13 عاما على تنحي حسني مبارك.. صعد للسلطة بطريقة درامية.. تجاهل نظامه صوت الشارع.. انحاز الجيش لمطالب المصريين.. ووجد نفسه مجبرًا على نقل السلطة للقوات المسلحة
قبل 13 عامًا، وفي مثل هذا اليوم تنحى الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك عن السلطة بعد 3 عقود قضاها في الحكم، ليترك المنصب في يد المجلس الأعلى للقوات المسلحة، ويواجه مصيره في معركة قانونية استمرت سنوات قبل أن يلقى ربه لاحقًا، بما له وما عليه.
ما قبل التنحي.. هكذا تولى مبارك السلطة في مصر
من المظاهر العجيبة في قراءة حكم الرئيس الأسبق حسني مبارك، أن قدومه للسلطة كان مثل رحيله، جاء وغادر في ظروف مأساوية.
ولد محمد حسني مبارك وشهرته حسني مبارك في 4 مايو عام 1928 بقرية كفر المصيلحة في محافظة المنوفية، ودخل الكلية الجوية وترقى في المناصب العسكرية حتى وصل إلى منصب رئيس أركان حرب القوات الجوية، ثم قائدًا لها في أبريل 1972.
تولى حسني مبارك رئاسة القوات الجوية للجيش المصري أثناء حرب أكتوبر 1973، وعرفانا بدوره اختاره الرئيس الراحل عام 1975 نائبا له، وبعد 6 سنوات اغتيل الرئيس السادات بشكل مفاجئ على يد متطرفين إسلاميين عام 1981، لينهض حسني مبارك من تحت كومة الكراسي، بعد أن رأى شبح الموت بجوار السادات، ليجلس على سدة الحكم طيلة 30 عاما في رئاسة أكبر دولة بالعالم العربي.
ويشيد الكثير من النقاد بأول عقدين لمبارك في السلطة، قبل أن ينتهي كل شيء في العقد الأخير، بعد فتح باب الخصخصة على مصراعيه دون ضوابط، واتساع رقعة الفقر بين المواطنين، وتوحش الأمراض المزمنة التي افترست أجساد المصريين، وإعداد الإبن ـ جمال مبارك ـ للسلطة بكل الطرق الممكنة، وفساد الحزب الوطني الديمقراطي الذي زوّر آخر انتخابات قبل الثورة بعام واحد، استبعد النظام كل أطياف المعارضة، ما وضع البلاد على فوهة بركان.
يعتقد البعض أن حسني مبارك لم يستطع أن يحقق ما كان يعد به دائما من تحقيق الاستقرار الاقتصادي وحماية محدودي الدخل بل ظل الاقتصاد يعاني حتى الآن من مشاكل كبيرة، وخاصة بعد تبنيه عمليات الخصخصة التي أثير حولها الكثير من الشكوك والمشاكل من حيث عدم جدواها وإهدارها للمال العام. وأنها كانت في صالح المستثمرين وأصحاب روؤس الأموال فقط.
كما أنه لم يستطع تحقيق معدلات معقولة من نسبة البطالة للبلد ويرجع هذا إلى السبب الأول بجانب تحكم عدد قليل من أصحاب روؤس الأموال في مقدرات البلد، بالرغم من هذا فإن مصر احتلت مركزا متقدما في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في جذب رؤوس الأموال الأجنبية للاستثمار المباشر في 2007.
كما شهد عصر مبارك تزايد الإضرابات العمالية واستفحال ظاهرة العنف ضد المرأة، وفي عصره تزايد أيضا عدد الفقراء حيث أشار تقرير نشر في فبراير 2008 أن 11 مليون مواطن يعيشون في 961 منطقة عشوائية، وتفاقمت الأزمة الاقتصادية إثر بعض السياسات الاقتصادية التي وضعت ثروات البلاد في يد 2% من المصريين، لهذا اتخذت الأزمة الاقتصادية في عهده منعطفًا خطيرا بعد عام 1998، وزادت معدلات التضخم بصورة ضخمة وتضاعفت الأسعار بسبب قرار اتخذه رئيس الوزراء وقتها عاطف عبيد بتحرير سعر الدولار، كما استمر قانون الطوارئ طوال فترة توليه الرئاسة.
حسب تصنيف مجلة باردي الأمريكية كان حسني مبارك يعتبر الديكتاتور رقم 20 الأسوأ على مستوى العالم لعام 2009 بينما حل في المركز السابع عشر في عام 2008 لنفس القائمة، كما احتل مبارك المركز الخامس عشر في قائمة فورين بوليسي (أسوأ السيئين) لعام 2010 واعتبرته «حاكم مطلق مستبد يعاني داء العظمة وشغله الشاغل الوحيد أن يستمر في منصبه، واكدت أنه كان يجهز ابنه جمال لخلافته، وأضافت فورين بوليسي الأمريكية أنه لا عجب أن 23 % فقط من المصريين أدلوا بأصواتهم في الانتخابات الرئاسية عام 2005.
سقوط مبارك في 18 يوما
بطريقة درامية مثل صعوده إلى السلطة، لم يستغرق إبعاد الرئيس الأسبق حسني مبارك أكثر من ثمانية عشر يومًا بعد اندلاع ثورة 25 يناير عام 2011، إذ طارت الشرارة من تونس إلى مصر فور هروب الرئيس زين العابدين بن على، إثر مظاهرات عارمة اندلعت فجاة ودون سابق إنذار، انتصارا لأحد الشباب الذي أشعل النار في نفسه، احتجاجا على الفقر، وسوء المعاملة الأمنية له.
اندلعت المظاهرات في القاهرة، ولم يأخذ مبارك ونظامه التهديد على محمل الجد، ومع تطور الأحداث، وبطء النظام في التعامل معها واشتعال المشهد بسرعة لافتة كادت أن تكلف البلاد كثيرا، انحاز الجيش لمطالب الشارع، ووجد مبارك نفسه مجبرًا على نقل السلطة إلى المجلس الأعلى للقوات المسلحة صباح 11 فبراير 2011.
ورغم خروج العديد من الحركات التي ساندت مبارك في أزمته، ولازالت مستمرة حتى اليوم على رأسها «أنا أسف ياريس»، إلا أن الغالبية أظهرت رأيها في استطلاعات متتالية بعد رحيله عن الحكم، وكشف استطلاع رأي أجري بعد نحو 6 أشهر من تنحيه عن السلطة وأجرته مؤسسة يو غوف البحثية البريطانية أن 67% من المصريين يريدون محاكمة مبارك وأكدوا أنه يستحق عقوبة الإعدام، وزادت هذه النسبة بين الفئات العمرية الأصغر فوصلت 77 % بين الفئة 18 و24 سنة، و70 % في الفئة بين 25 و29 سنة.
ووفق الاستطلاع، كان يبدو واضحا أن المشاعر الثورية تسيطر على المصريين، وخيال الميدان المتأجج بالشعارات، وهو ما يتضح مع نوعية الأسئلة التي وجهت للمصريين في هذا الاستطلاع الفارق، وأهم القضايا التي يعتبرونها ذات أولوية قصوى، وطلبت منهم المؤسية ترتيب القضايا بحسب الأولوية من قائمة ضمت 16 قضية، حيث جاء "إعدام مبارك" في المرتبة الثالثة بعد مواجهة الفساد وتنمية الاقتصاد متقدمًا على إصلاح التعليم ومواجهة البطالة والرعاية الصحية.
مبارك في قفص الاتهام
وقف حسني مبارك في قفص الاتهام لأول مرة صباح يوم الأربعاء الموافق 3 أغسطس 2011 في أكاديمية الشرطة التي تحولت إلى ساحة قضاء برئاسة المستشار أحمد رفعت.
وظهر مبارك راقدا على سرير متحرك داخل قفص الاتهام ومعه نجلاه علاء وجمال، وكان معه في قفص الاتهام وزير الداخلية السابق حبيب العادلي ومعاونيه، وكان موجود في القاعة أكثر من 300 شخص من أسر الشهداء بالإضافة إلى هيئة الدفاع وممثلي الادعاء وعدد من الإعلاميين.
وقام التلفزيون المصري بتصوير المحاكمة العلنية على الهواء مباشرة وكان البث حصريا للتليفزيون المصري ولم يسمح بدخول أي كاميرا أخرى غير كاميرات التلفزيون المصري، مع السماح بالقنوات الفضائية العالمية بالأخذ من التلفزيون المصري مع عدم تغيير شعار التلفزيون المصري.
وبعد تلاوة النيابة لائحة الاتهامات التي تضمنت التحريض على قتل المتظاهرين سأل رئيس المحكمة القاضي أحمد رفعت الرئيس المصري السابق عن هذه التهم فنفى مسؤوليته وقال: «كل هذه الاتهامات أنا أنكرها كاملة». وهي العبارة التي كررها من بعده ابناه في رد على سؤال للقاضي حول لائحة الاتهام في جرائم تصل عقوبتها بالنسبة إلى مبارك والعادلي إلى الإعدام، وبالنسبة إلى علاء وجمال إلى السجن المؤبد.
أمرت المحكمة بإيداع مبارك مستشفى المركز الطبي العالمي على طريق القاهرة - الإسماعيلية الصحراوي التابع للقوات المسلحة مع توفير الرعاية الطبية التي تستلزمها حالته الصحية، والسماح للفريق الطبي المعالج له بمتابعته.
وحكم عليه بالسجن المؤبد في جلسة صباح يوم السبت 2 يونيو عام 2012، وقامت هيئة الدفاع عنه بالطعن على الحكم وقبلته المحكمة في يوم الأحد الموافق 13 يناير 2013 م ليتم نقله للعلاج في مستشفى المعادي للقوات المسلحة، وحكمت محكمة الجنح بإخلاء سبيله بعد انقضاء فترة الحبس الاحتياطي في 21 أغسطس 2013
وفي نهاية الصراع القضائي تمت تبرئته مع معاونيه في جميع القضايا المنسوبة ضده بتاريخ 29 نوفمبر 2014، في القضية التي عرفت إعلاميا باسم «محاكمة القرن»
رحل الرئيس الأسبق حسني مبارك عن الحياة في 25 فبراير 2020، إلا أن قصة صعوده وتنحيه لازالت ماثلة، حسناته وإنجازاته مقابل إرثه من الصعوبات والتحديات السياسية والاقتصادية، التي يدفع ثمنها 120 مليون مواطن، يكافحون من أجل التغلب على الماضي، وعبور المستقبل بطريقة أكثر أمانا للأجيال القادمة.
نقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصد مستمر علي مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.