هل الإسلام والإيمان شيء واحد أم مختلفان
وردت أدلة في الكتاب والسنة، تدل على أن الإسلام كان يسمى به في الملل السابقة، وأن الإسلام عام وخاص، فالإسلام بالمعنى العام يراد به عبادة الله وحده لا شريك له، وهذا دين الأنبياء عمومًا؛ قال الله تعالى عن إبراهيم: ﴿ وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ ﴾ [البقرة: 128].
وقال عن أبناء يعقوب: ﴿ قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ ﴾ [البقرة: 133].
وقال عن موسى عليه السلام: ﴿يَا قَوْمِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِالله فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُسْلِمِينَ ﴾ [يونس: 84].
وقال تعالى عن سليمان عليه السلام: ﴿أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ﴾ [النمل: 31].
وقوله تعالى مخبرًا عن ملكة سبأ: ﴿وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لله رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ [النمل: 44].
ثم قال: فهذا هو الإسلام بالمعنى العام، وأما الإسلام بالمعنى الخاص، فيراد به الدين الذي بعث الله به نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، وجعله خاتم الأديان، لا يقبل من أحدٍ سواه؛ قال الله تعالى: ﴿وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ﴾ [آل عمران: 85].
وقوله تعالى: ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإسْلامَ دِينًا﴾ [المائدة: 3]، فهذه الآية تفيد أن الله تعالى ارتضى لهذه الأمة دين الإسلام، فيفسر بالمعنى الخاص؛ ا.هـ.
هل الإسلام والإيمان شيء واحد أم مختلفان؟
الأول: قول محققي أهل العلم: وهو أن الإسلام والإيمان إذا اجتمعا افترقا، وإذا افترقا اجتمعا، فإذا أفرد الإسلام في آية أو حديث شمل ذلك الإسلام والإيمان، وإذا ذكر الإيمان وحده، عُني به الإسلام والإيمان، وسائر أمور الدين.
الثاني: قال البخاري وجماعة من أهل العلم، منهم محمد بن نصر وغيره: الإسلام والإيمان شيء واحد، وكل منها يدل على صاحبه، واستدلوا على ذلك بقوله تعالى: ﴿ فَأَخْرَجْنَا مَنْ كَانَ فِيهَا مِنْ الْمُؤْمِنِينَ فَمَا وَجَدْنَا فِيهَا غَيْرَ بَيْتٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ ﴾ [الذاريات: 35، 36].
الفرق بين الإيمان والإسلام
أصل الإيمان التصديق، وأصل الإسلام الاستسلام والانقياد، فقد يكون المرء مستسلمًا في الظاهر غير منقاد في الباطن، وقد يكون صادقًا في الباطن غير منقاد في الظاهر، والكلام حول هذه المسألة يطول خلاصته ما تقدَّم
الفرق بين الإيمان والإسلام لابن عثيمين
وقال العلامة العثيمين في "فقه العبادات" (ص64): إذا قلنا: إن الإسلام هو التعبد لله بما شرع، شمل ذلك الاستسلام له ظاهرًا وباطنًا، فيشمل الدين كله عقيدة وعملًا وقولًا، أما إذا قرن الإسلام بالإيمان، فإن الإسلام يكون بمعنى الأعمال الظاهرة، من نطق اللسان وعمل الجوارح، والإيمان الأعمال الباطنة، من العقيدة وأعمال القلوب
ويدل على هذا التفريق قوله تبارك وتعالى: ﴿ قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْأِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ ﴾ [الحجرات: 14].
وقوله تعالى في قصة لوط: ﴿ فَأَخْرَجْنَا مَنْ كَانَ فِيهَا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فَمَا وَجَدْنَا فِيهَا غَيْرَ بَيْتٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ ﴾ [الذاريات: 35، 36].
فإنه فرَّق هنا بين المؤمنين والمسلمين؛ لأن البيت الذي كان في القرية بيت إسلامي في ظاهره؛ إذ إنه يشمل امرأة لوط التي خانته وهي كافرة، وأما من أخرج منها ونجا، فإنهم المؤمنون حقًّا الذين دخل الإيمان في قلوبهم.
ويدل لذلك؛ أي: للفرق بين الإيمان والإسلام عند اجتماعهما: حديث عمر بن الخطاب س، وفيه أن جبريل سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الإسلام والإيمان، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: «الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت»، وقال في الإيمان: «أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وبالقدر خيره وشره».
فالحاصل أن الإسلام عند الإطلاق يشمل الدين كله، ويدخل فيه الإيمان، وأنه إذا قرن مع الإيمان فسر بالأعمال الظاهرة، من أقوال اللسان وأعمال الجوارح، وفسر الإيمان بالأعمال الباطنة، من اعتقادات القلوب وأعمالها.
الفرق بين الإيمان والإسلام لابن باز
يقول الإمام ابن باز في اجابته خول ها السؤال: إن الإيمان والإسلام إذا اجتمعا صار بينهما فرق في آية، أو حديث، وإذا انفرد أحدهما عن الآخر دخل فيه الآخر.
ففي قوله: إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الإِسْلامُ[آل عمران:19] يدخل فيه الإيمان؛ لأن الإسلام إذا أطلق هو الإيمان بالله، وملائكته، وكتبه، ورسوله، واليوم الآخر، وبالقدر خيره وشره، وهو أيضًا الشهادتان: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج البيت، وهو أيضًا يدخل فيه الجهاد، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والدعوة إلى الله، وصدق الحديث، وإكرام الضيف، وإكرام الجار، وبر الوالدين، وصلة الرحم.. وغير هذا مما أمر الله به ورسوله، ويدخل في الإسلام أيضًا ترك ما نهى الله عنه ورسوله، ويدخل في الإسلام أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك.
يعني: مرتبة الإحسان هذا عند الإطلاق إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الإِسْلامُ[آل عمران:19] وهكذا قوله سبحانه: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِينًا[المائدة:3] يدخل فيه الإيمان، والإحسان عند الإطلاق، وهكذا قوله جل وعلا: وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ[آل عمران:85] يدخل فيه الإيمان، والإحسان، ويدخل فيه كل ما أمر الله به ورسوله، وترك كل ما نهى الله عنه ورسوله، كله داخل في الإسلام عند الإطلاق.
وهكذا الإيمان إذا أطلق دخل فيه جميع الأوامر، وترك جميع النواهي، إذا جاء مطلقًا مثل: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ[النساء:136] ومثل قوله جل وعلا: فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أَنزَلْنَا[التغابن:8] وهكذا ما أشبه من الآيات يدخل في ذلك جميع ما أمر الله به ورسوله، وترك ما نهى الله عنه ورسوله، وهكذا الحديث الصحيح يقول النبي ﷺ: الإيمان بضع وسبعون شعبة، فأفضلها قول لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق، والحياء شعبة من الإيمان أخرجه البخاري ومسلم في الصحيحين، وهذا لفظ مسلم رحمه الله، فقوله: الإيمان بضع وسبعون شعبة، وفي اللفظ الآخر: بضع وستون شعبة يدخل فيه شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج البيت، والجهاد، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، وترك جميع المعاصي، ويدخل فيه الإيمان بالله، وملائكته، وكتبه، ورسوله، واليوم الآخر، وبالقدر خيره وشره.
يدخل فيه الإيمان بكل ما أخبر الله به ورسوله عما كان فيما مضى من الزمان، وعما يأتي في آخر الزمان.
ويدخل فيه ما أخبر الله به عن القيامة، والجنة والنار، والحساب والجزاء، كله داخل في قوله: الإيمان بضع وسبعون شعبة.
أما إذا اجتمعا فالإسلام هو الأعمال الظاهرة، والإيمان هو الأعمال الباطنة، كما في سؤال جبريل للنبي ﷺ عن الإسلام والإيمان فإن جبرائيل أتى النبي ﷺ في يوم من الأيام وهو جالس بين أصحابه في صورة إنسان غير معروف، وسأله عن الإسلام، والإيمان، والإحسان، فقال له النبي ﷺ: الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلًا، قال: أخبرني عن الإيمان، قال: الإيمان أن تؤمن بالله، وملائكته، وكتبه، ورسوله، واليوم الآخر، وبالقدر خيره وشره، قال: أخبرني عن الإحسان، قال: أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك.
وكان يصدقه كل ما أخبر به قال: صدقت، يصدقه جبرائيل عليه الصلاة والسلام، فالمقصود أنه أخبره عن الإسلام بالأعمال الظاهرة، وعن الإيمان بالأعمال القلبية، وعن الإحسان بشيء خاص من أعمال القلب وهو أن تعبد الله كأنك تراه تشاهده، فإن لم تكن تراه فإنه يراك يعني: على اعتقاد واستحضار أنه يراك، ويشاهدك ، وهذا أعلى مراتب الإسلام، والإيمان، أن تعبد الله كأنك تراه.
وبهذا تعلم ويعلم كل من سمع هذه الكلمة الفرق بين الإيمان، والإسلام، والإحسان عند الاجتماع.
وأن الإسلام إذا انفرد دخلت فيه أعمال الإيمان، والإحسان، والإيمان إذا انفرد دخل فيه أعمال الإسلام، والإحسان.
أما إذا اجتمعت الثلاثة فالإسلام هو الأعمال الظاهرة، والإيمان هو أعمال القلب الباطنة، والإحسان هو عمل خاص من أعمال القلب وهو أن تعبد الله كأنك تراه الحديث، وفق الله الجميع.
ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوادث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.