رئيس التحرير
عصام كامل

واحات الوادي الجديد سيدة البلح في الوطن العربي.. المحافظة تضم أكثر من 4 ملايين نخلة.. والدميرة موسم الخيرات

موسم الدميرة بالوادي
موسم الدميرة بالوادي الجديد، فيتو

"الدميرة" كلمة لن تسمعها إلا في الواحات التابعة لمحافظة الوادي الجديد، وتطلق على موسم جني البلح، وعن سبب تسمية الموسم بهذا الاسم يقول مصطفى معاذ، الشاعر والباحث في تاريخ الواحات، إن أهل الصعيد في فترة الدميرة وغرق أراضيهم بالفيضان كانوا يأتون إلى الواحات الخارجة للتجارة وتبادل بضائعهم مقابل بلح وتمور الواحات.
 

وسمي الموسم بموسم الدميرة وسمي بلح الواحات بالبلح الصعيدي.

يُعد نخيل البلح على رأس قائمة محاصيل الفاكهة بالوادي الجديد، فهو فارس الإفطار على الموائد الرمضانية، حيث يفضل المسلمون إنهاء صيامهم بتناول البلح مع الماء بهدف الحصول السريع على الطاقة، والإحساس بالشبع فور امتصاص العناصر الغذائية الموجودة بالتمر.

وتعد فاكهة البلح من أجمل الفواكه في هذا الوقت من العام، حيث إنها تحمينا من الكثير من الأمراض، والذي يلعب دورا مهما في تقوية الذاكرة، كما يعمل على الوقاية من جفاف البشرة خاصة مع ارتفاع درجات الحرارة، فيما يعمل الانتظام في تناول 5 ثمرات بلح يوميا، على منع تراكم "الشوارد الحرة" والتي تتراكم على جدران شرايين القلب فتؤدي إلى حدوث الجلطات والأزمات القلبية، كما أثبتت الكثير من الدراسات أن البلح  يلعب دورا هاما في الوقاية من بعض أنواع السرطان، بسبب قدرته الكبيرة في القضاء على "الشوارد الحرة".

 

وتشتهر محافظة الوادى الجديد بسمعتها العالمية في إنتاج أجود أنواع التمور والتي تعتبر المحصول الاستراتيجى لمزارعي المحافظة حيث تمتلك المحافظة ما يقرب من 4 ملايين نخلة من أجود الأنواع على مستوى الجمهورية وتحقق فائضا من إنتاج التمور يتم تصديرها للخارج وتحقق الاكتفاء الذاتي من حاجة التمور في الأسواق المحلية وتشمل أنواع التمور بالوادي الجديد حوالي 12 صنفا من أجود الأنواع أهمها السيوي " الصعيدي "  بالإضافة إلى أصناف المنتور والتمر السلطانى والبرحى والسكوتى والبرتمودا والجنديلة والدجنة والزغلول والمجدول والسكرى والساقعى.

مواسم الخيرات في مصر الواحات

وقال مصطفى معاذ، في تصريح خاص لجريدة «ڤيتو»، اليوم الجمعة، إن "الدميرة" أو موسم جني البلح، أهم وأجمل مواسم الخير في واحات الوادي الجديد المصرية، وفيه يجري جني البلح الواحاتي الجميل في سعادة ورضا.

وأضاف معاذ، ارتباط البلح بشهر رمضان المبارك ضاعف الفرحة عند الأهالي التي تزرع تخيل البلح منذ عصر الفراعنة بل وقبل ذلك بأزمنة مصرية تركت نقوشها على جبل الطير في واحة الخارجة والتي دلت على وجود الإنسان المصري الأول على هذه الأرض الطيبة كما توجد آثار إبداعية جميلة وعتيقة على هضبة الجلف الكبير بواحة الداخلة كما يوجد كهف القارة في واحة الفرافرة.

ولفت مصطفى معاذ، في حديثه لـ فيتو، إلى أن حرفة الزراعة هي الحرفة الشعبية الأولي والأهم لأهالي واحات الوادي الجديد وزراعة نخيل البلح بأنواعه المتعددة في الوادي الجديد ومنها الصعيدي وسبب تسميته بذلك أن تجار من صعيد مصر الحر كانوا يحضرون لشراء البلح فسمي بالصعيدي والفالق وهو نوع جميل وخفيف من البلح يهدي ولا يباع وكانوا قديما يهادونه مع الحجازي الأحمر الجميل في "الطُن" - بضم الطاء- وهو وعاء مصنوع من الخوص يأخذ شكل المثلث يحافظ على البلح خلال رحلة السفر.

وتابع "كما يوجد البلح التمر ويوجد بكثرة في واحة الداخلة كما يوجد المنتور النمري والقعقاع وكلها أنواع تجود زراعتها في هذه البلاد التي تنتج كميات كبيرة من البلح الذي هو نشاط الأهالي منذ أزمنة بعيدة جدًا.

وأشار الباحث في تاريخ الواحات، إلى أنه عند جمال حمدان في شخصية مصر (العصر الذهبي الواحات هو بلا شك العصر الفرعوني والروماني راجع الآثار القديمة العديدة من معابد وهياكل وحصون وهي منتشرة بكثرة في معظمها ابتداء من معبد هيبس وقبوات البجوات في الخارجة وفي أواخر الفرعونية أثناء فترات الفوضى والحروب في جنوب مصر حين كان طريق التجارة والمواصلات مع السودان يغدو خطرًا غير آمن كأيام الغزو الآشوري الذي أحرق طيبة كان طريق الواحات ودرب الأربعين بديلا جاهزًا لطريق الوادي أما تحت البطالسة فيقال أن مساحة الأرض الزراعية في الواحات الخارجة وحدها بلغت مليون فدان).

موسم  الدميرة "جني البلح "

ويرتبط موسم جني البلح بكافة المناسبات السعيدة التي يعيشها أهل المحافظة وخاصة الأفراح وحفلات الخطوبة والزفاف حيث تشهد أسواق المحافظة انتعاشة اقتصادية كبيرة بسبب جني البلح وبيعه بأسعار مرتفعة حيث تطورت ملامح زراعة النخيل بصورة كبيرة عن العقود السابقة 

 

وكان المزارع يعتمد على الطرق البدائية فى العناية بأشجار النخيل ويتكبد عناء كبير في جني التمور حتى تسلم رائد صناعة التمور بالمحافظة المهندس محمد سويلم إدارة مجمع تمور المحافظة في 2016 وبدأ في ابتكار وسائل جديدة للعناية بأشجار النخيل وبدأها بحماية البلح قبل نضجه في أكياس بلاستيك بدلا من الأوعية الخوص والبدائية من الحلف والسمار وكذلك جني المحصول في صناديق بلاستيك تيسيرا لنقلها إلى مصانع التمور.

ويعد نخيل البلح من أهم محاصيل الفاكهة التي يمكن الاستفادة منها اقتصاديا فى إمكانية التصدير والتصنيع وزيادة الدخل الأسرى فى مناطق إنتاجه فى مصر، والنخيل شجرة تناسب كل أنواع الأراضى، فتزرع بالأراضى الرملية والأراضي الجيرية، وتنمو في الأراضي الملحية، كما تلعب أشجار النخيل دورا هاما فى تطويع البيئة الصحراوية الجافة ومكافحة التصحر لما لها من خصائص وصفات تركيبية تعطيها قدرة على مجابهة وتحمل ظروف الحياة فى المناطق الصحراوية، بالإضافة إلى أنه يمكن الإستفادة منها فى جعلها أشجار ظل ومصدات للرياح وتثبيت الكثبان الرملية، وحماية الزراعات الأخرى، علاوة على أهمية ثمار نخيل البلح ومنتجاته المتعددة والمتنوعة.

ومما لا شك فيه، أن الانتفاع بأشجار نخيل البلح شهد تطورا ملحوظا في السنوات الأخيرة بحيث أصبح كل جزء من أجزاء شجرة نخيل البلح يمكن الاستفادة منه في صنع العديد من المنتجات اللازمة للأغراض الغذائية والمنزلية والزراعية والصناعية، فضلا عن كونها مصدرا للدخل وتوفير فرص للعمالة.

وللنهوض بإنتاج وتسويق البلح في محافظة الوادى الجديد، وفتح آفاق ومجالات جديدة تسويقية عن طريق زيادة الإنتاجية والتوسع فى زراعة النخيل، والعناية بالعمليات الزراعية والمعاملات الفنية التي تجرى على رأس النخلة، وتحسين ظروف التخزين الملائمة لتخزين البلح والعبوات المستعملة في التعبئة بما يتلائم وأذواق المستهلكين، وتحسين وسائل الدعاية والإعلان.

لهذا فقد استهدف الباحثين التعرف علي العديد من الملامح الاقتصادية والفنية والزراعية المتعلقة بإنتاج وتسويق البلح في مزارع العينة البحثية بمحافظة الوادي الجديد، وأهم المشكلات التي تواجه المزارعين سواء كانت إنتاجية أو تسويقية، كما استهدفت أيضا إلقاء الضوء على الهوامش التسويقية وتجارة التمور، ودراسة هيكل النظام التسويقي الحالي لمحصول البلح في المحافظة المذكورة، وتحديد مؤسساته ووصف ما يتضمن من مسالك وأسواق وخدمات ووظائف تسويقية وما يواجهه من مشكلات، واقتراح السياسات المستقبلية لنظام تسويق هذا المحصول الهام.

وفِي لقاء خاص مع الدكتور مجد المرسي، وكيل وزارة الزراعة بالوادى الجديد، قال: إن نخيل البلح يحتل المرتبة الأولى من حيث الأهمية الاقتصادية لذا فقد أولته المحافظة عناية كبيرة بالتعاون مع الجهات البحثية المختلفة وذلك بهدف تحسين الإنتاج وتعظيم الاستفادة من النخيل، وأضاف المرسى أن بلح الوادي يتميز بزيادة نسبة المواد السكرية واحتوائه على معظم العناصر الغذائية.

أسلوب تخزين البلح

وعن تخزين البلح قال المرسي: "تعتبر عملية تخزين ثمار البلح ضرورية حيث يمكن من خلالها تسويق الثمار حسب متطلبات الأسواق كما أن عملية التخزين تفيد في توفير ثمار البلح لفترة أطول من موسمها الطبيعي وهذا يحقق عائدًا مجزيًا".

كما أوضح أن استخدام طريقة التخزين المثلى تحفظ للثمار خواصها الطبيعية بالإضافة إلى احتفاظ الثمرة بالقيمة الغذائية إلى أكبر قدر ممكن.

                              
منتجات تدخل في صناعة النخيل
وذكر الدكتور مجد  المرسي وكيل وزارة الزراعة بالوادي الجديد، أن هناك منتجات كثيرة قائمة على النخيل أهمها الصناعات اليدوية كالخوص، كما أن جميع أجزاء النخلة تستخدم فى الصناعة بداية من الليف والسعف وجسم النخل والذى يصنع منه الكثير من المنتجات والتحف والأرابيسك.

وعن تصنيع التمور أكد المرسى أن هناك صناعات كثيرة تقوم على التمور أهمها تعبئة وتغليف البلح، وانتاج عسل البلح، ومربى البلح، الكحول الايثيلى، وانتاج الخل،  الخميرة  والسكر السائل، بالإضافة إلى الاستفادة من نواتج البلح فى تصنيع الأعلاف.

مجمع تمور الوادي الجديد

"فى عيد الثورة العاشر الموافق 23 يوليو 1962 قام أنور البارودي محافظ الوادي الجديد بوضع حجر الأساس لمبنى مصنع البلح، نيابة عن بطل الثورة الرئيس جمال عبد الناصر" كلمات منقوشة على لوحة رخامية عمرها 58 عاما هى لوحة وضع حجر الأساس،لأكبر مجمع تمور حكومى بمحافظة الوادى الجديد،والتى تم وضعها فى مدخل مبنى إدارة المصنع ليشاهدها كل من يزوره.

وأنشئ مجمع التمور تحت اسم مصنع البلح والمنتجات الزراعية، بهدف تنمية المحصول الرئيسي للمحافظة، وجرى تغيير الاســم إلــى مجمع تمـــور الــوادى الجديد بعد إدخـــال صناعـات جديـــدة  على مساحـــة حوالى ( 14 فدان ) بما يعادل ( 60000 م2 )،وأصبح أكبر مصنع يقوم بتصدير منتجاته خارج البلاد.

وكانت الطاقة الإنتاجية للمصنع تبلغ حوالي ( 1400 طن / سنويًا )، ومن المقرر زيادة طاقة الإنتاج بعد الانتهاء من أعمال تطوير ورفع كفاءة المجمع  كما تبلغ الطاقة التخزينية للمصنع ( 2200 طن ) ويضم المجمع 70 عامــلا موسميا ودائما، فيما يجري تنفيذ أعمال تطوير للمجمع في إطار تنفيذ بنود مذكرة التفاهم الموقعة بين ( جائزة خليفة الدولية لنخيل التمر والابتكار الزراعي) ومحافظة الوادي الجديد بتاريخ 7 أكتوبر 2017 برعاية وزارة التجارة والصناعة بشأن تأهيل مجمع تمور الوادي الجديد والنهوض بصناعة التمور بمحافظة الوادي الجديد وزيادة الإنتاجية وتطوير عملية التصنيع والتغليف بهدف رفع كفاءة المنتج وفتح أسواق عالميًا للتصدير ( طبقًا للبروتوكول الموقع بين وزارة التجارة والصناعة وجائزة خليفة لنخيل التمر والابتكار الزراعي.

وتحدث صاحب أحد مصانع تصنيع البلح بالوادي الجديد وشرح آليات عمل المصانع قائلا "فور جمع المحصول تتسلم المصانع المنتج الخام بعد فرزه لتخزين بعضه داخل الثلاجات والبدء فى عمليات تصنيع البعض الآخر حيث تبدأ عمليات التصنيع بتبخير البلح وتعريضه لغاز (بروميد الميثايل) وذلك لتطهير الثمار من أى حشرات أو دود، وبعد ذلك يتم غسله ثم تجفيفه وتعبئته، وهناك بضاعة تتم تعبئتها خاما طبقا لمطالب الدول".

شباب الوادي الجديد وتجارة التمور
الشباب وتشجيع المحافظين
بفضل السابقين من أبناء ومحافظي الوادي الجديد ويأتي في مقدمتهم فاروق التلاوي ومن بعده اللواء أحمد مختار سلامة ومحمود خليفة وأخيرا اللواء محمد الزملوط، الذي استطاع الكثير من الشباب أن يقتحم عالم تجارة التمور فأقاموا المصانع وأضافوا إلى مهنة التعبئة والتغليف جودة عالية في الشكل العام والمظهر باعتبار إن المشتري يشتري بعينيه قبل أن يتذوق ونجح في هذا الكثير من أبناء الوادي الجديد.

وأضاف حمدي أن تجارة التمور أصبحت رائجة بالوادي الجديد مثل تجارة البترول فهي منجم ذهب وبئر بترول إذا ماخطط لها جيدا بالتوسع في زراعة أشجار النخيل وإيجاد أسواق جديدة لتصدير المنتج إليها، موضحا بان الأسواق العالمية مفتوحة أمام تجارة البلح وتستطيع أن تستوعب كل الإنتاج المصري من التمور.

 

ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوادث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.

 

الجريدة الرسمية