حدث في 16 رمضان، وصول الرسول وجيش المسلمين إلى بدر
حدث في رمضان، في مثل هذا اليوم 16 رمضان من العام الثاني للهجرة وصل رسول الله صلى الله عليه وسلم وجيش المسلمين إلى بدر، وإذا بقريش قد سبقوهم إليها، وقد نزلوا بالعدوة القصوى من المدينة، وهو الجانب الجنوبي من بدر، فنزل النبي وأصحابه بالعدوة الدنيا من المدينة، وهو الجانب الشمالي من بدر، استعدادًا للموقعة الحاسمة بين الطرفين.
أحداث غزوة بدر
وخرج المسلمون إلى بدر وهم ثلثمائة وتسعة عشر رجلا فقط منهم مائة من المهاجرين وبقيتهم من الأنصار، إذا أخذنا براوية الزبير بن العوام، وقد شهد الموقعة، أما البراء بن عازب الذي رده الرسول صلى الله عليه وسلم عن شهودها لصغر سنه.
فقد ذكر أن المهاجرين كانوا يزيدون على الستين وأن الأنصار كانوا يزيدون على أربعين ومائتين. وقد ذكرت المصادر أسماء 340 صحابيًا ممن شهد بدرًا، وهذا بسبب الاختلاف بينها في شهود بعضهم الغزوة.
وقد أذن رسول الله صلى الله عليه وسلم لحذيفة بن اليمان ولأبيه بعدم شهود بدر لأنهما كانا قد وعدا كفار قريش بعدم القتال معه فطلب منهما الوفاء بعهدهما.
وقد التحق بهم أحد شجعان المشركين في الطريق ليقاتل مع قومه فرده الرسول صلى الله عليه وسلم وقال: ارجع فلن أستعين بمشرك وكرر الرجل المحاولة فرفض الرسول حتى أسلم الرجل والتحق مع المسلمين. فلا بد أن تظهر الصبغة العقائدية على أولى الملاحم الإسلامية، ولا بد من وحدة الهدف فيها.
وكان مع المسلمين سبعون بعيرا يتعاقبون على ركوبها وكان الرسول صلى الله عليه وسلم وأبو لبابة وعلي بن أبي طالب يتعاقبون على بعير واحد، فأرادا أن يؤثراه بالركوب فقال: «ما أنتما بأقوى مني، ولا أنا بأغني عن الأجر منكما» ويالروعة هذا الموقف عندما يستوي القائد والجند في تحمل الشدائد وقد تملكم الصدق والإخلاص في التطلع إلى رضوان الله وثوابه! وكيف لا يحتمل الجند المشاق وقائدهم يسابقهم في ذلك, ولا يرضى أن يكون دونهم في مواجهتها، وهو شيخ في الخامسة والخمسين من عمره!!.
وقد أمر النبي على المدينة عند خروجه عبد الله بن أم مكتوم للصلاة بالناس، ثم أعاد أبا لبابة من الروحاء – وهي على أربعين ميلا من المدينة – وعينه أميرًا على المدينة. مما يبين أهمية وجود الأمير في الحضر والسفر والسلم والحرب.
وقد بلغ أبا سفيان خروج المسلمين لأخذ القافلة، فسلك بها في طريق الساحل وأرسل ضمضم بن عمرو الغفاري لاستنفار أهل مكة، فلما علمت قريش الخبر استعد للخروج دفاعًا عن قافلتها، وقد ذكر ابن عباس وعروة بن الزبير أن عاتكة بنت عبد المطلب رأت في المنام أن رجلًا استنفر قريشا وألقى بصخرة من رأس جبل أبي قبيس بمكة فتفتتت ودخلت سائر دور قريش، وقد أثارت الرؤيا خصومة بين العباس وأبي جهل حتى قدم ضمضم وأعلمهم بخبر القافلة. فسكنت مكة وتأولت الرؤيا.
أسباب غزوة بدر
وكان وقع الخبر على قريش كالصاعقة، فإن التعرض لقوافلها السابقة كان ينتهي بمناوشات خفيفة قصد منها المسلمون إقلاق قريش، أما هذه المرة فقد قصدوا أخذ القافلة فعلا، يدل على ذلك قول الرسول صلى الله عليه وسلم للمسلمين: «هذه عير قريش فيها أموالهم، فأخرجوا إليها لعل الله ينفلكموها». لذلك سارعت قريش للخروج، وحاولت أن تجند كل طاقتها، فلم يتخلف أحد من فرسانها ورجالها إلا البعض – مثل أبي لهب – ممن أرسل بدله رجلًا. فقد كانت قريش في أشد الغضب وكانت ترى فيما حدث امتهانًا لكرامتها وحطًا لمكانتها بين العرب، فضلًا عن ضرب مصالحها الاقتصادية الكبيرة. لذلك كان من يظهر التردد في الخروج مع جيش قريش يتجه إليه زعماء قريش بالعتاب واللوم حتى يقنعوه بالخروج.
وقد صح أن عدد جيش المشركين بلغ ألفًا، وقد ذكر ابن إسحق دون إسناد – أنهم كانوا تسعمائة وخمسين مقاتلا معهم مائتا فرس يقودونها، ومعهم القيان يضربن بالدفوف ويغنين بهجاء المسلمين.
وأما عن تمويل الجيش فإن الأموي ذكر – دون إسناد – أن أثرياء قريش كانوا ينحرون الإبل مرة تسعًا ومرة عشرًا لإطعام الجيش. وقد انشق بنو زهرة ورجعوا إلى مكة بعد أن نصحهم بذلك الأخنس بن شريق حين علموا بنجاة القافلة. وهم بالجحفة شرق رابغ، ولكن معظم الجيش تقدموا حتى وصلوا إلى منطقة بدر. فلم تعد نجاة القافلة هدفهم بل تأديب المسلمين وتخليص طرق التجارة من تعرضهم وإعلام العرب بقوة قريش وسلطانها وسقط بعض خدمهم أسرى بيد المسلمين عند عيون المياة ببدر، وقد عرف منهم الرسول صلى الله عليه وسلم عدد الجيش وموقعه وزعماءه، فقد ذكروا عدد ما ينحرون من الإبل لطعامهم كل يوم فقال:«القوم ألف، وكل جزور لمائة وتبعها».
ولم يرتح بعض المسلمين لنجاة القافلة ومواجهة جيش المشركين لأنهم لم يستعدوا للقتال. وقد صور القرآن الكريم موقفهم في الآيات التالية: {كَمَآ أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِن بَيْتِكَ بِٱلْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقًا مِّنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ لَكَارِهُونَ} [الأنفال: 5] {يُجَادِلُونَكَ فِي ٱلْحَقِّ بَعْدَ مَا تَبَيَّنَ كَأَنَّمَا يُسَاقُونَ إِلَى ٱلْمَوْتِ وَهُمْ يَنظُرُونَ} [الأنفال: 6] {وَإِذْ يَعِدُكُمُ ٱللَّهُ إِحْدَى ٱلطَّآئِفَتِيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ ٱلشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ وَيُرِيدُ ٱللَّهُ أَن يُحِقَّ الحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَيَقْطَعَ دَابِرَ ٱلْكَافِرِينَ} [الأنفال: 7].
وكان الأنصار قد بايعوا الرسول صلى الله عليه وسلم في بيعة العقبة الثانية على أن يحموه في بلدهم، ولم يبايعوه على القتال معه خارج المدينة لذلك اقتصرت السرايا التي سبقت بدر على المهاجرين، ونظرا لوجود الأنصار مع المهاجرين ببدر وتفوقهم العددي الكبير فقد أراد الرسول صلى الله عليه وسلم معرفة رأيهم في الموقف الجديد. فكان أن شاور أصحابه عامة وقصد الأنصار خاصة، وقد روى ابن إسحق خبر المشورة بسند صحيح قال:
“فاستشار الناس وأخبرهم عن قريش، فقام أبو بكر الصديق فقال وأحسن، ثم قام عمر بن الخطاب فقال وأحسن، ثم قام المقداد بن عمرو فقال: يا رسول الله امض لما أراك الله فنحن معك والله لا نقول لك كما قال بنو إسرائيل لموسى: اذهب أنت وربك فقاتلا إنا ها هنا قاعدون، ولكن اذهب أنت وربك فقاتلا إنا معكما مقاتلون، فوالذي بعثك بالحق لو سرت بنا إلى برك الغماد لجالدنا معك من دونه حتى تبلغه.
فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم «خيرًا» ودعا له.
ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «أشيروا عليّ أيها الناس؟» وإنما يريد الأنصار، وذلك أنهم كانوا عدد الناس وأنهم حين بايعوه بالعقبة قالوا: يارسول الله إنا براء من ذمامك حتى تصل إلى ديارنا فإذا وصلت إلينا فأنت في ذمتنا نمنعك ما نمنع منه أبناءنا ونساءنا.
فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتخوف ألا تكون الأنصار ترى عليها نصره إلا ممن دهمه بالمدينة من عدوه، وأن ليس عليهم أن يسير بهم إلى عدو من بلادهم.
فلما قال ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له سعد بن معاذ: والله لكأنك تريدنا يارسول الله؟ قال: «أجل».
قال: فقد آمنا بك وصدقناك وشهدنا أن ما جئت به هو الحق، وأعطيناك على ذلك عهودنا ومواثيقنا على السمع والطاعة لك. فامض يارسول الله لما أردت فنحن معك. فوالذي بعثك بالحق لو استعرضت بنا البحر فخضته لخضناه معك ما تخلف منا رجل واحد، وما نكره أن تلقي بنا عدونا غدًا، إنا لصبر في الحرب، صدق عند اللقاء، لعل الله يريك منا ما تقر به عينك، فسر على بركة الله. قال: فسر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقول سعد ونشطه، ثم قال: «سيروا وأبشروا فإن الله قد وعدني إحدى الطائفتين، والله لكأني أنظر إلى مصارع القوم».
فلما رأى النبي صلى الله عليه وسلم طاعة الصحابة وشجاعتهم واجتماعهم على القتال، وحبهم للتضحية من أجل الإسلام بدأ بتنظيم جنده، فأعطى اللواء – وكان أبيض – إلى مصعب بن عمير، وأعطى رايتين سوداوين لعلي بن أبي طالب وسعد بن معاذ، وجعل على الساقة قيس بن أبي صعصعة.
وقد ظهرت الخلافات في جيش المشركين حيث كان عتبة بن ربيعة يريد العودة دون قتال المسلمين لئلا تكثر الترات بين الطرفين وبينهم أرحام وقرابات، أما أبو جهل فكان مصرًا على القتال، وقد غلب رأيه أخيرا، فقام المشركون بإرسال جاسوس لهم للتعرف على عدد المسلمين فأخبرهم بعددهم. وأخذ أبو جهل يدعو على رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: “اللهم أينا كان أقطع للرحم، وأتانا بما لا نعرف فأحنه الغداة” فكان ذلك استفتاحه الذي أشارت إليه الآية الكريمة {إِن تَسْتَفْتِحُواْ فَقَدْ جَآءَكُمُ ٱلْفَتْحُ وَإِن تَنتَهُواْ فَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَإِن تَعُودُواْ نَعُدْ وَلَن تُغْنِيَ عَنْكُمْ فِئَتُكُمْ شَيْئًا وَلَوْ كَثُرَتْ وَأَنَّ ٱللَّهَ مَعَ ٱلْمُؤْمِنِينَ} [الأنفال: 19]
لقد وصل المسلمون إلى بدر وقاموا باستطلاع المكان قبل وصول المشركين وقد ورد بسند حسن إلى عروة لكنه مرسل أن الحباب بن المنذر أشار على النبي صلى الله عليه وسلم بأن يترك مياه بدر خلفه لئلا يستفيد منها المشركون وأن النبي صلى الله عليه وسلم قبل مشورته. ورغم ضعف هذه الرواية من جهة الإرسال فإن مبدأ الشورى ثابت بنصوص القرآن الكريم وأحداث السيرة المطهرة.
فكثيرًا ما كان الرسول صلى الله عليه وسلم يستشير أصحابه فيما لا وحي فيه، من الكتاب والسنة تعويدًا لهم على التفكير بالمشاكل العامة وحرصا على تربيتهم على الشعور بالمسئولية ورغبة في تطبيق الأمر الإلهي بالشورى وتعويد الأمة على ممارستها.
ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوادث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا، دوري أبطال أفريقيا، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة والسياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.