معاني التسبيح في القرآن الكريم وعدد المسبحين
برغم أن التسبيح مأمور به شرعا إلا أننا جميعا نجهل بعض المعلومات اللازمة عنه وعن معاني التسبيح في القرآن الكريم وكيف كان تسبيح الأنبياء والأمم السابقة ومن هم المسبحون في القرآن الكريم وأشياء أخري كثيرة ستجدونها في هذا التحقيق فإلى التفاصيل.
التسبيح في القرآن الكريم
جاء الأمر بالتسبيح في عدد من آيات القرآن نحو قول الله تعالى ﴿ وَتَوَكَّلْ عَلَى الحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ وَسَبِّحْ بِحَمْدِهِ ﴾ [الفرقان: 58] وقوله تعالى ﴿ فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ ﴾ [الحجر: 98] وقوله تعالى ﴿ فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ العَظِيمِ ﴾ [الواقعة: 74] وقوله تعالى ﴿ سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى ﴾ [الأعلى: 1].
جاء التسبيح في القرآن بمختلف تصاريفه وصيغه في سبعة وثمانين موضعا، وافتتحت به سبع سور سميت (المسبحات) وهي: الإسراء والحديد والحشر والصف والجمعة والتغابن والأعلى، وختمت به سور الحجر والطور والواقعة والحاقة.
والفعل «سبح» قد يتعدى بنفسه بدون اللام كقوله تعالى: ﴿ وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا ﴾ [الأحزاب: 42]، وقد يتعدى باللام كقوله ﴿ سَبَّحَ للهِ ﴾ [الحشر:1]، وعلى هذا فسبحه وسبح له لغتان كنصحه ونصح له، وشكره وشكر له.
ومن تصاريف التسبيح فعل الماضي (سبح) وفعل المضارع (يسبح) قال بعض أهل العلم: إنما عبر بالماضي تارة وبالمضارع أخرى ليبين أن ذلك التسبيح لله هو شأن أهل السماوات وأهل الأرض، ودأبهم في الماضي والمستقبل..
فوائد التسبيح
من حكمة إرسال الرسول أن نسبح الله تعالى ﴿ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا * لِتُؤْمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا ﴾ [الفتح: 8-9].
وقد أمر به في الشدائد ﴿ فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الغُرُوبِ ﴾ [ق: 39] فأمره له بالتسبيح بعد أمره له بالصبر على أذى الكفار فيه دليل على أن التسبيح يعينه الله به على الصبر المأمور به.
الصلاة تسمى تسبيحا، وهي تشمل اعتقاد القلب وعمله، وقول اللسان، وعمل الجوارح، قالت عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا:«مَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَبَّحَ سُبْحَةَ الضُّحَى»، وَإِنِّي لَأُسَبِّحُهَا. [رواه البخاري]
وقالت أم هانئ رضي الله عنها: «قَامَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَى غُسْلِهِ، فَسَتَرَتْ عَلَيْهِ فَاطِمَةُ ثُمَّ أَخَذَ ثَوْبَهُ فَالْتَحَفَ بِهِ، ثُمَّ صَلَّى ثَمَانَ رَكَعَاتٍ سُبْحَةَ الضُّحَى» [رواه مسلم].
التسبيح في القرآن:
يطلق التسبيح في القرآن الكريم ويراد به ستة أشياء:
الأول: يطلق على التنزيه مع التعظيم، وهو أكثر ما ورد في القرآن، وهو المراد عند الإطلاق، ومنه قول الله تعالى ﴿ سُبْحَانَ اللهِ عَمَّا يَصِفُونَ ﴾ [الصَّفات: 159].
الثاني: يطلق على الصلاة، قال الله تعالى ﴿ فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا وَمِنْ آَنَاءِ اللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ لَعَلَّكَ تَرْضَى ﴾ [طه: 130]، يفسرها قول النبي عليه الصلاة والسلام «...إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ لاَ تُغْلَبُوا عَلَى صَلاَةٍ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا، فَافْعَلُوا» ثُمَّ قَالَ: «وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا» [رواه البخاري، ومسلم] وفي رواية مسلم أن قارئها راوي الحديث جرير بن عبدالله الصحابي رضي الله عنه.
الثالث: يطلق على الدعاء، ومنه قول الله تعالى ﴿ دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ اللهُمَّ ﴾ [يونس: 10] ومنه أيضا قوله تعالى ﴿ وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ ﴾ [الأنبياء: 87]، يفسره قول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "دَعْوَةُ ذِي النُّونِ إِذْ دَعَا وَهُوَ فِي بَطْنِ الحُوتِ: لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ، فَإِنَّهُ لَمْ يَدْعُ بِهَا رَجُلٌ مُسْلِمٌ فِي شَيْءٍ قَطُّ إِلَّا اسْتَجَابَ اللَّهُ لَهُ ".[رواه الترمذي: 3505].
الرابع: يطلق على عموم الذكر، ومنه قول الملائكة عليهم السلام ﴿ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ ﴾ [البقرة: 30] قال الطبري رحمه الله تعالى: يعني: إنا نعظمك بالحمد لك والشكر...وكل ذكر لله عند العرب فتسبيح وصلاة. يقول الرجل منهم: قضيت سبحتي من الذكر والصلاة. وقد قيل: إن التسبيح صلاة الملائكة..
الخامس: يطلق على عموم العبادة، ومنه قول الله تعالى ﴿ فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ المُسَبِّحِينَ * لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ ﴾ [الصَّفات: 143-144] عن وهب بن منبه: قال: من العابدين.
السادس: يطلق على الاستثناء، ومنه قول الله تعالى ﴿ إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّهَا مُصْبِحِينَ * وَلَا يَسْتَثْنُونَ ﴾ [القلم: 17-18] والمراد به قول: إن شاء الله، لكن دلت الآيات على أنهم كانوا يسبحون مكانها ﴿ قَالَ أَوْسَطُهُمْ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ لَوْلَا تُسَبِّحُونَ ﴾ [القلم: 28] قال السدي: كان استثناؤهم في ذلك الزمان التسبيح [تفسير ابن أبي حاتم: 10/2366]. فيقولون: سبحان الله، بدل: إن شاء الله، فقوله لولا تسبحون، أي: تستثنون، وقد سمي الاستثناء في القرآن ذكرا في قول الله تعالى ﴿ وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا * إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللهُ وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ ﴾ [الكهف: 23-24].
اقتران التسبيح:
جاء التسبيح مفردا في القرآن في ستة وثلاثين موضعا، منها: بصيغة الاسم الظاهر (سبحان الله أو سبحان الذي أو سبحان ربك ونحو ذلك) في خمسة عشر موضعا. وبضمير الغيبة (سبحانه) في ثلاثة عشر موضعا، وبضمير الخطاب (سبحانك) في ثمانية مواضع.
وأما اقتران التسبيح بغيره من الذكر فعلى النحو الآتي:
الأول: اقترانه بالحمد، وجاء في خمسة عشر موضعا، منها: ﴿ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ ﴾ [البقرة: 30]، ﴿ فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ ﴾ [الحجر:98] ﴿ وَسَبِّحْ بِحَمْدِهِ ﴾ [الفرقان: 58] فالتسبيح يتضمن نفي النقائص والعيوب، والتحميد يتضمن إثبات صفات الكمال التي يُحمَد عليها. [جامع المسائل لابن تيمية: 3 / 278].
الثاني: اقترانه بالتهليل، وجاء في موضعين ﴿ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ ﴾ [التوبة: 31] ﴿ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ ﴾ [الأنبياء:87].
الثالث: اقترانه بالاستغفار، وجاء في أربعة مواضع ﴿ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آَمَنُوا ﴾ [غافر: 7] ﴿ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ ﴾ [غافر: 55] ﴿ وَالمَلَائِكَةُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَنْ فِي الأَرْضِ ﴾ [الشُّورى:5] ﴿ فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ ﴾ [النَّصر: 3].
المسبحون في القرآن:
1- تسبيح الله تعالى نفسه، وهو كثير في القرآن قارب ثلاثين موضعا، ومنه قول الله تعالى ﴿ سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ العِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ ﴾ [الصَّفات: 180].
2- تسبيح الملائكة عليهم السلام، وجاء في نحو عشر آيات، منها قول الله تعالى ﴿ يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لَا يَفْتُرُونَ ﴾ [الأنبياء: 20] ﴿ فَإِنِ اسْتَكْبَرُوا فَالَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ يُسَبِّحُونَ لَهُ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَهُمْ لَا يَسْأَمُونَ ﴾ [فصِّلت: 38] وقد ذُكر بأن تسبيحهم كالنَفَس لنا لا يشغلهم عن مهماتهم كما لا يشغلنا التنفس عنها. [تفسير الطبري: 18/423].
3- تسبيح الرسل عليهم السلام
قال يونس ﴿لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ ﴾ [الأنبياء: 87]
وقال موسى ﴿سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ﴾ [الأعراف: 143]
وعن داود ﴿إِنَّا سَخَّرْنَا الجِبَالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِالعَشِيِّ وَالإِشْرَاقِ ﴾ [ص: 18]
وقال عيسى ﴿سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ ﴾ [المائدة: 116]
وأمر سبحانه زكريا بالتسبيح ﴿وَسَبِّحْ بِالعَشِيِّ وَالإِبْكَارِ﴾ [آل عمران: 41]
وأمر زكريا قومه بالتسبيح ﴿فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ أَنْ سَبِّحُوا بُكْرَةً وَعَشِيًّا ﴾ [مريم: 11]
وأمر سبحانه به نبينا محمدا في آيات كثيرة ﴿ فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ العَظِيمِ ﴾ [الواقعة: 74] وقال محمد عليه الصلاة والسلام ﴿ وَسُبْحَانَ اللهِ وَمَا أَنَا مِنَ المُشْرِكِينَ ﴾ [يوسف: 108] وكان يكثر أن يقول في ركوعه وسجوده سبحانك اللهم، تأولا للقرآن في قوله تعالى ﴿ فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا ﴾ [النَّصر: 3].
4- تسبيح المؤمنين، وقد جاء في آيات عدة، منها ﴿ وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنْ كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولًا ﴾ [الإسراء: 108].
5- تسبيح الجبال والطير ﴿ وَسَخَّرْنَا مَعَ دَاوُودَ الجِبَالَ يُسَبِّحْنَ وَالطَّيْرَ ﴾ [الأنبياء: 79] ﴿ وَالطَّيْرُ صَافَّاتٍ كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلَاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ ﴾ [النور: 41].
6- تسبيح الرعد ﴿ وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ ﴾ [الرعد: 13].
7- تسبيح كل الموجودات ﴿ سَبَّحَ للهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ ﴾ [الحشر: 1] ﴿ تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَوَاتُ السَّبْعُ وَالأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا ﴾ [الإسراء: 44].
8- تسبيح أهل الجنة، فقد أخبر الله تعالى عنهم بقوله ﴿دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ اللهُمَّ ﴾ [يونس: 10] وقد جاء في الأحاديث الصحيحة أن أهل الجنة يلهمون التسبيح، وأنهم يسبحون الله تعالى بكرة وعشيا.
ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.