بزنس نقل الأجنة، د. أحمد كريمة: تأجير البويضات والأرحام «زنا»، عالم بالأزهر: قبول الزوج لتبادل البويضات يوقعه في حكم «الديوث»
اهتمت الشريعة الإسلامية بالأنساب وحفظها، ووضعت لها قواعد وقوانين تضمن عدم اختلاطها أو تدنسها، حيث احتاط الشرع الشريف لذلك، نظرًا لأهمية حفظ الأنساب وأثره على استقرار المجتمعات ورقيها، فشرع الله الزواج وجعل بمنزلة الميثاق الغليظ الذى يحكم حياة الفرد وزوجته، كما شرع الله العدة للزوجة فى حال طلاقها أو وفاة زوجها عنها، كما حرم المولى عز وجل «الزنا» وجعل عقابه شديدًا، وأمر بألا نمس هذه الباب نظرًا لخطورته وبشاعة جرمه، وهى كلها إجراءات تؤكد على أن سلامة الأنساب وحفظها أمر مقدم فى الشريعة الإسلامية.
«فيتو» بدورها فتحت نقاشا مطولًا مع بعض من علماء الأزهر الشريف حول تحذير الشريعة الإسلامية من اختلاط الأنساب عبر الأبواب الخلفية التى تتم فى ذلك سواء أكانت عمليات بيع الأجنة أو تأجير البويضات، مع بيان حكم الشرع فى المراكز التى تسهل ذلك على الناس وموقف الشرع من الأزواج الذين يقبلون ذلك على زوجاتهم.
من جانبه أكد الدكتور أحمد كريمة، أستاذ الشريعة الإسلامية فى جامعة الأزهر، أن المولى عز وجل قال فى كتابه العزيز: {إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِى الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِى الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ}، وقال النبى صلى الله عليه وسلم: «أيما امرأة أدخلت على قوم من ليس منهم فليست من الله فى شيء، ولن يدخلها الله جنته»، ومن المقرر شرعًا أن النسب من الأمور المهمة التى يحتاط فيه ما لا يحتاط لغيره، وفى المستجدات المعاصرة مما يعرف بتجميد البويضات أو تأجير الأرحام، أو ما يعرف بالأم العازبة، أو نقل بويضة مخصبة إلى رحم امرأة أخرى، فكل هذا محرم ومجرم، سواء الشخص المباشر لذلك أو من تسبب فيه فهم فى الجرم سواء.
وأشار إلى أن مسألة تأجير الأرحام أو تبادل البويضات إن لم يكن فى حقيقته ارتكاب الزنا فهو فى معنى «الزنا»، فيأخذ معنى جرم الزنا، ولذلك أحاطت الشريعة الإسلامية بتدابير وقائية احترازية، منها على سبيل المثال أن النسب لا يثبت إلا فى حالة زوجية صحيحة، قال النبى صلى الله عليه وسلم: «الولد للفراش»، ولأجل ذلك جعلت الشريعة الإسلامية العدة للمرأة فى حال الطلاق أو وفاة زوجها، وجعلت مدة زمنية لإمكانية الحمل من حيث القلة أو الكثرة، ولأجل ذلك فإن النبى صلى الله عليه وسلم حذر كما فى الحديث، فإن أى امرأة احتالت بأى طريق من طرق الاحتيال وأدخلت على قوم من ليس منهم حرم الله تعالى عليها الجنة. كما قال صلى الله عليه وسلم: «وأيما رجل جحد ولده -أى أنكره- وهو ينظر إليه احتجب الله تعالى منه يوم القيامة، وفضحه على رءوس الخلائق».
وأضاف «كريمة» فى تصريحات خاصة لـ»فيتو» أنه على ضوء ذلك فإن لجوء معدومى الضمير أيا كانت صفاتهم أو أعمالهم ومهنهم بهذه الجرائم التى تتعلق بالنسب فإنهم يستحقون أقصى العقوبات بواسطة القضاء، لأنهم مفسدون فى الأرض، حيث قال تعالى: {والله لا يحب الفساد}، ثم إن الزوج إذا قبل على نفسه هذه الأعمال الاحتيالية، فهو قد يقع فى حكم «الديوث» لأنه يرعى العيب يقينًا على زوجته ويسكت والجنة محرمة على الديوث كما ورد فى الأحاديث، وطالب «كريمة» بتغليظ العقوبات على المتسبب والمباشر فى جرائم الإخلال بالنسب.
فى نفس السياق، أكد الدكتور أسامة قابيل، من علماء الأزهر الشريف، أن الإسلام اهتم بحفظ النسل والنسب، وجعله من مقاصد الشريعة الخمس، وهى: «حفظ الدين وحفظ المال وحفظ النفس وحفظ النسل وحفظ العقل»، موضحا أن هناك عدة أسباب لحفظ النسب منها، تحريم الزنا والعقاب عليه، وهى من المهلكات ومن كبائر الذنوب، وكذلك حق الحضانة للطفل ورعايته، وأيضًا صلة الأرحام وذوى القربى، لذلك كان حفظ النسب فرضا لتنفيذ أمر الله.
وعن ما يعرف ببنوك النطف أو الأجنة، أشار إلى أن سيدنا النبى محمد صلى الله عليه وسلم، نهى عن عسب الفحل من الحيوان، لافتا إلى أن فكرة البيع والشراء للمنى يرفضها الإسلام أصلًا، فإذا جاء النهى فى تحريمها فى الحيوان الذى لا ينظر لنسبه، فكيف بالإنسان المكرم الذى ينبنى على نسبه أحكام مهمة.
وأضاف أن البنوك الخاصة بالنطف تروج الآن إلى أنه يمكن شراء نطف بمواصفات معينة سواء للاعب أو شخصية شهيرة، وهذا ما كان فى الجاهلية يعرف بالاستبضاع، وهو اختيار المرأة أن تلقح نفسها بمنى معين ذى خصائص معينة، وجاء الإسلام بتحريمه، والاستبضاع كان الرجل يقول لامرأته إذا طهرت: «أرسلى إلى فلان فاستبضعى منه»، فيعتزلها زوجها ولا يمسها أبدًا حتى يتبين حملها، ويفعل ذلك رغبة فى نجابة الولد.
ولفت إلى أن دخول المنى لفرج المرأة غير الزوجة من الكبائر، فهو فى حكم الزنا لقوله تعالى: {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ إِلَّا عَلَىٰ أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ}، مشيرًا إلى أن الزوج الذى يرضى فعل هذا مع زوجته فهو ديوث.
وأشار إلى أنه يحرم نقل بويضة من امرأة إلى رحم امرأة أخرى، ولو كانت من زوجة إلى زوجة أخرى لرجل واحد، وذلك بسبب خشية اختلاط الأنساب والاختلاف فى تحديد الأمومة هل هى صاحبة البويضة أم المرأة التّى تمّ زراعة البويضة فى رحمها، ومعلوم أنه يحتاط فى الأبضاع ما لا يحتاط بغيرها، وإذا قلنا بحرمة نقل بويضة من زوجة لزوجة أخرى لنفس الرّجل فمن باب أولى القول بحرمة نقلها لرحم امرأة أخرى ليست لنفس الرّجل فالحرمة هنا أغلظ لأنها مركبة من شقين: الأول: خشية اختلاط الأنساب، والثانى: زرع ماء رجل فى رحم امرأة أجنبية عنه وهذا أمر مرفوض شرعًا وذوقًا ومروءة.
ومن جانبها، أوضحت الدكتورة فتحية الحنفى أستاذ الفقه المقارن فى جامعة الأزهر، أن حفظ الأنساب مقصد من مقاصد الشريعة الإسلامية التى أمر الإسلام بالمحافظة عليها، وشرع من أجل ذلك الزواج وحرم الزنا، وأن الولد للفراش وللعاهر الحجر، وأن المطلقة أو المتوفى عنها زوجها لا بد وأن تعتد قبل أن تتزوج للتأكد من براءة رحمها حتى لا تختلط الأنساب، ولما كان الهدف الأسمى من العلاقة الزوجية هو التوالد حفظا للنوع الإنسانى فكانت الصلة العضوية بين الزوجين ذات دوافع غريزية بالنسبة لهما، قال تعالى: {وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَىٰ بَعْضُكُمْ إِلَىٰ بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنكُم مِّيثَاقًا غَلِيظًا}، فهذه العلاقة الطبيعية تكون سببا لوجود الولد بالطريق المعتاد، لكن إذا جدَّت ظروف صارت حائلا لوجود الولد، وهذه قد توجد فى الزوج أو الزوجة فما الحكم؟ فهنا وجب عليهما الذهاب إلى الطبيب عملا بقول النبى صلى الله عليه وسلم لما جاءه أعرابى فقال: «يا رسول الله أنتداوى؟ قال: نعم، فإن الله لم ينزل داء إلا أنزل له شفاء، علمه من علمه وجهله من جهله». فالتداوى جائز مما يمنع الحمل، وهو ما يسمى بالتلقيح الصناعى أو أطفال الأنابيب وصورتها: أن تؤخذ بويضة امرأة لا تحمل ولقحت بمنى زوجها خارج رحمها «أنابيب»، ثم بعد الإخصاب تعاد البويضة الملقحة إلى رحم الزوجة مرة أخرى.
وأشارت إلى أنه فى هذه الحالة إذا ثبت قطعا أن البويضة من الزوجة والمنى من زوجها، وتم تفاعلهما وإخصابهما خارج رحم هذه الزوجة «أنابيب» وأعيدت البويضة الملقحة إلى رحم تلك الزوجة دون استبدال أو خلط بمنى إنسان آخر، وكان هناك ضرورة طبية داعية لهذا الإجراء كمرض بالزوجة ونصح بذلك الطبيب بأن الزوجة لا تحمل إلا بهذه الطريقة، فهذا جائز شرعا، وكذا لو تم التلقيح بماء الزوج أى تلقح الزوجة بمنى زوجها دون شك فى استبداله أو اختلاطه بمنى غيره مع اتخاذ كل الاحتياطات اللازمة لذلك عن طريق طبيب ماهر، فهذا أمر مباح شرعا ولا حرمة فى ذلك، أما إذا كان منى الزوج غير صالح للتلقيح، أو ليس به منى فيأخذ الطبيب منى رجل غير الزوج ولقحت به الزوجة فهذا حرام شرعا، ويعد زنا، والطبيب الذى يرتكب هذا الجرم يعد آثما، وما يتقاضاه فى سبيل ذلك يعد كسبا بطريق غير مشروع، سواء أكان بعلم الزوج أو بدون علمه، وأيضًا علمت الزوجة أم لا تعلم.
وأضافت «فتحية» لـ»فيتو» لو أن الزوجة لا تفرز بويضات فيؤخذ منى الزوج وتلقح به بويضة امرأة ليست زوجته، ثم نقلت هذه البويضة الملقحة إلى رحم زوجة صاحب المنى، ففى هذه الحالة تعد زنا أيضًا وتكون محرمة وتؤدى إلى اختلاط الأنساب؛ وهذا ما تحرمه الشريعة الإسلامية.
ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوادث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.