البريكس الخيار الأمثل لازدهار الاقتصاد المصري
يوم الثلاثاء الماضي كان الموعد المرتقب والمهم للاجتماع الخامس عشر لمجموعة البريكس الاقتصادية بمدينة جوهانسبرج بجنوب أفريقيا، بمشاركة مسؤولي الدول الخمسة الأعضاء وهي البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا، وتمثل هذه الاجتماعات أهمية كبيرة في الأوساط الاقتصادية في ظل عمل أعضاء هذا التكتل على التخلص من هيمنة الولايات المتحدة والغرب على الاقتصاد العالمي، وتقديم نفسه كبديل عن مجموعة السبع دول المتقدمة.
وفي جلسة الافتتاح هاجم الرئيس الروسي بوتين في كلمته، هيمنة الدولار الأمريكي، وذكر أن قرار روسيا بالتخلي عن الدولار كعملة عالمية لا رجعة فيه، داعيا إلى فك ارتباط اقتصادات العالم بالعملة الأمريكية. وقد أصبحت مجموعة بريكس أحد أهم التكتلات الاقتصادية في العالم، نظرا لأرقام النمو التي باتت تحققها دول هذا التكتل مع توالي السنوات، مما جعلها محط اهتمام عديد من الدول الأخرى.
ويسعى التكتل لتحسين الأوضاع الاقتصادية للدول الأعضاء وتوفير التمويل اللازم لإنشاء المشروعات بعيدا عن هيمنة الدولار. وتمثل دول مجموعة بريكس نحو 40% من مساحة العالم، ويعيش فيها أكثر من 40% سكانه، وتصل مساهمة التكتل إلى 31.5% في الاقتصاد العالمي بنهاية 2022، مقابل 30.7% للقوى السبع الصناعية، وفقا لبيانات صندوق النقد الدولي.
وأنشأ التجمع بنكا خاصا به في 2015، وهو بنك تنمية متعدد الأطراف تديره دول بريكس الخمس، برأسمال 50 مليار دولار قابلة للزيادة، ويستهدف توفير قروض للدول الأعضاء، وانضم إليه مؤخرا كل من أوروجواي والإمارات وبنجلاديش ومصر.
وتظهر قوة واستقلال البريكس، في عدم الاستجابة المطلقة للتوجهات الأمريكية، حيث أن دول التجمع لم توافق أو تشارك في تطبيق العقوبات التي فرضتها الدول الغربية ضد روسيا بسبب الحرب على أوكرانيا.
انضمام مصر لمجموعة البريكس
وتأتي متابعتي لمجموعة البريكس، خاصة في دورته الأخيرة، من قبيل تطلعي لانضمام مصر لهذا التكتل الاقتصادي الذي يحمل البشائر الطيبة لمصر؛ نظرا لكسر هيمنة الدولار في مصر، وإمكانية أن تقوم مصر بتصدير العديد من السلع لدول البريكس والاستيراد بالعملات الوطنية؛ مما يقلل الضغط على العملة الوطنية ويرفع من شأنها، ويقلل الاحتياج للدولار فيخفض من سعره..
وقد طلبت مصر بالفعل الانضمام لهذا التكتل في هذه الدورة، وبالفعل تم انضمام مصر للمجموعة، فقد أعلن رئيس جنوب إفريقيا سيريل رامافوزا، أمس الخميس، دعوة 6 دول جديدة للانضمام إلى مجموعة "بريكس" للاقتصادات الناشئة. وقال رامافوزا، في مستهل اليوم الأخير من اجتماع قمة بريكس: قررنا دعوة الأرجنتين ومصر وإثيوبيا وإيران والسعودية والإمارات لتصبح أعضاء في البريكس. وعضوية بريكس للأعضاء الجدد ستبدأ في 1 يناير 2024.
وقد قدمت مصر طلبها للانضمام إلى مجموعة بريكس لأن أحد المساعي التي تبذلها بريكس حاليًا هو تحويل التجارة إلى عملات بديلة، سواء كانت عملات وطنية أو عملة مشتركة جديدة. وانضمت مصر خلال العام الجاري للبنك التابع لتجمع بريكس، وهو بنك التنمية الجديد، الذي تأسس في 2015، ويقدم تمويلات للدول الأعضاء بدلا من مؤسسات التمويل الدولية المعروفة مثل صندوق النقد الدولي.
وقد كشف الدكتور محمد معيط، وزير المالية، سبب طلب مصر الانضمام لتحالف بريكس الدولي مؤكدا أن الهدف هو توسيع التواجد الدولي مع تلك الكيانات والمؤسسات الجديدة لتحقيق أكبر استفادة سياسية واقتصادية بالتواجد في تلك الكيانات.
وكما ذكرت كان يأتي اهتمامي بهذه الدورة نظرا لانتظاري الموافقة - التي تمت والحمد لله - على عضوية مصر في المجموعة، كما أتطلع بشوق لمعرفة البيان الختامي وما حدث في الملفات التي تم مناقشتها في هذه الدورة، وأهمها: تقليص هيمنة الدولار، حيث يعيد التكتل إحياء فكرة تقليص هيمنة الدولار على المدفوعات التي نوقشت في القمم السابقة.
فقد عاد الجدل إلى الظهور بعد ارتفاع أسعار الفائدة الأمريكية والحرب الروسية الأوكرانية مما أدى إلى ارتفاع العملة الأمريكية، إلى جانب تكلفة السلع المسعرة بالدولار. وتشمل الاقتراحات التي يتعين النظر فيها زيادة استخدام العملات الوطنية للأعضاء في التجارة وإنشاء نظام دفع مشترك.
ويُنظر إلى هدف إنشاء عملة مشتركة على أنه مشروع طويل الأجل. وبدأ العديد من أعضاء البريكس بالفعل في تسوية صفقات تجارية ثنائية بالعملات المحلية. فالهند لديها اتفاق مع ماليزيا لتكثيف استخدام الروبية في الأعمال التجارية عبر الحدود، كما أبرمت البرازيل والصين في وقت سابق من هذا العام صفقة لتسوية التجارة بعملاتهما المحلية، وتواصلت الهند وروسيا مع جنوب أفريقيا بشأن ربط تسوية المدفوعات بعملاتهما الخاصة.