رئيس التحرير
عصام كامل

عزاء واجب..فى إذاعة القرآن الكريم!


بقلوب مؤمنة بقضاء الله وقدره، أنعى إلى عموم المصريين، إذاعة القرآن الكريم، التى غيبها الموت، إثر حادث أليم، سائلين العلى القدير، أن يخلفنا خيراً منها، إنه على كل شىء قدير.

كانت إذاعة القرآن الكريم، التى انطلقت فى العام 1964، تعرضت لأزمة صحية عنيفة، فور وصول جماعة الإخوان المسلمين، إلى الحكم، بسبب تخليها عن أهدافها، التى أنشئت من أجلها، فقامت بتسييس برامجها، لتكون فى خدمة الرئيس الدكتور محمد مرسى وجماعته، ما أفقدها شعبيتها، فدخلت فى موت سريرى، فيما تؤكد التقارير الطبية استحالة تحسن حالتها.

هكذا شأن كل شىء جميل فى مصر، يرفض أن يبقى على حاله، يُسرع الخطى، ليلحق بقطار القُبح، لأنه لا جمال ولا حياة فى زمن الإخوان.

أعتقد أن كثيرين غيرى، نشأوا وتربوا على الاستماع إلى إذاعة القرآن الكريم، فعرفوا من خلالها، نجوم دولة التلاوة، وعلماء مصر الأفذاذ، وجوهر دين الله الخاتم، ومناقب الرسول الكريم وصحابته الأبرار، ولكن دوام الحال من المُحال.


ولمن لا يعرف، فإن شبكة القرآن الكريم من القاهرة، عندما انطلقت، كانت تهدف، فى الأساس،  إلى تعريف المستمع بصحيح الدين، وما يحتويه كتاب الله عز وجل وسنة رسوله " صلى الله عليه وسلم " من تعاليم تسمو بالفرد والمجتمع، انطلاقاً من كونها أول إذاعة متخصصة في الإعلام الديني في العالم العربي والإسلامي،وكانت تقدم "إلى وقت قريب"، خدمة إعلامية حضارية متميزة، دعائمها: القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة، بما يؤكد وسطية الإسلام، ويبعده عن الأفكار الهدامة المتطرفة، ويرسخ حب الانتماء للوطن والحرص على ما في الحضارة المصرية القديمة والمعاصرة من  كنوز وتراث.

وكانت أولوياتها، التي ركزت عليها :إذاعة القرآن الكريم مرتلاً ومجوداً بصوت مشاهير القراء، وتقديم البرامج الخاصة بتفسير آيات القرآن الكريم وتوضيح معانيه وقيمه، والاهتمام بالسنة النبوية المطهرة باعتبارها المصدر الثاني للتشريع الإسلامى، وتقديم الفقه الإسلامي في مجال العبادات والمعاملات والأحوال الشخصية، ومهام أخرى عديدة، ليس من بينها أن تكون "بوقا" للحاكم، ومدافعاً عنه "بالباطل والزور"، ومنتقدة للمعارضة.

كانت شبكة القرآن الكريم، حتى وقت قريب، تتمتع بشعبية طاغية، وجماهيرية عنيفة، قبل أن يتم أخونتها، وقبل أن توظف برامجها لخدمة سياسات الرئيس مرسى، حتى غدت فرعاً وجناحاً إعلامياً لمكتب الإرشاد، الكائن بضاحية المقطم القاهرية.

لقد تآكلت فى الشهور الأخيرة، المساحات المخصصة، لإذاعة فقرات التلاوة، بصورة لافتة، حتى الفترة اليومية، التى كانت مخصصة لـ"قرآن السهرة"،والتى تبدأ من الحادية عشرة ليلاً، وتستمر حتى منتصف الليل، وتبث تلاوات بأصوات كبار نجوم دولة التلاوة، بدأت فى التلاشى، لذا نرجو تسميتها "إذاعة جماعة الإخوان المسلمين"، أما نحن فنسأل الله أن يعوضنا خيراً منها.

الجريدة الرسمية