عندما تصبح الطاقة.. قوة ناعمة
قبل سبع سنوات، وعندما أُطلقت نسخته الأولى، لم يكن يُتصور المرءُ أن يصبح معرض ومؤتمر "إيجبس" واحدا من أهم أدوات مصر في الإسهام الحضاري في مجال الطاقة بعد أن جاءت نسخته السابعة، والتي عقدت في الفترة من 19-21 من الشهر الجاري لتتشارك مائة وعشرين دولة في نقاش جاد من أجل مستقبل الطاقة في العالم.
وإذا كان المتخصصون يعتبرون مؤتمر ومعرض مصر الدولى للطاقة واحدا من أهم فعاليات النقاش الجمعى حول مستقبل ومستجدات ملف الطاقة عالميا، فإنني أراه على نحو مختلف، قد لا يتناقض مع رؤية المختصين، بل يضيف إليه بعدا إنسانيا يضع مصر في مكانها الصحيح، حضاريًّا وإنسانيًّا؛ باعتباره واحدًا من أدوات القوة الناعمة المصرية رغم تخصصه.
موقع مصر الجيوسياسي يفرض عليها أدوارا تقوم بها علي مدار تاريخها، ثقافيًّا وحضاريًّا، وهذا الدور يرتبط ارتباطا وثيقا بما يجب أن تكون عليه دولة محورية في محيطها الإقليمي والدولى، وقد قامت مصر بهذا الدور في فترات تاريخية ممتدة مهما كانت الصعوبات.
مصر التي تحظى بإطلالة على ضفة المتوسط، وتقع في قلب الأمة العربية وتمنح عطاءها لقارتها السمراء مع جذور إسلامية يتشعب دورها الثقافي والحضاري والقيمي يجعل المسألة ليست مجرد مؤتمر ومعرض سنوي لمناقشة قضايا الطاقة ومستجداتها، بل يتعدى ذلك بكثير، ويصل إلى مراحل اعتباره مرجعًا دوليًّا لقضايا الطاقة.
ولعل الإقبال الكبير بالمشاركة والنقاش الجاد في النسخة السابعة قد منح الحدث أهمية دولية كبرى، وقد عبر عنها السيد كريستوفر هدسون رئيس شركة "دى إم جى إيجنس" المنظمة للمؤتمر بقوله: "إن الدفع بالتحول الطاقي وتأمين الإمداد وإزالة الكربون في صناعتنا إنما هو جوهر موضوع هذا المؤتمر، وابتكار شراكات جديدة من أجل الدعم والمضي قدما بالنمو والتقدم الاقتصادي، وبالطبع زيادة العرض والطلب، إننا نسعى لتحقيق توازن من الصعب تحقيقه والحاجة للعمل الجماعي الملح من أجل أن يكون هناك تعاون مثمر عبر الصناعة للإسراع بالتحول الطاقي، والذي لم يبلغ مثيله من قبل".
وأضاف: "نحن في الواقع لدينا مصادر طاقة لا يمكن الاستغناء عنها، وأيضا هناك الطاقة الجديدة مثل الهيدروجين الأخضر والابتكارات في هذا المجال، والذي يعد أمرًا جوهريًّا وحيويًّا من أجل تحقيق هذا التحول والتقدم في قطاع الطاقة، وإن مصر تلعب دورًا فعالا وحيويًّا كمنصة ومحفز للتغير من أجل الابتكار والاستثمار، ومعا نعمل لتحقيق وتأمين مستقبل طاقة مستدام".
ولأن المؤتمر يناقش مستقبل العالم في واحدة من أهم قضايا الوجود الإنساني فإن متابعته جعلت مصر في قلب الحدث من وسائل الإعلام العالمية التي تحولت غرف أخبارها إلى عاصمة المعز لتنقل للبشرية كلها آخر ماوصلت إليه تكنولوجيا الطاقة ومستجداتها.
تحية لكل القائمين على هذا الحدث الثقافي الاقتصادي الهام، وفي القلب منهم المهندس طارق الملا، وزير البترول، الذي لا يكل ولا يمل من طرح أفكار مصرية خالصة تعبر عن الدور المحورى الذي تقوم به بلادنا في أهم مجالات الحياة.