الحرام.. أشهر فيلم واقعي درامي اجتماعي.. حصل على المرتبة الخامسة ضمن أفضل 100 عمل في السينما المصرية.. وكشف معاناة عمال التراحيل مع الفقر والمرض
فيلم الحرام ، عرض لأول مرة في مثل هذا اليوم 2 مارس عام 1965، بسينما ميامي بالقاهرة، وصنف بالفيلم الواقعي الدرامي الاجتماعي، عن قصة بنفس الاسم للأديب الراحل الدكتور يوسف إدريس، وسيناريو وحوار الكاتب سعد الدين وهبة، وإخراج هنري بركات، وتم اختياره في المرتبة الخامسة ضمن أفضل 100 فيلم في السينما المصرية.
مؤسسة السينما ترفض بيع فيلم «الحرام» بسبب الفلاح الفقير
يحكي فيلم "الحرام" معاناة عمال التراحيل مع الفقر والمرض من خلال زوج يعاني المرض ويشتاق إلى البطاطا، وعندما تحاول زوجته عزيزة اقتلاع "ذر بطاطا" يغتصبها أحد الأشخاص، فتحمل وتخفى حملها، وعندما تلد تحبس أنفاس المولود خوفًا من الفضيحة، لكنها تصاب بحمى النفاس فينفضح أمرها.
«الحرام» أعظم فيلم مصري واقعي بشهادة عالمية
معاناة عمال التراحيل
وجسدت الفنانة فاتن حمامة قصة حياة عمال التراحيل ومشاكلهم، حتى أنها قصدت الريف قبل تصوير الفيلم في مدينة الفيوم مدعية أنها باحثة اجتماعية لكي تقضي فيه أياما، تكلم الناس خلالها وتسألهم عن أحوالهم ومشاعرهم وتكتنزها في داخلها، حتى إذا قامت بالدور، كانت اقرب ما تكون إلى الواقع الذي يعيشه القرويون، وكان انطباع فاتن عن سكان الريف: بأن أكثر ما يميزهم الكرم الشديد، أنهم يرحبون بك، ويعتبرونك على الفور واحدًا منهم ويجعلونك تحس أنك في بيتك، بين أهلك وأصحابك، ويقدمون لك أغلى ما عندهم ببساطة وبإحساس بالرضا ويشيع منهم مودة رائعة.
وشارك في بطولة فيلم الحرام الفنانين عبدالله غيث وزكي رستم وحسن البارودي ووداد حمدى وحسن مصطفى، وتقمص صوت الراوي الذي يرافق المشاهد عند بدايات الفيلم الفنان حسين رياض، وقد وصفت فاتن الفيلم بأنه أحب الأفلام إليها، وأنها عايشت الفلاحين كثيرًا قبل تصويره، ومع ذلك فشل الفيلم عند عرضه، لكنه بعد سنوات نجح وأعيد تقييمه وحصل على جوائز عديدة.
نشوى مصطفى: أصبحنا مثل عبدالله غيث فى فيلم الحرام
كومبارس غير لائقات للدور
وتتحدث فاتن حمامة مع الإذاعية أمينة صبري عام 1970 عن افلامها مع المخرج هنري بركات فتقول: قدمت الدور بالاستعانة بفلاحات التراحيل لأن الكومبارس الذين استعانوا بهم في الفيلم كن سمينات، ولم يعرفن كيف يمثلن حياة فلاحات التراحيل اللاتى انهكهن الفقر والمرض.
وأضافت: أن أهم شخصية في فيلم "الحرام "كانت شخصية زكي رستم.. هذا العملاق العبقري وأتذكر له مشهدا حين كان يسير في الغيطان وهو ثاني ركبته ويحمل عصاه ولما استفسر منه بركات عن ذلك قال إن ناظر الزراعة دائما يسير هكذا، كما أن فكرة وضع المنديل تحت الطربوش كانت فكرة هذا الفنان العبقري، وبالرغم من ذلك وكما يحكي الفنان حسن مصطفى أنه اثناء تصوير فيلم الحرام، كانت فاتن حمامة تعيد أحد المشاهد أكثر من مرة، مما تسبب هذا الأمر في توتر زكي رستم، وخرج عن صمته وقال يا فاتن هتعيدي مرة واتنين وتلاتة وأربعة، ومش هتتفوقي عليا، فبلاش تعيدي.
فشل الفيلم في البداية
وتتعجب فاتن حمامة من ان كاتب قصة "الحرام" الدكتور يوسف إدريس غضب من الفيلم ولم يعجبه السيناريو وقال إنه أبعد ما يكون عن القصة بالرغم من أن كاتب السيناريو كاتب كبير له رصيد سينمائى ومسرحى كبير هو سعد الدين وهبة. وللأسف فشل الفيلم جماهيريا وخسر المنتج كثيرا وتعرض جميع العاملين فيه للنقد حتى وصل إلى حد الهجوم والسباب وكانوا يقولون لنا "كفاية فقر".
الفلاح حافي القدمين
واستكملت فاتن حمامة: «أيضا عرضت القنوات التلفزيونية العربية والأجنبية حق شراء الفيلم لعرضه في بلادهم فرفضت مؤسسة السينما ووزارة الثقافة المصرية بحجة أن الفلاح في مصر كان حافى القدمين وأن الفيلم يعكس القهر والفقر والجهل في القرية المصرية مما لا يستوجب عرضه، بالرغم من أن هناك شهادة من الكاتب رجاء النقاش بأن فيلم الحرام من أفضل الأفلام المأخوذة عن روايات لأن السيناريو حافظ على جوهر الرواية وقدم عملا سينمائيا متكاملا قائما بذاته والفضل فيه إلى السيناريو الذي قدمه الكاتب سعد الدين وهبة.
تم ترشيح فيلم الحرام للعرض في مهرجان كان السينمائى عام 1965، وتم ترشيحه لنيل جائزة السعفة الذهبية وحاز على اعجاب النقاد وتحدثت عنه الصحف العالمية، وأثناء حضور فاتن حمامة، مهرجان كان لـ عرض فيلم "الحرام" قامت بإرتداء فستان أسود بسيط وأضافت عليه لمسات من الحضارة الفرعونية، لـتظهر هويتها المصرية بطريقة حضارية أنيقة ليعد أفضل فستان تم ارتدائه من قبل فنانة مصرية في مهرجان كان السينمائي، والفستان كان من تصميم المخرج السينمائى ومهندس الديكور شادى عبد السلام.
أفضل فيلم واقعي بشهادة عالمية
فكتب جورج سادول المؤرخ الفرنسي للسينما العالمية في جريدة الآداب الفرنسية بعد أن شاهد فيلم "الحرام" في المهرجان: فيلم الحرام مفاجأة طيبة بعد ما اعتدنا أن نراه من الأفلام في المهرجانات السابقة... وقد كتبت عن الحرام قبل ذلك بعد أن عدت من رحلتي إلى مصر ولكني خشيت أن يكون إعجابي بالفيلم نتيجة لتأثري الشديد بما شاهدته هناك، وللقائي بالمخرج هنري بركات.. إلا أنني بعد أن شاهدت الفيلم ثانية في المهرجان تأكدت من صحة رأيي، وأعتقد أنه يشاركني في ذلك نقاد كثيرون أعجبوا جميعا بالواقعية التي عرض بها الفيلم الحياة اليومية في القرية المصرية. وإن كان الفيلم طويلا بعض الشئ، إلا أني أعجبت بالتفاصيل التي تجعلنا نعيش مع أولئك الفلاحين في حياتهم الفعلية، الحرام قصة بدون مبالغة أو انفعال ونقد اجتماعي بدون دعاية هو أفضل فيلم واقعى ويستحق العديد من الجوائز.
وكتبت جريدة "لوموند" الفرنسية عن الفيلم، وقالت:لقد أثار فيلم الحرام للمخرج بركات إهتمامًا خاصًا.. كان من الممكن لهذا الفيلم أن يكون مجرد فيلم ميلودرامي، إلا أن المخرج لم يقع في هذا الخطأ، لماذا؟ لأنه حافظ على الواقعية في الفيلم.. إنه يعطينا سجلًا للحياة اليومية في قرية صغيرة.. وتصوير البطلة يعكس بإستمرار ما يعانيه هذا المجتمع، فهي رمز للمجموعة وهذا هو ما أعجبنا في الحرام.
عمل سينمائي متكامل
وقال الكاتب والناقد العراقي رضا الطيار في كتابه "الرواية العربية في السينما": إن فيلم الحرام من أفضل الأفلام المأخوذة عن روايات أدبية، فقد أفلح في الحفاظ على جوهر الرواية، وأيضًا قدم للسينما عملًا سينمائيًا متكاملًا بفضل كاتب السيناريو سعد الدين وهبة.
ويحكى الأديب الدكتور يوسف إدريس ـ مؤلف الرواية ـ أنه عندما تم عرض فيلم “الحرام” في مهرجان كان السينمائي الدولي عام 1965، فقد لُوحظ خلال العرض أن هناك ثلاث سيدات يبكين أمريكيات يبكين بشكل هستيري بعد انتهاء الفيلم، مما دفع فضول إدريس لمعرفة السر، فأوقف إحداهن وسألها عن سبب هذا التأثر الشديد فسأل إحداهن: ما هو سر حزنك على بطلة الفيلم "عزيزة" وهي من بلاد بعيدة عنك ولا تمت لك بأية صلة؟
فاندهشت المرأة وسألته عن سر اهتمامه، فأجابها أنه كاتب الرواية ويريد التوصل إلى سر ذلك الارتباط بين الجمهور وبين أبطال العمل، فأجابته بقولها: "أنت بتكتب عن الإنسان بعيدًا عن ظروف الزمان والمكان، وأنا تأثرت بـ "عزيزة أكثر من تأثري بجارتي التي تقاربني في الزمان والمكان.. لأني شوفت عزيزة من جوه، وهكذا لم نر فاتن حمامة التي نعرفها فقد ذوبتها عزيزة، فعدنا لا نفرق بين الشخصيتين.
لينتهى فيلم الحرام بقول الراوى حسين رياض وهو يقول: حين ينقل جثمان عزيزة إلى قريتها التي جاءت منها تحت جنح الظلام، وعادت عزيزة إلى قريتها جثة هامدة، ولكن الناس ظلوا يتساءلون: أهي خاطئة غسلت بالموت خطيئتها أم شهيدة دفعتها إلى الخطيئة، خطيئة أكبر منها.. وعندما تحرر الترحيلة من وقع السياط، عادت الشجرة التي وقعت تحتها الخطيئة مزارا للنساء الباحثات عن الولد في الحلال، لا في الحرام.
ونقدم لكم من خلال موقع "فيتو"، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم، أسعار الدولار، أسعار اليورو، أسعار العملات، أخبار الرياضة، أخبار مصر، أخبار الاقتصاد، أخبار المحافظات، أخبار السياسة، أخبار الحوادث، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي، الدوري الإيطالي، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا، دوري أبطال أفريقيا، دوري أبطال آسيا، والأحداث الهامة والسياسة الخارجية والداخلية، بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.