في أمريكا حق لكل مواطن كالماء والهواء وأكل الذرة المسلوقة، وهى في التنس تتقدم الدول، وفي السباحة ست الكل، وهى حق من حقوق الجميع حتى المواطن في السجن، وحتى الغريب اللاجئ، وحتى الزائر عابر السبيل، حتى بلغت نفقات الرياضة في السجون مليار دولار عام 1980، وبعض أبطال الملاكمة هم رواد سجون وخريجو ليمانات وأصحاب سوابق ليس لهم أصل ولا فصل ولا جذور..
وقصة الولد ليستون شرير حلقة الملاكمة كان زعيما من زعماء البلطجة، ونجما من نجوم الليل، مارس النشل فترة من حياته وقضى بعض عمره فى حى من أحياء البغاء، واشتغل لصا محترفا في عصابة تهاجم المنازل والبنوك ودخل السجن وتعلم فيه الملاكمة..
وفي أوائل الستينيات لمع نجمه وانتزع بطولة العالم، لكنه لم يهنأ بها سوى ستة أشهر حتى أطاح به محمد على كلاى، فترك الحلقة وعاد إلى الشارع من جديد، عاد أكثر شراسة وأكثر غرورا، والتحق بالعصابات فقتله رجال المافيا هناك، وقيل إنه انتحر، ولم يعلم بسره أحد إلا علام الغيوب.
ولد آخر من أبطال الملاكمة قضى حياته في السجن وتدرج فيه كمجرم من الملجأ إلى الإصلاحية إلى السجن إلى الليمان إلى معتقل سنج سنج الرهيب الذى لم يخرج منه أحد طوال ثلاثين عاما إلا لتلبية نداء ربه، إلا كونتى الذى خرج من السجن لملاقاة حظه بعد أن نبغ نبوغا عظيما في فن الملاكمة..
حتى طمع المشرفون على السجون في أن يفوز سجين آخر بلقب بطل العالم في الملاكمة، وافق محمد على كلاى أن ينازل الولد السجين صاحب السوابق، وخرج السجين إلى حلبة الملاكمة ليقابل بطل العالم وانتزاع اللقب..
إلا أن الحكم أوقف المباراة بعد الجولة السابعة فقد وقف كونتى على الحلقة كالشوال مثل الثور يتلقى اللكمات دون أن يتحرك، فلم يعد قادرا على أن يرفع يده ليدافع عن نفسه أمام قوة كلاى، ولم يعد قادرا حتى على السقوط وفاز البطل المغوار محمد على كلاى، وأخيرا أود أن أقول اكتشفت أن الرياضى في أمريكا يباع ويشترى كأنه جاموسة في سوق الثلاثاء فليس له رأى عند البيع أو عند الشراء.