جلال الدين الحمامصي.. مهندس الصحافة المصرية.. عاش معارضًا ودفع ثمن مواقفه.. ورحل في مثل هذا اليوم قبل 36 عاما
جلال الدين الحمامصى، أحد عمالقة الزمن الجميل فى الصحافة، أستاذ أجيال من الصحفيين والكتاب، لقب بمهندس الصحافة المصرية وهو صاحب المدرسة الصحفية الجادة، لم تكن كلماته مجرد دخان فى الهواء، بل كانت دائما رصاصات تكشف عن كواليس ما وراء الحوار، تخترق أسوار السياسة ومجتمع الصحافة، عاش ثائرا معارضا، جلبت عليه جرأته الكثير من المتاعب وصلت الى حد الاعتقال والفصل، رحل في مثل هذا اليوم 20 يناير 1988.
في ذكرى رحيله.. وصايا جلال الدين الحمامصي للصحفيين.. وهذا سر عدم كتابة مذكراته
ولد الصحفى جلال الدين الحمامصى في يوليو 1913 بدمياط في اسرة اغنى اغنياء المحافظة، عمل بالصحافة منذ كان طالبا بالمدرسة الثانوية عام 1929 بجريدة "كوكب الشرق" ثم محررا بدار الهلال ثم جريدة المصري.
دراسة الهندسة المعمارية
درس الصحفى جلال الدين الحمامصى الهندسة المعمارية بجامعة فؤاد الأول ـ القاهرة حاليا ـ حيث جمع تخصص الهندسة مع صديقه الصحفي على أمين الدرس درسها في إنجلترا، وطبق ما تعلمه من الهندسة في تنظيم صفحات الصحف المصرية فجعل منها ثمانية أعمدة " أنهر" بدلا من السبعة مثلما كان في صحف العالم.
كتب في النقد الرياضي في مجلة روز اليوسف، ثم أنشأ مجلة الأسبوع عام 1946 وبعدها الزمان التي تولى رئاسة تحريرها، انتقل بعدها إلى جريدة مصر اليومية لصاحبها مكرم عبيد، وتولى رئاسة تحرير جريدة الزمان عام 1947 وانتقل بعدها مع موسى صبري وعلي حمدي الجمال إلى جريدة الأخبار مع أصحابها على ومصطفى أمين عام 1952 حيث كان أحد رؤساء تحريرها.
جلال الحمامصي.. قصة ثائر صحفي تصدى للنحاس باشا ورصد عهد عبد الناصر في "إحنا بتوع الأتوبيس"
معاهدة 36 أول خبطة صحفية
وكانت أول خبطة صحفية له تغطية أحداث توقيع معاهدة 1936 مع مصطفى النحاس رئيس الوزراء أثناء عمله مع الصحفى محمد التابعى في مجلة روزا اليوسف بتشجيع من السيدة روز اليوسف لشباب الصحفيين.
انتخب الصحفى جلال الدين الحمامصى نائبا في البرلمان وبسبب تأييده لمكرم عبيد أالمنشق عن حزب الوفد والمختلف مع النحاس باشا فصل من مجلس النواب، حيث قام النائب أحمد قاسم جودة بالطعن فى عضويته واتهامه بعدم بلوغ الثلاثين عاما شرط الترشح للعضوية، وفى جلسة برئاسة أحمد أبو الفتوح وكيل المجلس تم فصل العضو أحمد قاسم جودة بسبب ادعائه عام 1942.
تأسيس وكالة أنباء الشرق الأوسط
كلف الرئيس عبد الناصر جلال الدين الحمامصى بمهمة تأسيس وكالة انباء الشرق الأوسط عام 1959، ولما تم تأميم الوكالة وسيطرت الدولة عليها عاد الى الأخبار مرة ثانية، كما عمل أستاذا للصحافة بالجامعة الامريكية.
محسن محمد يكتب: حبس الحمامصى 19 شهرا بسبب الكتاب الأسود
الانشقاق عن الوفد والكتاب الأسود
انشق عن الزعيم الوفدي مصطفى النحاس وعن حزب الوفد وأنشأ مع مكرم عبيد حزب الكتلة الوفدية، بعدما اكتشف فساد واضح في حكومة النحاس، واعتقل الحمامصى 19 شهرا بسبب نشره "الكتاب الأسود" الذى وضعه مكرم عبيد ويضم مستندات تدين رئيس الوزراء ورئيس الوفد مصطفى النحاس باشا، كأول وثيقة لفضح الفساد واستغلال النفوذ، وبسبب هذا الكتاب أسقطت عضوية مكرم عبيد فى مجلس النواب، فعهد عبيد الى الحمامصى بطبع الكتاب باعتباره أمينا لصندوق حزب الكتلة خاصة وان الحكومة منعت طبع أى كتاب إلا بإذنها وتوعدت المخالفة،
جلال الدين الحمامصي يكتب: الحياة الزوجية السليمة
ورفع جلال الدين الحمامصى الحمامصى رسالة إلى الملك فاروق توضح هذا الفساد وضم هذه الاتهامات في كتاب باسم “الكتاب الأسود في العهد الأسود” عام، وأصدر النحاس أمرا عسكريا باعتقاله بمعتقل الزيتون بسبب تكتل الوفد ضده.
تأسيس كلية إعلام القاهرة
ساهم في تأسيس معهد الإعلام جامعة القاهرة وقام بالتدريس فيه وتخرج على يديه الثلاث دفعات الأولى من الكلية ثم تحول إلى كلية للإعلام وحين أعلن السادات عن إقامة ثلاثة أحزاب في مصر فكر جلال الدين الحمامصي في إصدار أول جريدة معارضة في مصر وقام بالتخطيط لها واختار الراحل صلاح قبضايا لرئاسة تحريرها، ترشح الصحفى جلال الدين الحمامصى لمنصب نقيب الصحفيين فى السبعينات لكنه فشل فى الانتخابات.
من أهم وصاياه لأبنائه الصحفيين تحرى الصدق فى الكتابة الصحفية فكتب يقول: إذا نشر أحد الصحفيين مقالا أو موضوعا يتهم فيه وزيرا أو مسئولا بالفساد فلا بد من التحقيق فى الموضوع، وإذا ثبت أن الصحفى كاذب ولا يملك الأدلة والمستندات التي تؤكد كلامه، فيجب أن يحاكم ويلقى العقوبة المناسبة، أما اذا كان صادقًا وكان اتهامه صحيحا فلا بد أن يعزل المسئول ويحاسب ويتحول إلى عبرة لمن يعتبر، أما أن يترك الأمر هكذا كما تعودنا فى مصر على مدى سنوات طويلة فلا الصحفى يسأل ولا الوزير يعزل، وهو ما أدى إلى حالة الإحباط والفوضى وانعدام الثقة والأمل التى أصابت المجتمع.
في عام 1961 منع الكاتب الصحفى جلال الدين الحمامصي من كتابة عموده (دخان في الهواء ) في جريدة الأخبار بقرار من الرئيس جمال عبد الناصر، وبعد رحيل الرئيس عبدالناصر ومجئ السادات الحكم وضع الحمامصى كتابه “حوار وراء الأسوار” الذى شكك فيه فى ذمة عبد الناصر، وهاجت بعض الأقلام ضده، حتى ان الرئيس السادات تحدث عنه فى مجلس الشعب ووصفه بالحقد على عبد الناصر.
ما أحلى الرجوع إليه
وبعد 14 عاما أصدر الرئيس أنور السادات قرارا بعودته إلى الكتابة ويكون رئيسا لتحرير الأخبار، فكتب أول عمود لها بعد العودة في يناير 1974 تحت عنوان (ما أحلى الرجوع إليه ) يقول:
لم يسبق لهذا القلم أن أحس برهبة الموقف، موقف مواجهة الجماهير كما يحس به الآن وهو يعاود الكتابة من جديد وتحت عنوانه القديم "دخان في الهواء "، ان سر الرهبة التي تسيطر على هذا القلم هو أنه اختفى منذ 14 عاما في ظروف تعسفية، واعترف بأنني أعود إلى لقاء القراء تحت ضغط من بعض الزملاء بحجة أن مناخ اليوم أحسن من الأمس، إن قلمي بعد فترة غياب إجبارية يحس أن الرهبة قد زالت عنه بعض الشئ، وهو يندفع إلى الطريق وبلا تردد ـ بل بإصرار على عودة الحق، وإذا لم نستطع فإننا لا نكون جديرين بحمل الأقلام. وفى كل الحالات ما أحلى الرجوع إليه.
جلال الدين الحمامصي: الكلمة المطبوعة لها طعم خاص
الصحيفة المثالية والمندوب الصحفى
ورحل جلال الدين الحمامصى في مثل هذا اليوم عام 1988 تاركا مجموعة من كتب الصحافة منها التى وضعها منهاجا للصحفيين: صحافتنا بين الأمس واليوم، نزاهة الحكم، المخبر الصحفي، الصحيفة المثالية، المندوب الصحفي، من الخبر الى الموضوع، معركة الجلاء، ماذا في السودان؟، معركة تأميم قناة السويس، من القاتل؟، القربة المقطوعة، حوار وراء الأسوار، أسوار حول الحوار، المخبر الصحفي، المندوب الصحفي، صالة التحرير، الأخبار في الراديو والتليفزيون، وكالات الأنباء، الإدارة في الصحف.
ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار، أسعار اليورو، أسعار العملات، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار الاقتصاد، أخبار المحافظات، أخبار السياسة، أخبار الحوادث، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي، الدوري الإيطالي، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا، دوري أبطال أفريقيا، دوري أبطال آسيا، والأحداث الهامة والسياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية.