حريق القاهرة، أكبر حادث مأساوى في القرن العشرين، النيران تدمر 700 مبنى شهير، المصريون ينتفضون، والملك يقيم الولائم والاحتفالات
حريق القاهرة، 26 يناير 1952 واحد من أهم الحوادث في تاريخ مصر الحديث قبل قيام ثورة 23 يوليو 1952، أكبر حادث مأساوى في القرن العشرين بوقوع حريق القاهرة، تدمير للقاهرة وخسارة بلغت 38 مليون جنيه، ولم تحاول أي جهة في البلاد سواء الملك أو الإنجليز أو حكومة الوفد التصدي لهذه النيران والعمل على مقاومتها حتى دمرت في طريقها كل شيء.
كان الحريق مرادفا لأحداث الإسماعيلية واصطدام الفدائيين مع الإنجليز، وفى رسالة أرسلها إبراهيم بغدادي أحد الضباط الأحرار والمحافظ السابق للقاهرة قبل رحيله يطالب بفتح ملف التحقيق في قضية حريق القاهرة من جديد ويقول في مذكراته: حدثت مظاهرات من رجال البوليس اعتراضا على ماحدث من الإنجليز في الإسماعيلية وما حدث يوم 25 يناير، امتدت من ميدان المحطة مصر حتى حديقة الأزبكية، وقامت معها مظاهرة من عساكر بلوكات النظام من الجيزة، والتحمت المظاهرتان بمظاهرات طلبة الجامعة وانضمت لها جموع المواطنين واتجهت الى رئاسة مجلس الوزراء، ولم تتحرك قوات البوليس واتخذت موقفا سلبيا، والتزم الجيش داخل ثكناته.
أما قيادات الجيش فقد كانت في ذلك اليوم مدعوين إلى مأدبة غداء أقامها الملك فاروق بقصر عابدين لكبار رجال الدولة بمناسبة سبوع ولى العهد الأمير أحمد فؤاد.
حريق كازينو بديعة
اشتعل أول حريق في كازينو الراقصة بديعة مصابني بميدان الأوبرا في الثانية عشر ظهرا، ثم تتابعت الحرائق التي شملت المباني والمنشآت الحيوية بمدينة القاهرة التي بلغت 700 مبنى ما بين بنوك وسينمات وكازينوهات ومحلات الذهب والفنادق والكازينوهات من بينها 40 دارا للسينما منها مترو وريفولى وديانا وميامى، ومطعم الكورسال، والباريزيانا، ومحلات شيكوريل وعمر أفندى وصالون فير، 13 فندقا منهم شبرد ومتروبوليتان وفيكتوريا، و73 مطعما و92 بارا منهم جروبي والأمريكين، و16 ناديا وتدمير ملهى الأوبرج بالهرم، وتم القبض على بعض المواطنين بتهمة التجمهر فقط،وأعلنت الحكومة الأحكام العرفية.
قدم رئيس الوزراء مصطفى النحاس استقالته، لكن رفضها الملك، واجتمع مجلس الوزراء وقرر مواجهة الموقف بإعلان الأحكام العرفية في جميع أنحاء البلاد، ووقف الدراسة في المدارس والجامعات إلى أجل غير مسمى، وتم تعيين "النحاس باشا" حاكمًا عسكريًا عامًا في نفس الليلة، فأصدر قرارًا بمنع التجول في القاهرة والجيزة من السادسة مساءً حتى السادسة صباحًا، وأصدر أمرًا عسكريًا بمنع التجمهر، واعتبار كل تجمع مؤلف من خمسة أشخاص أو أكثر مهددًا للسلم والنظام العام يعاقب من يشترك فيه بالحبس.
مقتل 46 شخصا
وأسفرت حوادث ذلك اليوم عن مقتل 46 شخصًا منهم 9 أجانب، وبلغ عدد المصابين بالحروق والكسور 552 شخصًا، كما أدى الحريق الى تشريد عدة آلاف من العاملين في المنشآت التي احترقت، وقد أجمعت المصادر الرسمية وشهود العيان على أن الحادث كان مدبرًا وأن المجموعات التي قامت بتنفيذه كانت على مستوى عالٍ من التدريب والمهارة، إذ اتضح أنهم كانوا على معرفة جيدة بأسرع الوسائل لإشعال الحرائق، وأنهم كانوا على درجة عالية من الدقة والسرعة في تنفيذ العمليات التي كلفوا بها.
طالب فؤاد سراج الدين وزير الداخلية في حكومة الوفد في ذلك الوقت بتدخل الجيش لوقف الحرائق والاضطرابات في القاهرة ونشر بيانا في جريدة "المصري"، يتهم فيه حيدر باشا القائد العام للجيش وعثمان المهدي رئيس الأركان، بأنه طلب منهما نزول قوات الجيش المصرى إلى الشارع أثناء أحداث حريق القاهرة، إلا أنهما تقاعسا عن التحرك فى انتظار أوامر الملك.
وزعت الاتهامات بالتسبب في الحريق بين السراى والإنجليز والحكومة وحول هذه الاتهامات قال حسين الشافعى نائب رئيس الجمهورية وأحد أعضاء مجلس قيادة الثورة: بلا شك أن السراي والملك لها مصلحة في حريق القاهرة، وطبعا إلغاء معاهدة 36 كانت مناورة من حزب الوفد لعلمه أن الملك سيقيل وزارته مما وضع السرايا في حرج مع الإنجليز والمنطق يقول إن حريق القاهرة هو رد على إلغاء المعاهدة لكن المشكلة أن لم تحدث تحقيقات ليظهر المسئول عن الحريق لكنها كانت أحد أسباب قيام ثورة يوليو 1952.
وكتب اللواء محمد نجيب في مذكراته أنه كان مدعوا إلى مأدبة الملك فاروق مع زملائه الضباط، وأن فاروق كان يعلم وهو في داخل قصره ما يدور في القاهرة من أحداث ومع ذلك لم يفكر في إلغاء حفل ابنه ولم يحاول إصدار الأوامر لرجاله بإطفاء النيران وظل مع مدعويه دون اهتمام بما يحدث من خراب..
وكما كتب الكاتب الصحفي إحسان عبد القدوس يقول: كان الصراع بين قوى الثورة الشعبية وبين نظام الحكم المعتمد أساسا على أسرة أجنبية متعاونة ـــ بحكم جذورها ــــ قد دخل مرحلة الصراع المكشوف خاصة بعد أن استجاب النحاس باشا للرغبة الشعبية وأعلن قراره التاريخي بإلغاء معاهدة 1936.
اعتقال فتحى رضوان
وأضاف عبد القدوس: وجد فاروق نفسه على حافة الهاوية فمد يده إلى الإنجليز في السر، بينما أعلن قراراته الرسمية الخاصة باختيار معاونيه كحافظ عفيفي وعبد الفتاح عمرو أنه على الأقل يهادن المستعمر ويسترضيه.. وكان طبيعيا أن تثور ثائرة الشعب ويشتد غضبه على الإنجليز والملك معا، ليخرج جنود بلوكات النظام من معسكرهم في العباسية وهو يحملون أسلحتهم في مظاهرة تهتف بسقوط الاستعمار وتطالب بالسلاح للذهاب إلى القنال، وقد حاولت السلطة المتعاونة مع الاستعمار أن تلصق التهمة بكل الشرفاء الرافضين لخطاياهم إذ ذاك، وكانت درجات التلفيق تتفاوت حسب ظروف كل وطنى شريف وصلت إلى حد الاعتقال لبعض الثوار الحزبيين مثل فتحى رضوان وظل في المعتقل حتى أفرج عنه وعينته حكومة الثورة وزيرا في حكومتها، ثم اتهام أحمد حسين بتهمة التحريض على الحريق وأثبت القضاء براءته.. ويظل السؤال: من أحرق القاهرة؟
وكتب الصحفي محمد حسنين هيكل يقول: لا أظن أن حريق القاهرة بدأ بتدبير مقصود على نحو ماتمت لكنه في اعتقادى كان ركاما وعود كبريت قرب من الركام والدنيا ولعت، بدأت عفوية ثم نظمت وأسئ استغلالها، حتى جاءت ثورة يوليو المجيدة عاصفة قلعت جذور كل هذا الفساد في إدارة البلاد.
حريق القاهرة ثورة على الفساد
في حفل افتتاح مجلس الأمة سنة 1960 م تحدث عبد الناصر عن هذا الحريق فقال: لقد كان حريق القاهرة أول بادرة للثورة الاجتماعية على الأوضاع الفاسدة، وحريق القاهرة هو تعبير شعبي عن سخط الشعب المصري على ما كانت ترزح فيه مصر من إقطاع واحتكار واستبداد رأس المال.
بينما يرى المفكر والكاتب، ثروت الخرباوي، أن جماعة الإخوان الإرهابية المسئول والمنفذ لحادث "حريق القاهرة"، في 26 يناير عام 1952.
وأشار "الخرباوي"، خلال لقاء تليفزيوني سابق، إلى أن جماعة الإخوان الإرهابية قاموا بتحويل قضية حريق القاهرة إلى قضية جهادية ضد اليهود، الذين عاشوا في مصر بتلك الفترة الزمنية.
ونوه المفكر، إلي أنه بمراجعة أوراق قضية السيارة الجيب تبين مَن المسؤول الحقيقي عن مقتل المرشد العام حسن البنا، وهي متاحة لأي باحث وبالإضافة للخطة الكاملة لحرق القاهرة الذي حدث في 26 يناير 1952.
وتابع: أن الأوامر جاءت إلى جماعة الإخوان الإرهابية بحريق القاهرة لاسيما وأن اليوم السابق لحريق القاهرة كان 25 يناير 1952 شهد قيام مجموعة من الجيش البريطاني بقوام 30 ألف جندي بريطاني باقتحام مبنى محافظة الإسماعيلية ووقف الضباط المصريون بكل قوة وشجاعة بالدفاع عن المحافظة ومواقعهم بالأسلحة الخفيفة، وقام الجيش البريطاني بارتكاب جريمة ضد الإنسانية بعد قتل 50 ضابطا مصريا في هذا اليوم وهو يوم عيد الشرطة.
ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوادث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.