أين حقوق غير المخالفين؟
منذ أيام وافق البرلمان على مشروع قانون التصالح في مخالفات البناء، وبدأت الحكومة إجراءات تنفيذ القانون الذي يستفيد منه كل المخالفين ممن تعدوا بالبناء على الأراضي الزراعية أو أملاك الدولة.
قانون البناء الموحد
والآن جاء دور من لم يخالفوا قوانين الدولة، والتزموا بالشرعية، ووقفت اشتراطات قانون البناء الموحد حائلًا دون تحقيق أحلامهم وأحلام أسرهم، بشروطه التعجيزية، أليس من حقهم أن تتبنى الحكومة مشروع تعديل لمواد القانون لتخفيف هذه الاشتراطات؟!
الحكومة والبرلمان كان همهم الأول والأخير خلال الفترة الماضية معالجة مشاكل المخالفين، فمن حق غير المخالفين أيضًا أن تتبنى الحكومة ومن ورائها البرلمان آلية لمعالجة مشكلة هذه الفئة التي التزمت بقوانين الدولة حتى يتمكنوا من الحصول على تراخيص بناء أراضيهم بتخفيف هذه الشروط التعجيزية.
اشتراطات قانون البناء الموحد تسببت في توقف حركة العمران بمدن المراكز لما يزيد عن ثلاث سنوات، وبسببها عجز المواطن عن إصدار ترخيص لصب سقف منزله، أو إقامة أعمدة وخلافه، رغم أنه يريد الالتزام بالقانون.
اشتراطات تعجيزية
قانون البناء الموحد يتضمن عدة اشتراطات تعجيزية حيث يصعب تطبيقها وتسببت في توقف وتعطيل إصدار تراخيص البناء، لعل أبرزها شرط العقد المسجل في الشهر العقاري للأرض التي يتم البناء عليها، في حين أن كثير من العقارات في مصر تم بناؤها على أراضي غير مسجلة، وبالتالي لن تصدر لهم تراخيص بناء.
العقد المُشهر
شرط العقد المُشهر تسبب في عزوف المواطن عن التقدم للترخيص، حيث يصعب حاليًا استخراج هذه العقود، فأغلب العقارات والأراضي سواء في المدن أو القرى غير مشهرة في الشهر العقاري.
فلماذا لا يتم تعديل القانون وأن تتضمن التعديلات إلغاء شرط العقد المُشهر والعمل بالعقد الابتدائي أو صحة التوقيع، للتيسير على المواطنين غير المخالفين.
شرط ارتفاع العقارات
قانون البناء الموحد يتضمن أيضًا شرطًا يكاد يكون تعجيزيًا، يتطلب الإلغاء أو التعديل على أقل تقدير، وهو شرط إرتفاع العقارات المسموح به وهي دور أرضي وطابقان علويان للعقار، إذا كان عرض الشارع أقل من 8 أمتار، وإذا كان عرض الشارع من 8 إلى 12 مترًا يكون ارتفاع المبنى دورًا أرضيًا و3 أدوار، وإذا كان عرض الشارع أكبر من 12 مترًا يُسمح بالبناء أرضي و4 طوابق.
ترك 30% من مساحة الأرض
القانون يضمن أيضًا شرطًا تعجيزيًا وهو تحديد واجهة العقار بألا تقل عن 8 أمتار ونصف المتر، وترك مساحة 30% من الأرض المطلوب ترخيصها للبناء، واشتراط عمل الجراج، مما تسبب في تعقيد الإجراءات وتوقف التراخيص وذلك لصعوبة تطبيقها..
فهذه الشروط يصعب تطبيقها في غالبية المحافظات، خاصة بالمناطق الشعبية والأحياء المزدحمة ذات الشوارع الضيقة وفي القرى فماذا يفعل الفلاح بالجراج؟! ولماذا يترك مساحة حول بيته وهو يبنى على قطعة أرض صغيرة؟
هذا القانون المُجحف باشتراطاته التعجيزية يهدد بإنهيار الثروة العقارية وتوقف قطاع البناء والتشييد الذي يضم أكثر من مهنة، وتعوق الاستثمار العقاري، كما تسببت تلك الشروط المجحفة لإصدار التراخيص في وقف حال ملايين العاملين في القطاع وزيادة معدل البطالة، وارتفاع أسعار تمليك وإيجارات الشقق السكنية، التي تضاعفت خلال آخر عامين بسبب توقف حركة البناء بسبب هذا القانون الظالم.
وأخيرًا.. لماذا لا تتحرك الحكومة سريعًا وكذلك البرلمان لتعديل هذه الاشتراطات حفاظًا على حقوق غير المخالفين مثلما حدث مع المخالفين، تطبيقًا للعدالة الاجتماعية وسيادة القانون على الجميع؟!