رئيس التحرير
عصام كامل

ما بين اللبس أو التأويل.. قضيتنا فلسطين (3)

المقاومة الفلسطينية تنتصر 


المجتمع الدولي لديه واجب أخلاقي، وفرصة لإظهار التعاطف، ومساعدة شعب غزة على التحرك نحو مستقبل أكثر ازدهارا والعمل علي تحقيق قدر أكبر من السلام والاستقرار في الشرق الأوسط.
ويدرك قادة الاحتلال الصهيوني أن الوقت الممنوح لهم من ضغوط دولية شعبية ليس طويلًا..

 

أولًا، لأن الحرب التي ليس لها مدة وطويلة تنهك الاقتصاد للكيان الصهيوني وتستنزفه، وقد مني بخسائر باهظة وأكثر بأضعاف عدة من الدعم الأميركي الذي فاق 14 مليار دولار.. ومازال الدعم مستمر.. 

 

وعلي الجانب الآخر إسرائيل تحاول ايجاد نصر وهمي مدعوم بوسائل اعلامية عالمية وإدارة أمريكية، من خلال هذه المجازر علي الشعب الفلسطيني، لطمأنة المجتمع الإسرائيلي أن الجيش المحتل يستطيع فعل اي شئ في غزة والأمر الثاني، إنهاء المقاومة رمز القضية الفلسطينية وحركات المقاومة التي باتت تهدد أمن إسرائيل بشكل أساسي..

 

ولذلك غزة باتت اليوم شبه معزولة عن العالم الخارجي، بفعل قطع الاتصالات عنها بكل أشكاله، ما يشير إلى أن الاحتلال يحاول البحث عن صورة نصر وهمي بين ركام جثث الأطفال والنساء بعيدًا عن أعين العالم، ولإعطاء الولايات المتحدة والغرب الداعم له مساحة أكبر للاستمرار في نشر الأكاذيب، وتشجيعه على الاستمرار بارتكاب مجازره الوحشية من دون أي محاسبة دولية رادعة.

 

الجيش الإسرائيلي يحشد قواته ضد أطفال الحضانات

رغم قصف الجيش الإسرائيلي الهمجي والمتعمد  مرارا، للمستشفيات في قطاع غزة منذ بدء الحرب هناك، والتي دخلت شهرها الثاني، إلا أن القوات الإسرائيلية، لاتزال تستهدف القطاع الطبي في غزة، في ظل حقيقة أن الجانب الأكبر من المستشفيات في القطاع دمر، أو خرج عن الخدمة والدليل علي ذلك مستشفي الشفاء الطبي.. 

 

والسؤال هنا لماذا يحشد الاحتلال الصهيوني قواته بتدمير وحصار المستشفيات بشكل عام وخاصة مستشفي الشفاء الطبي؟ لان الظاهر وهو ما يروج له الكيان الصهيوني والبحث عن شكل من النصر يظهر أنه دمّر مركز قيادة حماس داخل نفق مزعوم تحت مجمع الشفاء، كما روّج للرأي المحلي والغربي بأن المجمع الطبي يحتوي على مخازن لأسلحة حماس، فحوّله إلى محور عملياته العسكرية.


والحقيقة أن مجمع الشّفاء الطبي تحوّل منذ 2007 إلى قلعة نضال ضد المحتل الصهيوني، من حيث استضافته وفود كسر الحصار واحتضانه مؤتمرات صحية، فضلا عن بنائه لشراكات قوية مع المنظمات الدولية والصحية، وتحوّله في الحرب الحالية إلى مركز للمؤتمرات الصحفية.. 

 

إسرائيل تسعى إلى كسر رمزية هذا المعلم الطبي بإلحاق أكبر قدر من الأذى والمشقّة بالفلسطينيين النازحين للاحتماء بمحيطه، لحرمانهم مِن الرعاية الطبية والصحية التي تقدّمها تلك المنشأة الطبية لهم. 

 

وهذا يوضح أن هناك فشل استخباراتى إسرائيلى مستمر، تبين بعد أن اقتحمت قوات الاحتلال الإسرائيلى فجر الأربعاء من الاسبوع الماضي، مجمع الشفاء الطبي فى غزة، وداهمت وتم تفتيش في جميع أقسام وغرف المستشفى، كأقسام الطوارئ والجراحة والكلى والقلب بعد حصاره لليوم السابع على التوالي، فى مخالفة للقوانين الدولة واتفاقية جنيف.
 

ومنذ بداية العملية العسكرية الإسرائيلية في غزة والتى أطلق عليها السيوف الحديدية وضعت تل أبيب 4 أهداف وهي القضاء على حركة حماس، وإيجاد إدارة بديلة عن حماس تحكم، وتغير خريطة الشرق الأوسط، وتطلق سراح الأسرى الإسرائيليين لدى حماس.. 

 

لكن ميدانيًا لم تنجح إسرائيل في تنفيذ أي هدفٍ من أهدافها رغم الدعم الأميركي بل بدأت تنهزم وتتآكل قدرتها أمام العالم، مما أدى إلى معارضة شعبية لسلوك إسرائيل على مستوى العالم، ما يدفع تل أبيب على تصوير الجيش الإسرائيلي أمام مجتمعه والعالم أنه حقق هدفًا.

مخطط شيطاني صهيوني

وبات من شبه المحتم أن المستقبل السياسي لنتنياهو انتهى بعد الهجوم المباغت وغير المسبوق الذي شنته حركة حماس في 7 أكتوبر الماضي، خاصة المجتمع الإسرائيلي لديه قناعة فيما يتعلق بالحرب نابعة من حرب 1967، أن إسرائيل قادرة على اكتساح العالم العربي في 6 أيام دون أن تدفع ثمنًا وبناء على ذلك لا يقبل المجتمع  الصهيوني إلا بحرب بلا ثمن، فهم غير مستعدين لدفع أي ثمن لأي حرب.


لذا فإن المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، نجحت في تهشيم صورة الجيش الإسرائيلي وانتصرت عليه مهما ظهر لنا من بشاعة الخسائر البشرية من الأطفال والنساء، ومع ذلك حققت نصرًا واضحًا على المستويات المختلفة.. عسكريًا وأمنيًا بإيلام الاحتلال وتعطيل الحياة في معظم أرجاء فلسطين المحتلة..

 

وإعلاميًا بتقديم خطاب متزن صادق، ونجحت في إعادة توجيه البوصلة نحو القدس ووحدت معنويًا جماهير الأمة العربية التي عانت من انقسامات مختلفة، وصار الحديث ليس عن التطبيع أو الاستسلام أو حتى البكاء على أطلال العجز عن مواجهة (الجيش الذي لا يقهر) بل عن قرب تحرير فلسطين من المحتل والمعركة القادمة معركة الأجندات والأهداف  السياسية المتداخلة.. 

 

لذا يجب التنبه جيدا بظهور منصات إعلامية عالمية وعربية للأسف، تعمل علي استغلال الأحداث الراهنة التى يمر بها الفلسطينيون من عدوان صهيوني غاشم، وتحاول الترويج للمشروع الصهيونى الذى يهدف إلى ترحيل أكبر عدد من الفلسطينيين من غزة إلى رفح، بزعم حمايتهم من الغارات الإسرائيلية.. 

 

وللترويج لهذا المخطط الشيطانى الصهيوني تعمل عناصر الجماعات الإرهابية، وعبر كتائبها الإلكترونية الخبيثة، على استعطاف واللعب على الوتر الحساس لمن يجهلون خطورة تنفيذ هذا المشروع الصهيونى على الأمن القومى المصرى والعربى، من جانب وخطورته على القضية الفلسطينية من جانب آخر والعمل علي التشكيك في قياداتها السياسية والعسكرية، وزعزعة إيمانها بمبادئها وأهدافها.
وللحديث بقية.

الجريدة الرسمية