شبح الحرب الأهلية يخيم على أمريكا.. تكساس تمنع فرق الجمارك وحرس الحدود من الوصول إليها.. وأزمة المهاجرين السبب
انفصال تكساس، في ظل استمرار أزمة المهاجرين على الحدود بين الولايات المتحدة والمكسيك، تظل التوترات بين تكساس والمسؤولين الفيدراليين مرتفعة، خاصة بعد تصويت المحكمة العليا الأمريكية بالسماح لعملاء حرس الحدود الفيدراليين بإزالة حاجز الأسلاك الشائكة المثبت هناك بمبادرة من حاكم الولاية الجمهوري.
وطالبت وزارة الأمن القومي الأمريكية ولاية تكساس بمنحها "الوصول الكامل" إلى الحدود، وفقًا لرسالة حصلت عليها شبكة «CNN» الأمريكية، وقالت تكساس إن منطقة شيلبي بارك في إيجل باس مفتوحة للجمهور، ولكن تم منع فرق الجمارك وحماية الحدود الأمريكية من الوصول إليها، وفقًا للرسالة.
وكتب حاكم ولاية تكساس، جريج أبوت، تدوينة على صفحته بمنصة أكس (تويتر سابقا)، مساء أمس الجمعة قال فيها: "ستواصل تكساس ممارسة حقها الدستوري في حماية حدودنا الجنوبية والدفاع عنها.. وفي غياب الرئيس بايدن، سنبقى على أهبة الاستعداد للحفاظ على سلامة سكان تكساس والأمريكيين".
وقال رئيس الجمارك وحماية الحدود الأمريكية لشبكة CNN، الثلاثاء، إن حكم المحكمة العليا "يسمح لنا بالوصول إلى الحدود حتى نتمكن من البدء في الوصول كما فعلنا من قبل"، مشيرًا إلى أن "بقية القضية لا تزال قيد التقاضي النشط".
وقال مصدر في إنفاذ القانون لشبكة «CNN» الأمريكية، إن عملاء الجمارك وحماية الحدود الفيدراليين مستعدون الآن لاختراق السياج "بسرعة" ردًا على أي أمور تشغيلية منقذة للحياة أو مسائل تشغيلية حرجة. وأضاف المصدر أنهم سيخرقون السياج على الفور لتقديم المساعدة لأي فرد في محنة أو إذا اعتبروه "ضروريًا من الناحية التشغيلية".
وقف قطع الأسلاك الشائكة في ولاية تكساس
وكانت ولاية تكساس قد رفعت دعوى قضائية العام الماضي لوقف قطع الأسلاك، قائلة إنها تدمر بشكل غير قانوني ممتلكات الدولة وتقوض الأمن من أجل مساعدة المهاجرين على عبور الحدود.
وأمرت محكمة استئناف اتحادية في ديسمبر الماضي عملاء حرس الحدود بوقف هذه الممارسة أثناء سير إجراءات المحكمة، وقدمت وزارة العدل هذا الشهر طلبًا طارئًا، تطلب فيه من المحكمة العليا إلغاء هذا القرار.
بداية الأزمة في تكساس
ولطالما تم استخدام الأسلاك الشائكة على أجزاء من الحدود بين الولايات المتحدة والمكسيك لمنع المهاجرين غير الشرعيين من العبور.
في مايو 2021، قام حاكم ولاية تكساس جريج أبوت بتوسيع استخدام الأسلاك عندما أمر بإعلان الكارثة على الحدود، مما سمح للولاية بتركيب السياج على الممتلكات الخاصة بالقرب من نهر ريو جراندي.
وفي أكتوبر، رفع المدعي العام في تكساس، كين باكستون، دعوى قضائية ضد إدارة بايدن بسبب قيام عملاء الجمارك وحماية الحدود بإزالة هذا السلك الشائك.
وكان العملاء الفيدراليون يقطعون الأسلاك الشائكة لإنقاذ المهاجرين المعرضين للخطر، والذي زعمت الدعوى القضائية أنه تدمير لممتلكات الدولة "لمساعدة" المهاجرين في العبور.
وبعد تراجع في محاكم الاستئناف، قضت المحكمة العليا يوم الاثنين الماضي، بقرار مقتضب بأغلبية 5 أصوات مقابل 4 بإيقاف مؤقت لحكم محكمة أدنى درجة يمنع عملاء الجمارك وحماية الحدود من قطع الأسوار.
يقول الخبراء القانونيون إن هناك سببًا واضحًا لقرار المحكمة العليا: ينص الدستور على أن السيطرة على حدود البلاد هي مسألة فيدرالية.
كيف تحدى حاكم تكساس قرار المحكمة العليا؟
وأصدر أبوت يوم الأربعاء بيانا زعم فيه، أن "الحكومة الفيدرالية انتهكت الاتفاق بين الولايات المتحدة والولايات " من خلال فشلها في منع المهاجرين من عبور الحدود. وفي الأيام القليلة التي تلت ذلك، واصل الحرس الوطني في تكساس وجنود الولاية مواجهتهم مع عملاء حرس الحدود عبر الأسلاك.
إحدى نقاط التوتر هي حديقة شيلبي بارك التي تبلغ مساحتها 47 فدانًا في إيجل باس، وهي نقطة عبور شهيرة قريبة من نهر ريو جراندي؛ قام مسئولو إنفاذ القانون في تكساس بتركيب الأسلاك على طول ضفة نهر المنتزه والإشراف على الوصول إلى المنتزه.
وفي 14 يناير، غرقت امرأة وطفلان هناك. يقول عملاء حرس الحدود إن قوات الحرس الوطني في تكساس "منعتهم جسديًا" من الوصول إلى الحديقة لإنقاذهم. (صرح الحرس الوطني في تكساس أن هذا "غير دقيق".)
وبعد أمر المحكمة العليا، طالبت وزارة الأمن الداخلي بمنح حرس الحدود حق الوصول إلى الحديقة العامة بحلول يوم الجمعة. قال كين باكستون إنهم لا يعتزمون الامتثال. أبوت، الذي أكد على أهمية هذه الأزمة في عدة مقابلات، لم يعد من رحلة عمله إلى الهند للتعامل معها.
ويحتشد الجمهوريون، بما في ذلك العشرات من حكام الولايات، دفاعًا عن أبوت. كما تدفق الجمهوريون للدفاع عن أبوت، مشيرين إلى المواجهة كمثال على التعدي الفيدرالي على حقوق الولاية - حتى لو كانت المسألة المطروحة، وهي الحدود الدولية، مسألة فيدرالية. حتى أن النائب كلاي هيجينز قال إن إدارة بايدن "تشن حربا أهلية".
هل ستدمج إدارة بايدن الحرس الوطني في تكساس فيدراليًا؟
في المواجهات السابقة بين مسئولي الولايات والحكومة الفيدرالية، اتخذ الرؤساء خطوة إضفاء الطابع الفيدرالي على الحرس الوطني المحلي كحل. تشمل الأمثلة البارزة دوايت أيزنهاور الذي قام بإضفاء الطابع الفيدرالي على الحرس الوطني في أركنساس لضمان المرور الآمن لفئة معينة إلى مدرستهم الثانوية غير العنصرية في عام 1957، وجون إف كينيدي الذي قام بإضفاء الطابع الفيدرالي على الحرس الوطني في ألاباما للسماح للطلاب السود بالتسجيل للالتحاق بجامعة ألاباما في عام 1963.
وبينما لم يلمح بايدن إلى أنه سيتخذ مثل هذه الخطوة الكبيرة، دعا النائب الديمقراطي خواكين كاسترو الرئيس إلى القيام بذلك.
يشار إلي هناك عدد من الدعوات التي انطلقت عبر منصات التواصل الاجتماعي في أمريكا والتي تطالب بـ انفصال تكساس عن الولايات المتحدة.
ولا تعد هذه هي المرة الأولى التي يطالب فيها البعض بانفصال تكساس، التي تعرف "بالولاية ذات النجمة الوحيدة".
انفصال جمهورية تكساس عن المكسيك
بعد استقلال المكسيك عن إسبانيا في عام 1821، سعت الجمهورية الوليدة إلى بسط سيطرتها على المنطقة الشمالية والتي كانت شبه خالية من السكان، وكانت خلال الاستعمار الإسباني تقوم بوظيفة سياج يصد أي محاولات للتوغل من قبل الإمبراطوريتين الفرنسية والبريطانية.
أصبحت هذه المنطقة الشمالية تعرف بولاية "كواويلا وتكساس" في إطار نظام فيدرالي أسس له الدستور المكسيكي لعام 1824. وكان معظم من يقطنون الولاية من السكان الأمريكيين الأصليين من قبائل الأباتشي والكومانشي.
ولأن كثيرا من المكسيكيين كانوا يرفضون الانتقال للعيش في الولاية، كانت الحكومة المكسيكية تشجع الأمريكيين وغيرهم من الأجانب على الاستيطان هناك، وقررت إعفاءهم من بعض الضرائب لمدة سبع سنوات.
ولكن سرعان ما شعرت الحكومة المكسيكية بالقلق إزاء التدفق المستمر للمهاجرين الأنغلو-أمريكيين، فقررت في عام 1830 حظر المزيد من الاستيطان في كواويلا وتكساس وأعادت فرض الضرائب المعلقة، وشهدت الولاية الكثير من الاضطرابات والكثير من النزاعات مع الحكومة الفيدرالية المكسيكية.
في عام 1836، أعلنت "جمهورية تكساس" انفصالها عن المكسيك. لم يستمر استقلال تكساس سوى تسع سنوات، إذ عانت الجمهورية من أوضاع اقتصادية متدهورة إبان حكم رئيسها الثاني ميرابو لامار، وربما كان ذلك سببا رئيسيا لانضمامها إلى الولايات المتحدة في عام 1845.
بين عامي 1860 و1861، كانت تكساس من بين 11 ولاية أمريكية تنفصل عن الاتحاد في أعقاب انتخاب إبراهام لينكون رئيسا للبلاد وتزايد المشاعر المناهضة للعبودية في الولايات الشمالية، ما عجل باندلاع الحرب الأهلية الأمريكية في أبريل عام 1861.
بعد انتهاء الحرب في 1865 وخسارة كونفدرالية الولايات الجنوبية، ومن بينها تكساس، بدأت عملية إعادة دمج لتلك الولايات استمرت لأكثر من عقد من الزمان.
بحسب المؤرخين، لم تكن هذه العملية سهلة بالنسبة لسكان تكساس، الذين وجدوا أنفسهم مضطرين لإلغاء العبودية والإقرار بأن الانفصال عن الاتحاد غير قانوني. ورغم ذلك، أعيدت الولاية إلى حظيرة الاتحاد في عام 1870.
وبشكل عام، انتهت في الجنوب المطالبات الصريحة بحقوق الولايات في الانفصال، ولكن ذلك لم يشكل نهاية للهوية التكساسية التي شعر أهل الولاية بأنها مختلفة عن باقي الولايات الأمريكية.
وينظر كثير من أبناء الولاية إلى تاريخ "جمهورية تكساس" على أنه فترة تحقق لهم فيها الاستقلال وتحقيق الذات، في مقابل ما يرونه تدخلات من قبل الحكومة الفيدرالية في واشنطن. وظهرت في تسعينيات القرن الماضي مساع تروج لانفصال تكساس عن الولايات المتحدة مرة أخرى.
وتأسست في ذلك الوقت "منظمة جمهورية تكساس" التي زعمت أن الولايات المتحدة ضمت تكساس إليها بشكل غير قانوني. وفي عام 2005، تأسست حركة تكساس القومية من إحدى فصائل المنظمة، ولكنها نأت بنفسها عن ممارسات المنظمة العنيفة وآثرت الحلول السياسية.
وقالت الحركة إن هدفها هو تحقيق الاستقلال السياسي والاقتصادي والثقافي التام لتكساس.
ويرى البعض أن الأصوات الداعية لانفصال الولاية تتعالى كلما تولى رئيس ديمقراطي الحكم في البلاد.
الحزب الجمهوري ودعوات الانفصال
في عام 2021، طفت فكرة الانفصال على السطح من جديد، بل وغادرت الهامش لتدخل في نسيج الخطاب السياسي للحزب الجمهوري، أحد الحزبين الرئيسيين في الولايات المتحدة. وتقدم أحد أعضاء مجلس نواب ولاية تكساس عن الحزب الجمهوري بمشروع قانون لإجراء استفتاء غير ملزم على انفصال الولاية عن الاتحاد، ولكن لم يتم التصويت عليه أو تُحدَد له جلسة استماع من قبل المجلس.
في العام ذاته، كتب الصحفي والمؤلف ريتشارد كرايتنر، المتخصص في تاريخ الانفصالية في الولايات المتحدة، أنه حان الوقت "لأخذ الحديث عن الانفصال على محمل الجد".
يرى الكاتب أنه في أعقاب محاولة التمرد الفاشلة التي شارك فيها أنصار الرئيس السابق دونالد ترامب، واقتحامهم للكونغرس، فإن ميليشيات اليمين المتطرف، مدفوعة بمزاعم ترامب التي لا أساس لها من الصحة بأن الانتخابات "سُرقت"، أصبحت تطالب بشكل متزايد بالانفصال، ليس فقط في تكساس، ولكن في ولايات أخرى كذلك. وأظهرت دراسة أجراها مجموعة من الباحثين من عدة جامعات أمريكية أن الفكرة يؤيدها ثلث الجمهوريين في مختلف الولايات الأمريكية، وأكثر من نصف الجمهوريين في الولايات الكونفدرالية السابقة.
ويرى كرايتنر أن أعلام الكونفدرالية التي رفعها مقتحمو الكابيتول لم تكن إشارة إلى الماضي، بل إلى المستقبل.
تعاظم الاستقطاب
فكرة الانفصال ليست مقصورة على الجمهوريين فحسب، فقد أظهر استطلاع للرأي أجري العام الماضي أن نسبة الديمقراطيين الراغبين في الانفصال بلغت أكثر من 40 في المئة في بعض الولايات. وفي أعقاب فوز الرئيس السابق ترامب بالانتخابات، كانت هناك أصوات في ولاية كاليفورنيا على سبيل المثال، تطالب بانفصالها عن الاتحاد.
يعزو كثير من المحللين أسباب تلك الدعوات إلى ما يعتبرونه حالة غير مسبوقة من الاستقطاب والانقسامات السياسية المتعمقة في الولايات المتحدة. وتشير العديد من الدراسات إلى تزايد الخلافات بين الديمقراطيين والجمهوريين حول العديد من القضايا، من بينها التغير المناخي، إنفاذ القانون وتطبيق عقوبة الإعدام، الحق في حمل السلاح، سياسات الهجرة، والسياسات الاقتصادية، والسياسة الخارجية للبلاد.
وقبل شهر من الانتخابات الرئاسية الأخيرة التي أجريت في نوفمبر عام 2020، أظهر استطلاع للرأي أن نحو ثمانية من بين كل 10 ناخبين مسجلين من كل من الحزبين يرون أن الخلافات مع الجانب الآخر هي خلافات حول القيم الأمريكية الأساسية، وليس فقط حول السياسات. وفي كثير من الأحيان، أصبحت الانتماءات العرقية والعقائد الدينية تتقاطع مع الهوية الحزبية.
ماذا يقول الدستور الأمريكي عن الانفصال؟
ليس هناك في دستور الولايات المتحدة ما يمنع تكساس أو أي ولاية أمريكية أخرى من ترك الاتحاد.
ولكن كثيرا من المؤرخين يعتقدون أنه عندما استسلم جيش الكونفدرالين في نهاية الحرب الأهلية عام 1865، فإن فكرة الانفصال انهزمت إلى الأبد، وأن انتصار الاتحاد كان بمثابة سابقة لعدم جواز انفصال الولايات قانونيا.
وفي أعقاب انتهاء الحرب الأهلية، وفي القضية المعروفة ب "تكساس ضد وايت"، أزالت المحكمة العليا الأمريكية أي غموض محيط بالمسألة عندما قضت بأن "الاتحاد بين تكساس والولايات الأخرى هو اتحاد كامل ودائم ولا يمكن حله، مثله في ذلك مثل الاتحاد بين الولايات الأصلية" التي تشكلت منها دولة الولايات المتحدة الأمريكية. ولكن في حال قررت تكساس الانفصال، فسيرجع الأمر إلى الحكومة الأمريكية ما إذا كانت تريد أن تتدخل أم لا.
وعندما سُئل قاضي المحكمة العليا الراحل أنتونين سكاليا في عام 2006 عما إذا كان هناك أي سند قانوني للانفصال، كتب قائلا: "الإجابة واضحة. إذا كان هناك قضية دستورية واحدة حسمتها الحرب الأهلية، فهي أنه لا يحق [للولايات] الانفصال".
ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوادث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.