بالمؤمنين رءوف رحيم (2)
نبينا رحمة عامة مهداة لجميع خلق الله.. مصداقا لما ورد في التنزيل الحكيم: "وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ". (الأنبياء: 107). وهو نور يضيء طريق الهداية للناس، قال تعالى: "يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا * وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا". (الأحزاب: 45 – 46).
وعن أنس بن مالك، رضي الله عنه: "لما كان اليوم الذي دخل فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة، أضاء من المدينة كل شيء، فلما كان اليوم الذي مات فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم أظلم كل شيء، وما فرغنا من دفنه حتى أنكرنا قلوبنا". (مسند أحمد).
الدعوة المستجابة
وقد منح الله تعالى الأنبياء دعوة مستجابة، فتعجلوها ودعوا بها، أما الرسول الكريم فقد ادخرها لأمته، كما في الحديث: “لكل نبي دعوة مستجابة فعجل كل نبي دعوته، وإني اختبأت دعوتي شفاعة لأمتي يوم القيامة”. (رواه البخاري ومسلم).
في رسالة النبي الكريم، تتجلى كل معاني الرحمة، فقد رفع الله به، صلى الله عليه وسلم، عن أمته الإصر والأغلال التي كانت على الأمم السابقة، فيسر لها الدين ورفع عنها الحرج: "هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ". (الحج:78 ).
جاء سيدنا رسول الله، صلى الله عليه وسلم، برسالة الرحمة، وأوصى أتباعه بأن يكونوا رحماء، كما وصفهم القرآن: "مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ". (الفتح: 29). وقال أنس بن مالك، رضي الله عنه: "ما رأيت أحدا كان أرحم بالعيال من رسول الله صلى الله عليه وسلم". (صحيح مسلم).
وقال زيد بن حارثة: "أرسلت ابنة النبي صلى الله عليه وسلم أن ابنًا لي قبض فأتِنا، فأرسل يقرئ السلام، ويقول: إنَّ لله ما أخذ، وله ما أعطى، وكلٌّ عنده بأجلٍ مسمى فلتصبرْ ولتحتسبْ، فأرسلت إليه تقسم عليه ليأتينَّها، فقام ومعه سعد بن عبادة ومعاذ بن جبل وأبي بن كعب وزيد بن ثابت ورجال، فرفع إلى الرسول صلى الله عليه وسلم الصبي، ونفسه تتقعقع، ففاضت عيناه، فقال سعد: يا رسول الله ما هذا؟ فقال: هذه رحمة جعلها الله تعالى في قلوب عباده. وإنما يرحم الله من عباده الرحماء". (رواه البخاري ومسلم).