رئيس التحرير
عصام كامل

مسلسل جري الوحوش يعيد ظاهرة استنساخ الأفلام القديمة رغم فشلها !

للسينما المصرية تاريخ طويل حافل بالأعمال الجميلة والمهمة التي صارت من الكلاسيكيات التي تربت عليها أجيال وراء أجيال وشكلت وجداننا بما قدمته من متعة وبما طرحته من أفكار وقضايا حيوية عبرت عن هموم وشواغل وتطلعات الغالبية العظمي من أبناء الشعب 

وكانت نبضًا حقيقيًا لهم، بل وبعضها غير قوانين وأثار حراكًا مجتمعيًا واسعًا، وكان لكبار الأدباء والكتاب الدور الأكبر في هذه الأفلام الخالدة يوسف السباعي ونجيب محفوظ وطه حسين وإحسان عبد القدوس وثروت أباظة وعبد الحميد جودة السحار وغيرهم، بأعمال مثل.. رد قلبي، نحن لا نزرع الشوك، الثلاثية، أم العروسة، اللص والكلاب  وغيرها من الأفلام الخالدة التي حصدت النجاح الفني بالدرجة الأولى مع النجاح الجماهيري ، ولعل هذا النجاح الكبير لهذه الأعمال هو ما أثار العديد من صناع الدراما ليقوموا بإعادة تقديمها في مسلسلات تليفزيونية من جديد بعد مرور سنوات طويلة على عرضها ، كنوع من استثمار واستغلال لهذا النجاح، كان على استحياء في أواخر السبعينيات ليزداد  بقوة ويصبح أشبه بالظاهرة والموضة مع بداية الألفية الجديدة حتى الآن.

' ظاهرة قديمة جديدة '

إذن عملية إعادة استنساخ الأفلام القديمة الناجحة في مسلسلات تليفزيونية ظاهرة قديمة  جديدة،أفرزت عدد كبير من المسلسلات التي لم يحالف أغلبها النجاح الفني أو الجماهيري بل أن معظم جمهور المشاهدين من مختلف الأعمار ما زال يقبل بشغف على مشاهدة الأفلام الأصلية 

الرائعة ولا يكاد يدرك أنها تحولت إلى مسلسلات تليفزيونية،اللهم إلا عدد محدود منها وهي التي حظيت ببعض من الترويج والدعاية الإعلامية ولكنها لا ترتقي إلى مستوى وعظمة الأفلام المستنسخة منها !.

فلا يتذكر الكثيرون أن الفيلم العائلي الجميل  أم العروسة الذي كتبه الأديب عبد الحميد جودة السحار وأخرجه عاطف سالم عام ١٩٦٣ ولعب بطولته عماد حمدي وتحية كاريوكا وسميرة أحمد تم إعادة تقديمه مرتين في الدراما التليفزيونية الأولى عام ٧٦ بنفس البطل عماد حمدي مع زهرة العلا وصلاح السعدني وفاطمة مظهر وأخرجه إبراهيم الصحن، والثانية عام ٩٨ بحسين فهمي ومعالي زايد وإخراج أحمد صقر،

و فيلم اللص والكلاب أحد روائع نجيب محفوظ عن قصة حقيقية إنتاج ١٩٦١ وبطولة شكري سرحان وشادية وكمال الشناوي وإخراج كمال الشيخ  تحول إلى مسلسل عام ٩٨ برياض الخولي وعبلة كامل ورانيا فريد شوقي أخرجه أحمد خضر، كذلك فيلم دمي ودموعي وابتسامتي لنجلاء فتحي وحسين فهمي وكمال الشناوي، تأليف إحسان عبد القدوس وإخراج حسين كمال أصبح مسلسلًا بطولة شريهان ومحمد رياض ونبيل الحلفاوي أخرجه تيسير عبود عام ٩٧، ومن المسلسلات التي لا يتذكرها معظمنا أيضًا  وكانت في الأساس أفلامًا شهيرة وناجحة مسلسل نحن لا نزرع الشوك، تأليف يوسف السباعي وإخراج حسين كمال وهو نفس مخرج الفيلم لعبت بطولته آثار الحكيم في نفس الدور الذي جسدته العظيمة شادية وخالد النبوي في دور محمود ياسين وياسر جلال في دور صلاح قابيل، رد قلبي للأديب يوسف السباعي عندما تحول إلى مسلسل عام ٩٨ تعرض صناعه وأبطاله المؤلف مصطفى محرم والمخرج أحمد توفيق والفنانون محمد رياض وأحمد السقا ونيرمين الفقي لسيلًا شديدًا من الهجوم والانتقاد والسبب خصوصية وروعة رومانسية الفيلم الأصلي الذي جسده النجوم الكبار.. شكري سرحان ومريم فخر الدين وصلاح ذو الفقار وأخرجه شاعر الرومانسية عز الدين ذو الفقار !.

هناك أيضًا قائمة طويلة من المسلسلات التي تم استنساخها من أفلام سينمائية وإن كانت لم تدرك نفس نجاح هذه الأفلام إلا أنها كانت أكثر حظًا من نظيراتها التي ذكرناها لكونها كانت الأحدث تاريخيًا ولتسليط الأضواء عليها  بشكل أوسع إعلاميًا وعرضها على عدة قنوات مرات ومرات منها.. سمارة لغادة عبد الرازق في الدور 

  الذي لعبته تحية كاريوكا، الباطنية لغادة أيضًا في دور نادية الجندي، العار لمصطفى شعبان وأحمد رزق شريف سلامة في أدوار نور الشريف وحسين فهمي ومحمود عبد العزيز، ومن أخر هذه الأعمال .. لا تطفئ الشمس لميرفت آمين ومحمد ممدوح،أرض النفاق أحد أجمل أفلام الثنائي فؤاد المهندس وشويكار  الذي رغم عدم تحقيق الجزء الأول منه لنجاح يذكر إلا أن بطله محمد هنيدي أعلن مؤخرًا أنه يستعد لتقديم جزء ثان منه في رمضان المقبل !.

كما صرح المخرج عبد العزيز حشاد أنه سيبدأ تصوير مسلسل جري الوحوش قريبًا بطولة نضال الشافعي في نفس الدور الذي جسده محمود عبد العزيز ومحمود عبد المغني في دور نور الشريف ونهى عابدين في دور نورا !.

' إصرار على الفشل '

ومازال مسلسل إعادة تقديم الأفلام القديمة الناجحة مستمرًا رغم فشل معظم هذه المسلسلات في ملامسة ولو أدنى درجات النجاح الكبير للأفلام وذلك لأسباب عديدة أهمها صعوبة وعدم جواز المقارنة بين نجوم وصناع هذه المسلسلات بصناع ونجوم الأفلام من حيث القدرات والشعبية والقبول فيما يتعلق بالنجوم، فضلًا عن اختلاف الظروف والأزمنة والمعطيات بين الأفلام والمسلسلات،كذلك لا نغفل عامل سحر السينما ورونقها مقارنةً بالتليفزيون وأخيرًا المقولة الخالدة' الأصل دائمًا يكسب، مهما كانت جودة التقليد !..

الجريدة الرسمية