رئيس التحرير
عصام كامل

رقبة "لامؤاخدة" الحمامة


كان عمنا الكبير الكاتب الراحل "محمد مستجاب" يكتب مقالا أسبوعيا ساخرا بعنوان "رقبة لا مؤاخدة الحمامة"، وقد يكون الموقف للكتير غير معروف عن ارتباط كلمة لا مؤخذة بالحمامة، فيقول مؤرخو الفن إن الفنانة الكبيرة فاتن حمامة عندما ذهبت كطفلة صغيرة إلى بيت الموسيقار الراحل محمد عبد الوهاب لتلتقيه أثناء بحثه عن فتاة صغيرة تلعب أمامه الدور الشهير فى فيلم "يوم سعيد" وتقول جملتها الشهيرة "أنا بحب المشمشية" كان لدى الموسيقار الكبير محمد عبد الوهاب خادم نوبى عندما أخبر والد حمامة باسم ابنته تحرج الخادم أن يقول اسم الفنانة للموسيقار على اعتبار أن لفظة "حمامة" هى لفظ عيب أن يقال والمعنى مفهوم طبعا، فدخل على الموسيقار الكبير وقال له "فى بره بنت اسمها فاتن لا مؤاخذه حمامة"، وتندر الموسيقار الكبير بهذا الموقف وتناقل عبر المؤرخين ليأخذه عمنا مستجاب عنوانا لمقال أسبوعى.

 
خلال الأيام الماضية ظهرت الحمامة مرة أخرى ولكن الحمامة التى اصطادها حارس الأمن لتسقط وفى إحدى قدميها رسالة وفى الأخرى ميكروفيلم وكأنها تعيد أحد مشاهد فيلم رصيف نمرة خمسة لفريد شوقى، وهو ما جعل مستخدمى الفيس بوك يتندرون على الواقعة بأن الأمر أشبه بالخيال السينمائى وأن الموضوع برمته مجرد دعابة من ذلك المدعو إسلام إيجبت.
 
ولنقد الأمر معا بهدوء، الاحتمالية الأولى تقول إن الموضوع متورط فيه جهاز مخابرات معاد استخدم الحمام الزاجل لنقل المعلومات بدلا من الإنترنت أو الأحبار السرية، وهو أمر مقبول عقلا ومنطقا، خصوصا أن برامج الإنترنت المستخدمة فى نقل البيانات وخصوصا الصور تكون مراقبة من قبل أجهزة سيادية وتستطيع معرفة من أين وإلى أين تم إرسال البريد الإلكترونى، لذلك فإن أمن المعلومات يقتضى البحث عن طرق ومسالك أخرى تكون أكثر أمنا، لا نقول إن الحمام الزاجل أكثر أمنا ولكنه وسيلة عبقرية لا تخطر على بال لتوصيل المعلومات وخصوصا إذا كانت صورا وبيانات مهمة، وفى هذه الحالة لابد أن يؤخذ الأمر بجدية وليس بالتهريج الذى رأيته على الفيس.
 
الاحتمال الثانى أن أحد الشباب هواة تربية الحمام الزاجل يقوم بمداعبة صديق له أو حتى خطيبته بعد الخبر الذى نشر مؤخرا أن الميكروفيلم ما هو إلا دبلة خطوبة ولكن هل يعقل أن تكون المداعبة بمكروفيلم وتعريض أنفسهم للخطر باللعب مع أجهزة سيادية على رأسها المخابرات العامة أو أن يرسل الخطيب الدبلة إلى خطيبته عن طريق الحمام الزاجل.
 
منذ اندلاع ثورة يناير ونحن نرى ونسمع عن أمور مضحكة، مثل الطرف الثالث والطرف الخفى، والفلول، والحواوشى المسموم، وحمامات أبو إسماعيل عروجا بهاتولى راجل وانتهاء بالحمام الزاجل، ولكن الأمر الأخير لابد وأن نأخذه على محمل الجد.
 
لقد كان الحمام الزاجل فى فترة متقدمة من العمل التخابرى وسيلة مهمة لتوصيل المعلومات من الجاسوس إلى دولته أو قبيلته، نظرا لأن الحمام الزاجل يطير على ارتفاعات شديدة الارتفاع ويصل إلى المكان المراد إيصال الرسالة إليه بمنتهى الأمان، كما يمكن أن يطير مسافات طويلة دون طعام، لذلك فمع تطور التكنولوجيا الحديثة تكون أأمن وسيلة لتوصيل المعلومات هى أغرب وأقدم وسيلة وأيضا ما لا يمكن أن يتوقعه منك الخصم تماما، وهذا معمول به فى أقوى أجهزة المخابرات فى العالم، فلا غرو أن نجد أجهزة المخابرات تستخدم الحمام الزاجل.
 
ولكن السؤال الأهم هل هناك علاقة بين الحمامة "لا مؤاخذة" وطائر النهضة انتظرونى فى المقال القادم بعد الفاصل الإعلانى

أحمد لا مؤاخذة صلاح.



الجريدة الرسمية