سد النهضة.. أزمة المياه مستمرة بسبب تعنت إثيوبيا.. خيارات محددة تحكم ساكن الاتحادية وفق المخاطر وتطور الأوضاع فى منابع النيل
سد النهضة، هو عقدة الذنب الإثيوبية التى تدفع ثمنها مصر، دولة تعانى من الفقر والتخلف والحروب الأهلية، تضع كل أزماتها فى سلة “النيل” الذى تعتبره نهرا مارقا يمنح الحياة للعديد من الدول التاريخية على رأسها مصر، بينما لا تستفيد منهم بشكل متساو معهم، لهذا تضع على كاهله إحداث تنمية تاريخية تدفع الإثيوبيين للأمام، وفى الخلفية تناور سياسيا لاستخدامه فى أى لحظة لخلق ثقل فى المنطقة والقارة يفوق القاهرة التى كانت تتفوق عليها وتصنع القرار الإفريقى طوال تاريخها، فما موقف ملف السد من اهتمامات الرئيس الجديد لمصر.
يقول اللواء محمد عبد الواحد الخبير الاستراتيجى، إن مصر سياستها منذ البدء فى بناء سد النهضة التفاوض المباشر مع الجانب الإثيوبى، وإذا فشلت المفاوضات يمكن اللجوء إلى وسيط لتقريب وجهات النظر بين الطرفين، كما حدث مع الولايات المتحدة الأمريكية والبنك الدولى عندما تم استقدامهم كوسطاء لتقريب وجهات النظر، وتم التوصل حينها إلى شبه اتفاق يرضى كافة الأطراف (مصر والسودان وإثيوبيا) لكن المفاوضات بعد ذلك تعثرت وانسحب الجانب الإثيوبى.
وأشار إلى أن مصر اعتمدت حال تعثر المفاوضات وفشل الوسطاء، منهج تدويل القضية والذهاب إلى مجلس الأمن، وإذا تعثر ذلك الحل هناك طرق قانونية أخرى كثيرة جدا يمكن أن تلجأ إليها، لافتا إلى أن الفترة المقبلة من المقرر أن يتبع أى رئيس قادم لمصر تلك السياسة (الطرق الدبلوماسية والقانونية) لجعل إثيوبيا توقع على اتفاق ملزم لا يضر بمصالح مصر المائية، سواء مصالحها أو حصتها التاريخية أو حصتها الحالية.
وتابع: لا بد أن تكون مصر شريكا فى عملية إدارة السد، خاصة أنها تملك خلفية فنية كبيرة عن عمليات الملء والتخزين لاسيما فترات الجفاف والجفاف الممتد، فهذا ليس خيار وإنما ضرورة حتى لا يتم التلاعب بنا من قبل إثيوبيا، خاصة أن السد له أبعاد سياسية واقتصادية أكثر مما هو سد لتوليد الكهرباء.
وتابع: “هناك شركات عملاقة ومتعددة الجنسيات تساهم فى السد، وبالتالى ستأخذ صف إثيوبيا، لكن الدبلوماسية المصرية ستكون حاضرة بقوة وستعرقل أى تطلعات إثيوبية للانفراد بالنيل الأزرق وجعله بحيرة إثيوبية، مضيفا: هذا نهر دولى عابر للحدود طبقا للقانون الدولى يتم الاتفاق على أن تكون الإدارة به مشتركة وليست إثيوبية فقط مهما تغير المسئولون، وهى سياسة معروفة ولا يمكن تغييرها”.
واستكمل: يتم التصعيد الدبلوماسى والقانونى حال عدم التزام إثيوبيا بما سبق ذكره، لكن التصعيد العسكرى فى الوقت الحالى أمر بعيد لظروف كثيرة جدا، منها أوضاع المنطقة وضعف النظام الدولى، وضغوط الشركاء المساهمين فى سد النهضة، إضافة إلى ملء السد بـ43 مليار متر مكعب من المياه بما يصعب للغاية من الإقدام على ضربه أو توجيه أى عملية عسكرية قد تضر بالسودان ثم بمصر، خاصة أن احتمالية انهيار سد ممتلئ بهذه الكمية من المياه أمر محفوف بالمخاطر.
واستكمل الحديث قائلا: هناك حلول أخرى فى ذهنية القيادة السياسية، وهى غير عسكرية، سواء مباشرة أو غير مباشرة، وتستطيع أن تستخدمها كأدوات من خلال الاستخبارات والاقتصاد، موضحا أنها حلول ناعمة وليست خشنة، ويجب البدء فيها لأخذ الحق المصرى بعيدا عن الحلول العسكرية واتباع القوة.
وأشار إلى أن القوة العسكرية تتطلب إدانات دولية كثيرة لاستخدامها وتجهيزاتها كثيرة، وتحتاج استعدادات كبرى، إضافة إلى ذلك فإن مصر تعلم أن سياسة الحروب تترك أثارا تاريخية لدى الشعوب، وهو ما تتحدث القيادة السياسية عنه دوما، وبالتالى لا ترغب مصر أن تخلق صورة المعتدى على الغير أو الإضرار بشعوب أخرى كالشعب الإثيوبى.
وشدد على ضرورة الوصول إلى حل مرض وعدم ترك إثيوبيا تعبث دون ضغوط، موضحا أن القيادة السياسية أشارت مسبقا إلى أن مياه النيل خط أحمر، وبالتالى هى حريصة جدا على عدم المساس بحصة مصر التاريخية وعدم الانفراد بإدارة السد والتحكم فيه من قبل إثيوبيا.
ومن جانبه قال عادل العمدة، مستشار أكاديمية ناصر العسكرية، إنه حتى الآن لا يزال الضغط الدبلوماسى مستمرا لسبب بسيط، وهو عدم اكتمال منظومة بناء سد النهضة، أو ظهور آثار سلبية مترتبة عليه بسبب كمية التخزين، مضيفا: السد يستهدف تخزين 74 مليار متر مكعب، وحتى الآن لم يمتلئ إلا حوالى 41 مليار متر مكعب حتى منسوب 650 مترا، مردفا: ما تم بناؤه حوالى 614 مترا، لذا فالمسافة المتبقية كبيرة جدا.
وتابع: الجانب الإثيوبى يتبع تكتيكا سياسيا وليس تنمويا، مشيرا إلى أنه من حق الجانب الإثيوبى أن يعمل على تنمية بلاده، ولكن ليس على حساب مصر، ولا بد أن يكون هناك اتفاق بين الأطراف (مصر والسودان وإثيوبيا) وفق وثيقة مارس 2015 بشأن ملء السد بما لا يؤثر على حصة مصر بسنوات الملء وأسلوب تشغيل السد، مردفا: مر حتى الآن 8 سنوات ولم يكتمل الملء وأخلت إثيوبيا بالاتفاق وافتعلت عدد من المشكلات التى ترتب عليها أنها لم تستطع إنجاز مهمة بناء وملء السد.
وأضاف: “قد نرى بوادر الحل مع الرئيس الجديد لمصر 2024، مضيفا: مصر دائمًا تلجأ للسلام، ولكن فى حال عدم استجابة إثيوبيا والتوصل للاتفاق لا بد من التذكير مرة أخرى أن مياه النيل خط أحمر لا يمكن المساس بها، خاصة أن الحلول الأخرى واردة فى أى توقيت وفقًا لمتطلبات كل موقف.
واختتم: حتى الآن لم تتأثر مصر بأى مشكلة من جراء بناء سد النهضة، ولم يخلف أيًا من المخاطر التى قد تؤثر على الأمن القومى لمصر، لهذا تتبع القاهرة مبدأ أن لكل حديث حدث، ولكل إجراء قرار، فمصر لا تتصرف بعشوائية أو عاطفة، لكنها تتصرف وفق تقدير موقف جيد، ولن تترك الموضوع بسهولة، مشددًا على العبارة التى قالها الرئيس السيسى من قبل «مياه النيل خط أحمر» تدل على مدى إدراكه لآليات هذا التحدى، وأن القضية ستكون من الأولويات على طاولة الرئيس المرتقب فى الولاية الجديدة.
ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوادث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.