رئيس التحرير
عصام كامل

بأدلة من السنة النبوية، تعرف على حكم صيام المرأة دون إذن زوجها

صيام المرأة، فيتو
صيام المرأة، فيتو

صيام رمضان، الصوم أحد أركان الدين الإسلامي الخمسة، وقد فرض الله تعالى على المسلمين صيام شهر رمضان من كل عام، فيجب على كل مسلم بالغ عاقل قادر، ذكرًا كان أو أنثى أن يصوم شهر رمضان.


وفي السنة النبوية ما رواه الإمام البخاري عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم: «بُنِي الإِسْلامُ عَلَى خَمْسٍ: شَهَادَةِ أَنْ لا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ، وَإِقَامِ الصَّلاةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَالْحَجِّ، وَصَوْمِ رَمَضَانَ».
والأصل في فرضيته من القرآن الكريم قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾ [البقرة: ١٨٣].

 

حكم صيام المرأة بدون إذن زوجها

الزوجة ليس لها أن تصوم وزوجها حاضر إلا بإذنه، لما ثبت عن النبي ﷺ أنه قال في السنة النبوية: «لَا يَحِلُّ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَصُومَ وَزَوْجُهَا شَاهِدٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ»
 

ويفهم من الحديث الشريف أنَّ اشتراط استئذان المرأة لزوجها في الصيام، مختص بصيام التطوع أو قضاء ما فاتها من صيام رمضان، فإن كان الزوج مسافرًا أو مريضًا أو صائمًا مثلها، أو أنها إذا استأذنته أذن لها -بما سبق إليه علمها من طباع زوجها وأحواله- لم يتعين عليها الاستئذان، أما إذا كان الصيام للواجب الذي تعين وقته، لم يلزمها الاستئذان منه لصومه أيضًا، كما أنه ليس في الحديث تغليب لطاعة الزوج على طاعة الله تعالى؛ إذ إن طاعة الزوج هي امتثالٌ لأمر الله تعالى: فهي طاعة لله في المقام الأول، ثم المشاركة في تنظيم الحقوق والواجبات بحسب وقت وجوبها واستحقاقها؛ حتى تنال المرأة أجر ذلك كله.

 

تفسير الفقهاء في مفهوم الحديث الشريف

 المراد بالحديث النبوي الشريف: نهي المرأة في حال حضور زوجها عن صيام النافلة، وهو من الطاعات التي لا تتقيد بوقتٍ، وكذا صيام الواجب الذي يتسع وقته كقضاء رمضان إلا بإذن مِنه؛ لوجوب طاعته شرعًا في غير معصية؛ وذلك حتى لا يتزاحم عليها عدد من الحقوق في وقت واحد: حقُّ زوجها منها، وحقُّ ما شرعتْ فيه من الصيام، فيشق ذلك عليها، فيكون إذن زوجها لها بالصيام مُعَطِّلًا لحقِّه منها في وقت صيامها، حتى لا تتزاحم عليها الحقوق.

قال الإمام الخطابي في "أعلام الحديث" (3/ 2001- 2002، ط. إحياء التراث الإسلامي): [قوله: «لَا تَصُومَ المرأةُ وَزَوْجُهَا شَاهِدٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ»، إنما هو التطوع دون صيام الفرض في شهر الصوم، فإن كان ذلك قضاء للفائت من فرض الشهر، فإنها تستأذنه أيضًا في ذلك ما بين شوال إلى شعبان.. وهذا يدل على أن حقَّ الزوج محصور الوقت، فإذا اجتمع مع سائر الحقوق التي تدخلها المهلة؛ كالحجّ ونحوه: قُدِّم عليها] اهـ.

وقال الإمام النووي في "شرحه على مسلم" (7/ 115، ط. دار إحياء التراث): [هذا محمول على صوم التطوع والمندوب الذي ليس له زمن معين] اهـ.


الرد على من فهم من الحديث أن طاعة الزوج مقدمة على طاعة الله سبحانه

 ولا يعترض بأنه قد يفهم من الحديث أن طاعةَ الزوج مقدمة على طاعة الله تعالى، حتى يتحتم استئذانه بالصيام، وهو من الطاعات التي طلبها الشرع وندب إليها، ويجاب على ذلك بالآتي:
 

أولًا: أن الأمر بالاستئذان الوارد في الحديث النبوي الشريف ليس المقصود به المفاضلة بين حقِّ الله تعالى وحقِّ الزوج؛ إذ لا محلَّ للتفاضل بينهما فيما أوجبه الله تعالى في وقت وجوبه، فإنه يقدم على كلِّ ما عداه؛ لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «لَا طَاعَةَ لِمَخْلُوقٍ فِي مَعْصِيَةِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ» أخرجه الإمام أحمد في "المسند".

وحق الطاعة هذا مقيد بالمعروف؛ فإنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق كما ورد في الحديث، ومن طاعتها لزوجها ألَّا تصوم نافلة إلا بإذنه، وألَّا تحج تطوعًا إلا بإذنه، وألَّا تخرج من بيتها إلا بإذنه.

وأما المراد من حديث استئذان المرأة لزوجها وطاعته في ذلك: تعليم المرأة كيف تُحصِّل من الخير الوجوه المختلفة، إذا راعت وقت حصولها، فتبادر بتحصيل ما حضر وقته وضاق عليه، على ما كان لتحصيله أوقات كثيرة، ولذا فالحديث في خصوص صيامها صيام التطوع، أو الواجب الذي يتسع وقته وهو أن تقضي ما عليها من صيام رمضان، بحيث يمكن حينها الجمع بين الأمرين في أوقات لاحقة، أما إذا ضاق عليها وقت صيام الواجب، فلا يشترط حينئذ استئذان زوجها لصيامه؛ لأن قيامها بحق الله تعالى هنا انتقل إلى الواجب المتعين وقته لا المتسع، فيقدم القيام به على غيره من الحقوق، وهذا الفهم هو الذي تواردت عليه نصوص شراح الحديث والفقهاء.

وفي بيان سبب تقديم طاعة الزوج في ترك صيام النافلة للمرأة، وكيفية تقديم الأولويات والتوفيق بينها داخل الأسرة حتى تعمَّ السعادة والطاعة لله جلَّ وعلا: قال الإمام النووي في "شرحه على مسلم" (7/ 115): [وسببه: أن الزوج له حق الاستمتاع بها في كل الأيام، وحقه فيه واجب على الفور، فلا يفوته بتطوع ولا بواجب على التراخي، فإن قيل: فينبغي أن يجوز لها الصوم بغير إذنه، فإن أراد الاستمتاع بها كان له ذلك ويفسد صومها! فالجواب: أن صومها يمنعه من الاستمتاع في العادة؛ لأنه يهاب انتهاك الصوم بالإفساد] اهـ.

وقال شيخ الإسلام زكريا الأنصاري في "منحة الباري بشرح صحيح البخاري" (4/ 394، مكتبة الرشد): [وفي الحديث: أن القضاء موسع ويتضيق في شعبان، وأن حقَّ الزوج من العِشْرة والخدمة مقدم على سائر الحقوق ما لم يكن فرضًا محصورًا في الوقت] اهـ.
قال العلامة الطحطاوي في "حاشيته على مراقي الفلاح" (ص: 641، ط. دار الكتب العلمية): [أما الفرض.. فلا يتوقف على رضاه؛ لأن تركه معصية، ولا طاعة لمخلوق في معصية الخالق] اهـ.

ثانيًا: أنه لا وجه عقليٌّ ولا شرعيٌّ بأن في الاستئذان تقديمًا لحق الزوج على طاعة الله تعالى؛ إذ إن طاعة الزوج والقيام بحقه إنما هو في حقيقته طاعة لله تعالى، وقد استفاضت نصوص الشريعة بالحث والأمر بطاعة الزوج، وإذا فاضل الله تعالى بين بعض الأمور الموجبة لطاعته ورضاه أو أوقف بعضها على بعض، لم يكن للمكلف الاعتراض بتغليب أو تقديم ما يراه على ما أمر به الله تعالى.

فعن عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه قال: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ: «إِذَا صَلَّتِ الْمَرْأَةُ خَمْسَهَا، وَصَامَتْ شَهْرَهَا، وَحَفِظَتْ فَرْجَهَا، وَأَطَاعَتْ زَوْجَهَا قِيلَ لَهَا: ادْخُلِي الْجَنَّةَ مِنْ أَيِّ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ شِئْتِ» أخرجه الإمام أحمد في "المسند".

ثالثًا: تقييد استئذان المرأة لزوجها بحالة كونه شاهدًا أي: حاضرًا، دليل على أن الأمر بالإذن مقصود به قضاء حاجة الزوج من زوجته والتي إذا حضرت غلبت وتعذر تعطيلها، والله تعالى خالق الإنسان وأعلم بأحواله؛ قال تعالى: ﴿أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ﴾ [الملك: 14].

فإذا كان الزوج مسافرًا أو مريضًا أو صائمًا مثلها، أو علمت المرأة أنه لا حاجة له فيها في ذلك الوقت، أو أنها إذا استأذنته أذن لها بما سبق إليه علمها من طباع زوجها وأحواله؛ لم يجب عليها حينئذ استئذانه.

جاء في "فتاوى قاضيخان" (1/ 163، ط. دار الكتب العلمية): [وكذا المرأة إذا أرادت أن تصوم تطوعًا بغير إذن زوجها إن علمت أنها لو استأذنت زوجها يأذن لها؛ كان لها أن تصوم] اهـ.

وقال العلامة بدر الدين العيني الحنفي في "منحة السلوك في شرح تحفة الملوك" (ص: 280، ط. أوقاف قطر): [قوله: (إلا أن يكون صائمًا) أي: إلا أن يكون الزوج صائمًا أو مريضًا، فحينئذ تتطوع المرأة بغير إذنه؛ لأن النهي لحاجة الزوج، ولا حاجة في تلك الصورتين] اهـ.
وقال الإمام النووي في "شرحه على مسلم" (7/ 115، ط. دار إحياء التراث العربي): [قوله صلى الله عليه وآله وسلم «وزوجها شاهد» أي: مقيم في البلد، أما إذا كان مسافرًا فلها الصوم؛ لأنه لا يتأتى منه الاستمتاع إذا لم تكن معه] اهـ.

 

نقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصد مستمر علي مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوادث، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية

الجريدة الرسمية