الإفتاء توضح كيفية الوضوء بعد عمليات الليزر وجراحات العيون
كيفية الوضوء بعد عمليات الليزر، ورد إلى دار الإفتاء سؤال يقول ما كيفية الوضوء بعد عمليات الليزر وجراحات العيون؟ حيث إني قد قمتُ بإجراء عملية في العين بالليزر لتصحيح الإبصار، وقد منعني الطبيب المختص من وصول الماء إلى داخل العين وظاهرها لعدة أيام، فأرجو الإفادة بالرأي الشرعي عن كيفية الطهارة في هذه الحالة.
بيان أن غسل الوجه من فرائض الوضوء والأدلة على ذلك
ومن جانبها قالت دار الإفتاء إنه مِن المقرر شرعًا أن الوضوءَ شرطٌ مِن شروط صحة الصلاة، وأن غسل الوجه ركن مِن أركانه لا يصح إلا به؛ وقد ثبت ذلك بالكتاب والسُّنَّة والإجماع.
فمن الكتاب قوله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ﴾ [المائدة: 6].
ومن السُّنَّة ما أخرجه الشيخان عن عثمان بن عفان رضي الله عنه، أنَّه دعا بوَضُوء، فأفرغ على يديه من إنائه، فغسلهما ثلاثَ مراتٍ، ثم أدخل يمينه في الوضوء، ثم تمضمض واستنشق واستنثر، ثُمَّ غسل وجهه ثلاثًا، ويديه إلى المرفقين ثلاثًا، ثم مسح برأسه، ثم غسل كلَّ رِجلٍ ثلاثًا، ثم قال: رأيتُ النبي صلى الله عليه وآله وسلم يتوضأ نحو وُضُوئي هذا، وقال: «مَنْ تَوَضَّأَ نَحْوَ وُضُوئِي هَذَا، ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ لاَ يُحَدِّثُ فِيهِمَا نَفْسَهُ، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ».
وقد نُقل الإجماع على أن غسل الوجه فرضٌ من فرائض الوضوء؛ قال الإمام ابن عبد البر المالكي في "التمهيد" (4/ 31، ط. أوقاف المغرب): [العلماء أجمعوا على أن غسل الوجه واليدين إلى المِرْفقين والرِّجْلين إلى الكعبين ومسح الرأس فرض ذلك كله.. لا خلاف علمته في شيء من ذلك] اهـ.
حد الوجه الواجب غسله في الوضوء، وحكم غسل ظاهر العين وباطنها
حَدُّ الوجه الواجب استيعابه بإسالة الماء عليه في الطهارة: إنما يكون من منبت الشَّعَر إلى الذقن طولًا، وما بين شَحْمَتي الأذنين عرضًا.
قال العلامة شيخي زاده الحنفي في "مجمع الأنهر" (1/ 10، ط. دار إحياء التراث العربي): [(والوجه ما بين قُصَاص الشعر) هذا باعتبار الغالب؛ لأن حَدَّ الوجه في الطول من مبدأ سطح الجبهة إلى الذَّقن سواء كان عليه شَعْر أو لا.. (وأسفل الذَّقَن) هذا حده طولًا، والذَّقن -بالتحريك- مجتمع اللَّحْيَيْن جمعه أذقان. (وشَحْمَتي الأذنين) هذا حَدُّه عرضًا، الشَّحْمة مُعلَّق القُرط، وإنما زاد لفظ الشَّحْمة إدخالًا لما بين العِذار وشَحْمة الأذن في حَدِّ الوجه مطلقًا] اهـ.
وقال العلامة الحطَّاب المالكي في "مواهب الجليل" (1/ 185، ط. دار الفكر): [قال الفاكهاني: والجبهة ما أصاب الأرض في حال السجود، والجَبِينَان ما أحاط بها من يمين وشمال، والعارضان والعَنْفَقَة وأهداب العين والشارب، كلُّ ذلك من الوجه] اهـ.
ويفهم من ذلك أن ظاهر العين من أهداب وجفون داخل قطعًا في حدود الوجه التي يجب أن يستوعبها الماء في الطهارة من الحدث، وعلى هذا اتفق الفقهاء، وأهداب العين جمع هُدْب وهو: الشعر النابت على حرف الجفن. كما في "طِلبة الطلبة" للعلامة النسفي (ص: 165، ط. المطبعة العامرة).
والأجفان: غِطَاء العين وما يظهر عند إغماضها، كما في "لسان العرب" (13/ 89، ط. دار صادر).
ومع اتفاق الفقهاء على أن ظاهر العين ممَّا يجب أن يستوعبه الماء بالغسل وإن كان غائرًا، فقد نصوا على أن باطنها -وهو ما سترته الجفون حال إغماضها- ممَّا لا يجب على المتطهر إيصال الماء إليه؛ ذلك لأن بناء الطهارات على إيصال الماء إلى ظواهر البدن، وباطن العين ليس من الظاهر، والمقصود من الوجه ما يُواجَه به، وباطن العين مما لا يُواجَه به، مع ما في إيصال الماء إلى باطنها مِن تكلفِ الحرج والمشقة.
كيفية الوضوء بعد عمليات الليزر وجراحات العيون والأدلة على ذلك
إذا عُلِم ذلك يظهر أنه إذا وَجَب على مَن أجرى عملية الليزك أو جراحة بالعين التطهر من حدث أصغر أو أكبر، وتَعَذَّر عليه إيصال الماء أو إسالته على ظاهر عينه لمدة معينة؛ عملًا بما ينصحه به الطبيب المعالج من أجل تجنب المخاطر المحتملة والوقاية من حدوث آثار جانبية، فإنه مما استقرت عليه عامةُ أحكام التشريع الإسلامي أن الحرجَ مرفوعٌ وأنه لا تُكلف نفس إلا وُسعها، فمن كُلِّف بشيءٍ من الفرائض فشَق عليه القيام به لضرورة من عذر كمرض أو غيره، جلبت هذه المشقة عليه تيسيرًا إما بالتخفيف فيه لقدر استطاعته، وإما بالترخص بتركه؛ إذ قد تقرر أن "المشقة تجلب التيسير"، وأن "الميسور لا يسقط بالمعسور"، وأن "الأعذار مؤثرة بالتخفيف في العبادات"؛ قال تعالى: ﴿لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا﴾ [البقرة: 286]، وقال سبحانه: ﴿وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ﴾ [الحج: 78].
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إِذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ» أخرجه الشيخان.
وعن أبي أُمامة رضي الله عنه أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «بُعِثْتُ بِالْحَنِيفِيَّةِ السَّمْحَةِ»، أخرجه الإمام أحمد في "المسند".
فأمَّا الترخص بالتخفيف على مَن يتعذر عليه إسالة الماء على عضوٍ من أعضاء الطهارة:
فقد تواردتِ النصوص والآثار على أن ما أصابه الحدث وتَعذَّر عليه إسالة الماء على عضوٍ من أعضاء الطهارة أو على جزءٍ منه، لجرحٍ أو مرضٍ أصابه، فإنه يكفيه في هذه الحالة أن يمسح عليه مباشرة أو على ما وُضِع عليه من حائلٍ أو لاصقٍ، مع غسل ما عداه من أعضاء الطهارة.
فعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أنه قال: "خَرَجْنَا فِي سَفَرٍ فَأَصَابَ رَجُلًا مِنَّا حَجَرٌ فَشَجَّهُ فِي رَأْسِهِ، ثُمَّ احْتَلَمَ فَسَأَلَ أَصْحَابَهُ هَلْ تَجِدُونَ فِيَّ رُخْصَةً فِي التَّيَمُّمِ؟"، قَالُوا: "مَا نَجْدُ لَكَ رُخْصَةً وَأَنْتَ تَقْدِرُ عَلَى الْمَاءِ"، فَاغْتَسَلَ فَمَاتَ، فَلَمَّا قَدِمْنَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ، أُخْبِرَ بِذَلِكَ فَقَالَ: «قَتَلُوهُ قَتَلَهُمُ اللَّهُ، أَلَا سَأَلُوا إِذَا لَمْ يَعْلَمُوا فَإِنَّمَا شِفَاءُ الْعِيِّ السُّؤَالُ، إِنَّمَا كَانَ يَكْفِيهِ أَنْ يَتَيَمَّمَ وَيَعْصِرَ أَوْ يَعْصِبَ عَلَى جَرْحِهِ ثُمَّ يَمْسَحَ عَلَيْهِ وَيَغْسِلَ سَائِرَ جَسَدِهِ» أخرجه الدارقطني في "السنن".
وقد نص جمهور الفقهاء من الحنفية والمالكية والحنابلة في الصحيح على أنَّ من خاف على نفسه الضرر إن سَال الماء على جرحه أو موضع مرضه حال التطهر؛ فإنه يكفيه حينئذ المسح على هذا الموضع أو على ما باشره من لاصقة أو نحوها، ويغسل الصحيح من العضو مع سائر الأعضاء مما يجب عليه غسلها، واشترط الحنفية لذلك في معتمد المذهب والمالكية أن يكون القَدْرُ الذي سوف يمسح عليه أقلَّ مما سيغسله من باقي الأعضاء الواجب غسلها -كما في مسألتنا-؛ حيث يتعذر عليه غسل عينيه فقط، ولا يجمع حينئذٍ بين التيمم واستعمال الماء؛ لأنهما بَدَلَان فلا يجتمعان.
مما سبق يتقرر أن: طهارة مَن أجرى عملية الليزك أو إحدى الجراحات في عينه تكون على ثلاثة أحوال بحسب الإرشادات والنصائح الطبية المقررة وبحسب نوع العملية:
الحالة الأولى: ألَّا يتضرر مِن إسالةِ الماء على عينِه وهي مغمضة، فيكفيه حينئذٍ إسالة الماء على هذه الهيئة دون إلزام بفتح الجفن.
والحالة الثانية: أن يتضرر من إسالةِ الماء على عينِه ولو في حالة إغماضها دون المسح عليها؛ فيلزمه حينئذٍ المسح عليها مباشرة إن أمكنه ذلك، أو على ما يوضع عليها من حائلٍ كلاصقة طبية أو نحوها.
والحالة الثالثة: أن يُمنع من وصول الماء مطلقًا سواء بالغَسْل أو بالمسح؛ فيسقط عنه حينئذٍ المسح كما سقط عنه الغَسْل للضرورة، على ما ذهب إليه فقهاء الحنفية والمالكية كما سبق بيانه، وهذا كله مع مراعاة أن يغسل أو يمسح ما حول عينه من بقية الوجه على قدر تمكنه واستطاعته من ذلك، والتنويه على بقاء حكم سائر الأعضاء على ما هي عليه من أحكام الطهارة بحسب نوعها وشروطها وضوابطها.
ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.