رئيس التحرير
عصام كامل

احذروا.. مخطط التهجير مازال قائمًا

يقيني أن المخطط الإسرائيلي ل تهجير سكان قطاع غزة إلى سيناء مازال قائمًا، وأن مصر مازالت تتعرض لضغوط وإغراءات للقبول بالأمر، وأن الموقف الرسمي والشعبي المصري الرافض للخطة الأمريكية الإسرائيلية، جعل هناك نارًا مشتعلة تحت الرماد يكاد لهيبها يخرج للعلن بين لحظة وأخرى، مع زيادة الضغط الإسرائيلي على سكان القطاع للهروب من جحيم الإبادة باتجاه الحدود المصرية.

 

فالمتابع لتطورات الأحداث في غزة، يمكنه أن يكتشف بسهولة، أنه لا يكاد يمر يوم، إلا ويشهد تهديدًا إسرائيليًا لسكان قطاع غزة بمغادرة منازلهم، تعقبه ضربات انتقامية تشمل الشمال والجنوب، امتدت لتتركز خلال الأيام الماضية بمناطق الجنوب بدير البلح وخان يونس، لم يسلم منها حتى الجرحى واللاجئون داخل المستشفيات.

 

وتبرر إسرائيل نقل مجازرها بحق المدنيين إلى الجنوب، بالادعاء كذبًا بمطاردة قادة حماس الذين تقول إنهم تحركوا باتجاه خان يونس التي تعد أكبر مدن جنوب القطاع، إلى جانب البحث عن الأنفاق، التي فشلت في العثور عليها في الشمال.

 

حرب الإبادة التي تشنها إسرائيل دفعت ولا تزال تدفع الآلاف من سكان شمال غزة إلى النزوح يوميًا إلى الجنوب هربًا من الموت، لدرجة أن الواقع على الأرض يقول: إن خان يونس التي كان يقطنها قبل الحرب نحو 400 ألف مواطن فلسطيني، نزح إليها فعليًا حتى الآن نحو 914 ألف مواطن فلسطيني من سكان الشمال، ليصل عدد سكان المدينة الآن إلى نحو مليون و314 ألفًا من إجمالي 2.3 مليون مواطن فلسطيني يعيشون في القطاع.

اليوم التالي للحرب

غير أن الكارثة الأكبر تكمن في أن 670 ألفًا من هؤلاء النازحين يعيشون جبرًا في 97 منشأة تابعة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين بمدن خان يونس ودير البلح، بينهم نحو 21700 نازح يعيشون داخل مركز تدريب بالخان، يُعد الأكبر بين منشآت الأونروا، غير أن كل هذه المنشآت تتعرض للقصف الإسرائيلي بشكل يومى؛ مما قد يدفع بهذا العدد الضخم من اللاجئين إلى الهروب مع تزايد الضربات الإسرائيلية باتجاه معبر رفح المصرى.

 

وحتى نعلم ما يحويه الباطن الإسرائيلي، فقد نشرت صحيفة معاريف الإسرائيلية منذ أيام تقريرًا لضابط الاستخبارات والرئيس السابق لجهاز الشاباك الإسرائيلي يعقوب بيري يكشف بين سطوره عن كوارث، حيث قال نصًا: إن الشغل الشاغل للحكومة الإسرائيلية الآن، هو اليوم التالي للحرب، ولاسيما بعد أن وعدت سكان غلاف غزة بالسلام الأمني وإنهاء قدرة حماس، وإلا فسيكون من الصعب إقناع الأغلبية العظمى من هؤلاء السكان بالعودة إلى منازلهم.

 

وفي تعبير عن مدى النوايا الخبيثة لإسرائيل قال يعقوب بيري: لم يتم حتى الآن الاتفاق على خطة مقبول لدى إسرائيل، وإن هناك خلافًا عميقًا بين الرغبة الأمريكية في تسليم السيطرة إلى السلطة الفلسطينية، وبين الموقف الإسرائيلي الرافض لهذا الحل.. 

ويكمل يعقوب بيري قائلا: غير أن الولايات المتحدة ستنجح في إقناع مصر بالمشاركة الفعالة في الحل، ربما مقابل التنازل عن بعض التزاماتها المالية الثقيلة لأمريكا يتبعه تشكيل تحالف عربي تلعب فيه مصر والأردن والإمارات والمغرب دورًا فعالًا في تولى الإدارة المدنية للقطاع.

 

وطرح رئيس الشاباك السابق عدة إجراءات تعبر عن بوضوح عمّا تنويه إسرائيل، مثل إنشاء قوة شرطة نيابة عن الأمم المتحدة، وعدم السماح بخروج العمال الفلسطينيين من غزة إلى إسرائيل، أو وجود علاقات مدنية بين القطاع وإسرائيل، وأن يكون لسكان غزة القدرة على التنقل والعمل في الدول العربية وفق ترتيبات مع هذه الدول.

 

 

يبقى القول إنه رغم الموقف المصري الرسمي الرافض لنزوح الفلسطينيين؛ حماية للأمن القومي للدولة المصرية، إلا أن الأوضاع على الأرض مازالت تؤكد أن العمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة تحمل هدفين، أحدهما معلن يتمثل في تعقب عناصر حركة حماس وضرب بنيتها العسكرية، والآخر غير معلن قد يسفر عن تطورات غير محسوبة ولا تحمل خيرا لكل دول المنطقة، يتمثل في دفع سكان القطاع باتجاه الحدود المصرية.. وكفى.

الجريدة الرسمية