قرار "فضح" اعتصامات الإخوان
أبداً.. لم يكن قراراً بـ"الفض".. بل إيذاناً بـ"الفضح" لعورات جماعة تأكل وتشرب على آلام الفقراء والأيتام والمشردين والمهمشين وتدعى سترهم، تمارس القتل والقمع والتعذيب والعنف والإرهاب المسلح والتكفير، وتزعم أنها ضحية أنظمة تعاملت معها بطرق غير إنسانية.
بمجرد أن حضر تكليف حكومة الببلاوى لوزير الداخلية باتخاذ الإجراءات القانونية والعملية لفض اعتصامات الإخوان فى رابعة العدوية والنهضة، وتوالت بعده تكليفات رئاسة الجمهورية ومجلس الدفاع الوطنى ظهر الوجه الآخر للجماعة فى استخدام الفئات الأضعف والأقل حيلة لحماية ما تبقى لقياداتها من وقت فى إشارة جمهوريتهم.
تقرير نادراً ما يخرج من منظمة بوزن "العفو الدولية"، التى أراها وغيرها مقصرة فى رصد ووصف الحال على الأرض إذا ما خالفت جماعة مسلحة القانون فى وجه النظام والشعب، يؤكد قيام باحثيها الميدانيين بمناظرة 8 جثث لضحايا تعذيب أفضى إلى الموت داخل الاعتصام المشئوم، وربما داخل بيت الله هرباً من عدسات الكاميرات كما جرى فى أحداث الاتحادية، وتوثيق 5 شهادات حية لضحايا أكدوا أنهم نجوا من الموت بأعجوبة على أيدى من لا يعرفون رحمة.
طريقة التعذيب ووصف الإصابات وشهادات الناجين من جهنم الجماعة، تؤكد أن أعضاءها لم يكونوا يوماً ضحايا اضطهاد وتعذيب مقترنين باعتقال حقيقى داخل مقار أمن دولة مبارك، ورجحت تأكيدات سابقة لساسة وصحفيين كانوا يشيرون إلى وضعية خاصة للإخوان عند الأجهزة الأمنية وتمتع أبنائها برعاية غير تقليدية لم ينلها منتمون لأفكار جهادية وتيارات دعوية أخرى طالتهم مدد اعتقال وانتهاكات كبيرة خلال العقود الثلاثة الماضية، ربما العامل المشترك الوحيد بين "الدينيين" ومن والاهم بعد 25 يناير هو العنف المقترن بالتكفير للمجتمع والمخالفين لآرائهم ومصالحهم.
والفضيحة الأكثر تأثيراً على سمعة الجماعة المتسخة منذ قرارها حمل السلاح بوجه الشعب وجيشه، هى استغلال الأطفال كدروع بشرية وحطب وقود معركة محتملة مع الدولة مقابل وعدهم وأهلهم بفرحة ملابس العيد، وجلبهم من مناطق الفقر وجمعيات ومؤسسات رعاية مشبوهة واقعة تحت سيطرتهم، يلتحق أغلبها بدور عبادة تشددت فى ممارسة الخطاب التكفيرى بحق الشعب والثورة وتطاول خطباؤها على جيش مصر وقياداته، لدرجة أن محافظة واحدة فى مصر لم تخل من بلاغات بحق أئمة أو اعتداءات على خطباء بسبب "قلة أدبهم" وخروجهم عن دورهم.
عُدْ إلى مسيراتهم المسلحة أمام المنشآت والممتلكات العامة والخاصة واعتداءاتهم عليها وحرق بعضها خلال الشهر الكريم، وكأن الإفطار على لهب النار سُنَة وتناول السحور على دماء المستضعفين قياماً لليل وصلاة للتهجد، بينما تصوير أنفسهم بدعم غربى على أنهم ضحايا فرض على من يخشون أذى تنظيمهم كى لا تلاحقهم لعنة مماثلة لشتات اليهود والصهاينة، قِسْ على ذلك الموقف الألمانى المستجيب لأكذوبة مذبحة الحرس الجمهوري التى شبهتها الجماعة بجريمة النازى، بالتوازى مع اعتبارات المصلحة المتبادلة للتنظيم مع أردوغان الحالم بالسلطنة وكاميرون المتخابث بديمقراطية أشبه بـ"كافولة" التنظيم المولود والمزدهر فى أحضان إمبراطورية الاستعمار.
ثم راجع كم الزيارات المتكررة لبيرنز وآشتون وماكين واستحداث التواجد القطرى لتتأكد أن قرار "الفضح" كان كاشفاً ولم تعد معه الدولة ووزير داخليتها بحاجة إلى تنفيذ قرار "الفض"، فبكارة الجماعة مدعية الشرف والطهارة ضاعت بين عنف وإرهاب قياداتها وأعضائها وجرائمهم فى الداخل، واستجلابها مناصرة أصحاب المشروعات الاستعمارية والمطامع المقترنة بأحلافها فى الخارج.
اتركوا فاقدة العذرية السياسية تتراقص وتهتز بخلفيتها على أفخاذ قوادى وممارسى الرذيلة السياسية بحثاً عن شرق أوسط "عار" من الجنس العربى والدين السماوى واللغة الجامعة والحدود المانعة، ودعوا للشعوب كلمتها الناجزة الحاسمة لمصيرها، فلم يعد فى عمر ثوراتها بقية حتى تصبر على بقاء جماعة خارج التاريخ، داخل حدود الجغرافيا السياسية لأوطانها مع تزايد جرائم تنظيمها.