ساخرون، غراب البين يكتب: تجار ومستهلكون
بعد يوم طويل من اللف والدوران والمرازية فى خلق الله.. قررت أريح جتتى ساعتين.. فجلست على فرع الشجرة وانكمشت بين جناحىَّ.. وقبل أن أغمض عينى سمعت صوتا يأتى من المقهى أسفل الشجرة لشاب يقول لوالده: شكلك كدا مش دارى بالدنيا واللى فيها..
فيرد عليه والده قائلا: والله هو دا اللى عندى وهى دى إمكاناتى ومقدرش أعملك غير كدا.. أنت عايز شبكة ومهر وشقة وليلة زفاف تشرفك.. وأنا يا دوب قادر أأكلك أنت وأمك وإخواتك وهنا تذكرت الأب الذى ضرب ابنه حتى الموت بالأمس بسبب عدم مشاركته فى مصاريف البيت..
وتذكرت الرجل الذى قتل زوجته فى أول أيام العيد بسبب طلباتها المتكررة.. فادركت أن الليلة دى مفيهاش نوم ولا راحة.. فوقفت على قدمى ونفشت ريشى وأخذت أنعق بأعلى صوتى “قاق قاق”.. فراح زبائن المقهى يهشوننى ويقولون لى غور من هنا يا غراب البين جبتلنا النكد والفقر..
فهربت مسرعا ولسان حالى يقول: بقا أنا اللى جبتلكم النكد والفقر يا شوية بنى آدمين أم أنكم من تنكدون على بعضكم البعض؟!
انتشرت حوادث القتل بين أفراد الأسرة الواحدة.. وصرتم تأكلون فى بعضكم البعض.. لا التاجر بيرحم المستهلك ولا المستهلك أصبح قادرا على تحمل أهله من المستهلكين، فأصبحتم تستهلكون بعضكم البعض.. ياخى جاتها ستين ألف نيلة اللى عايزة تخلف بنى آدمين زيكم مش عارفين يستوعبوا ظروف بعض!