في مملكة العجين
في قرية صغيرة أقرب من السماء وأبعد من الأرض، كان هناك خباز يدعى رغفان الحامي، وكان يمتلك مخبزًا صغيرًا تثير فيه الحياة بوتيرة مستقرة لكنها مملة.. بعد سنوات من العمل الشاق والخبز اللذيذ، قرر رغفان أن يأخذ الأمور إلى مستوى آخر، قرر أن يعلن مخبزه مملكة مستقلة باسم مملكة العجين وأن يحكمها كملك متوج.
عقب إعلان استقلال المخبز وتحويله إلى مملكة معفرة بالطحين، بدأ رغفان في وضع القوانين الخاصة لتنظيم الحياة داخل المخبز.. أو لنقل المملكة، وأول قانون أعلنه هو أن جميع الأرغفة تصبح مواطنين بحقوق وواجبات.. وطبقًا لهذا القانون، كان لكل رغيف إسم وهوية خاصة به، وتمنح له حق التصويت في القرارات المهمة للمملكة.
بدأت الحياة في المملكة العجيبة تأخذ منحى غريب، حيث تم تشكيل جهاز أمن داخلي لمراقبة حركة الأرغفة ومنع أي تمرد أو خروج عن القانون، وكذلك تم تعيين مفتشين خاصين لفحص جودة الخبز ومنح إشارات تقدير للأرغفة الممتازة.
قوانين رغفان
لكن رغفان لم يتوقف عند هذا الحد، فقد أصدر عددا من القوانين الخاصة جدا، كالتالي:
قانون الأسماء الملكية: كل رغيفة يجب أن يحمل اسمًا ملكيًا فريدًا، ويتم معاملته وفقًا للقوانين الملكية. والأرغفة التي تحمل أسماء مثل الأميرة الخبزية أو الدوق الطري أو اللورد الملدن تحظى بامتيازات خاصة..
قانون زواج الأرغفة: يُحظر الزواج بين رغيفتن من الطاولة نفسها. يعتبر هذا الفعل جريمة تعاقد ويتم تشكيل محكمة خاصة لمعاقبة المخالفين.
قانون الفحص العشوائي: يحق لفرقة التفتيش الملكية على الخبز أن تقوم بفحص أي رغيف في أي وقت دون إشعار مسبق. وفي حالة عدم قدرة الرغيف على تلبية معايير الجودة، يتم إلقاء القبض عليه ومعاقبته.
قانون الانتخابات الخبزية: يُمنح حق التصويت لكل رغيف في سن البلوغ. ويتم إجراء انتخابات دورية لاختيار ممثلي الأرغفة في الحكومة الخبزية.
قانون العقوبات الغذائية: تفرض عقوبات على الأرغفة التي ترتكب مخالفات غذائية، مثل العجين الغير مطهو بشكل صحيح أو القوام غير المناسب.. العقوبات تشمل الإبعاد عن المملكة أو حتى الحرمان من عملية الخبز.
قانون الاحتجاج العجيب: يُحظر على الأرغفة الاحتجاج أو التظاهر بأي شكل من الأشكال. يعتبر ذلك تحدٍ لسلطة المخبز ويتم سحل أي رغيف يخالف هذا القانون...
قانون حماية العجينة النقية: يُمنع استخدام أي عجينة ملوثة أو مخالفة للمعايير الصحية. يتم فصل العجينة الملوثة عن المملكة وإلقاء القبض على المخالفين.
انتفاضة الأرغفة
تعاظمت السخرية من الأحكام الصادرة عن ملك مملكة العجين العظمى. فبينما كان يحكم بقوانينه العجيبة، كان رغفان غريب الأطوار يرتدي تاجًا من العجين ويمشي في المخبز وكأنه قلعة متحركة، وكان يتحدث إلى الأرغفة ويعطيها أوامر بأسلوب ملكي حاد.
وفي يوم من الأيام، جاءت مجموعة من الزبائن الغاضبين إلى المخبز. اشتكوا من الظلم والتمييز والقوانين السخيفة. لم يكن لديهم حرية الاختيار ولم يستطيعوا الاستمتاع بالخبز الذي يرغبون فيه بسبب القيود العديدة.
تصاعدت المظاهرات والاحتجاجات، وتجمع الزبائن للمطالبة بإلغاء ملكية المخبز وإقامة نظام عادل. تصدى رغفان لهذه المطالب بقسوة، وأمر جهاز الأمن بتفريق المتظاهرين واعتقال أي شخص يتجاوز الخطوط المحددة.
لكن الأمور لم تسر على ما يرام لرغفان. انضمت مجموعة من الأرغفة الثائرة إلى المتظاهرين، مطالبة بحقوقها وحريتها. بدأت الأرغفة في الانتفاضة، وأصبحت المملكة العجيبة للخبز في حالة من الفوضى.
تعجب العالم من ما يحدث في هذه المملكة الغريبة للخبز. تناقلت وسائل الإعلام الأخبار والأحداث بسخرية ودهشة. تحولت رغفان الحامي من خباز غريب الأطوار إلى سخرية سياسية في العالم.
في النهاية، انتهت حكاية المملكة العجيبة للخبز بسقوط رغفان الحامي. تم إلقاء القبض عليه بعد مقاومة شرسة من قبل الأرغفة الثائرة والمتظاهرين. تم إعادة فتح المخبز كما كان، وعادت الحياة إلى طبيعتها.
