مدارس وجامعات باليورو والدولار!
قرارات غريبة وتصرفات عجيبة تصدر من عدة جهات في الدولة تشى بغياب التنسيق وضبابية الرؤية وتضارب العلاقات بين أجهزة الدولة ومؤسساتها، والانفصال التام بين الجهات التي تصدر فرماناتها للمواطنين وبين ما يعيشه المواطن المصرى يوميا.
يعنى البنوك ملزمة أن تسألك من أين لك هذا إذا قررت إيداع أي مبلغ فى البنك، ولابد أن تثبت مصدر حصولك على هذه الأموال! ولو اتظبط فى جيبك 200 دولار هتتعمل لسيادتك قضية وتدخل فى سين وجيم وتلبس فى قضية اتجار فى عملة صعبة.. وهوووب تلاقى نفسك فى موقف صعب!
بينما الحكومة تغض البصر عن المدارس الإنترناشيونال التي تضم طلابا بالآلاف.. تقوم هذه المدارس بإجبار أولياء الأمور على سداد مصروفات أولادهم الدراسية كاملة، أو نصفها بالعملة الصعبة يورو أو دولار!
طيب بالعقل كده، ولى الأمر المقهور لازم يعمل إيه! هل يضحى بمستقبل ابنه ويمتنع عن دفع المصروفات بالدولار؟! أم يذهب للبنك بصفته مواطن يطلب توفير دولارات لمدرسة ابنه وتغييرها بالجنيه المصري وبالسعر الرسمى.. علشان يبقى ماشي مظبوط وبالقانون.. طبعا يروح البنك ويمشى فى السليم، يقوم البنك يرد على طلبه بالاعتذار والأسف الشديد حيث إن طلبه غير متاح!
يروح المواطن يلجأ مضطرا للسوق السوداء لتدبير مصروفات ابنه فى المدرسة الإنترناشيونال بالدولار، ويدفع ضعف قيمة الدولار فى البنك.. ونفس القصة تتكرر فى بعض الجامعات الخاصة!
يبقى الدولة بتحرم على الناس التعامل بالدولار خارج البنوك.. وفى نفس الوقت تترك الحرية للمدارس الإنترناشيونال والجامعات الخاصة الدولية باستغلال الطلاب وأهاليهم بإجبارهم على دفع المصروفات أو جزء منها بالعملة الصعبة! وتترك أولياء الأمور المصريين فى كرب شديد وبين مطرقة مصروفات دراسة أولادهم بالدولار.. وبين سندان ممنوعات الحكومة وتعرضهم للعقوبات القانونية!
طيب يعمل إيه أي أب مصري وأم مصرية كل أمنياتهم تعليم أولادهم تعليما راقيا ومحترما، وترك مدارس الحكومة المكتظة والعاجزة عن استيعاب كل التلاميذ ولم تعد صالحة لدور المدرسة فى التربية ولا فى التعليم!
وماذا يفعل أولياء الأمور المصريين وهم كل يوم يطلع قرار جديد يزيد حياتهم كربا فوق كربهم.. وكأنها عقوبة كل أب وأم قرروا الارتقاء بأولادهم واستثمار أموالهم فى تعليمهم تعليما راقيا بفلوسهم.. من أول مرحلة رياض الأطفال وحتى الانتهاء من الجامعة!
يعنى باختصار وفروا على الحكومة عبء دعمهم طوال مراحل التعليم، يعنى هيتعلموا على حسابهم ويقدموا لبلدهم أفضل نماذج علمية تفتخر بها فى المستقبل وبدون تحميل خزانة الدولة مليما.. يبقى السؤال هنا: لماذا لا تساعدهم الدولة، وتمنع المدارس الإنترناشيونال والجامعات الخاصة من إجبارهم على دفع المصروفات باليورو والدولار؟
خاصة أن تعليم أولادهم الراقى يؤهلهم مستقبلا ليكونوا أطباء ناجحين أو مهندسين أو قيادات فكرية واقتصادية ناجحة قادرة على العطاء والقيادة السليمة، كل فى موقعه.. وبدون ما يكلفوا الدولة مليما، يعنى البلد هتستفيد من تعليمهم على الجاهز!
ولّا الأفضل من وجهة نظر الحكومة أن هذه العقليات المميزة والطلاب المتميزين لابد أن تستفيد بهم الدول الأخرى، وتدير لهم بلدهم ظهرها، ويعاقبهم المسئولون هنا على أن تعليمهم هو الأفضل!