رئيس التحرير
عصام كامل

حديث قلب

جبران خليل جبران.. أعطني الناي وغني

جبران خليل جبران مفكرا كبيرا سبق عصره، وفيلسوفا رائعا صاحب نظرة تأملية في الحب والحياة، مؤلفاته كثيرة باللغة العربية والانجليزية، وترجمت اعماله إلي عشرات اللغات، كما أنه كان فنانا يمتلك موهبة فذة في الرسم والألوان المائية، وبلغت أعماله الفنية 700 عملا فنيا، وقد تم جمع رسوماته في المتحف العربي للفن الحديث بالدوحة..


اتسمت كتاباته بالنزعة الانسانية ومحبة الاستمتاع بالحياة النقية، وظهر ذلك واضحا في قصيدته المواكب، والتي غنتها الفنانة الكبيرة فيروز باسم: اعطني الناي وغني..
 

ورغم تدينه بالمسيحية ؛ فقد كان موقفه واضحا بعدم تسييس الدين سواء كان اسلاميا أو مسيحيا، وبذلك اعتبره مفكرا مستنيرا سبق عصره!
 

توفي عام 1931 ؛ وبهرتني قصائده واشعاره التي كانت مقررة علينا في اللغة العربية وأدابها في المرحلتين الاعدادية والثانوية.. تعالوا نتوقف علي محطات حياة جبران خليل جبران المثيرة:

وُلِدَ جبران خليل جبران في العام 1883 في مدينة بشرّي شمال لبنان، وعاش في عائلة مُحافظة، التحق في الخامسة من عمره بمدرسة "تحت السنديانة" أو "مدرسة إليشاع"حيث درس فيها أُسّس اللغات السريانيّة والفرنسيّة والعربيّة، وكان من الطُلاب المُتميّزين في المدرسة وكان ذكيًا وصاحب شخصية قوية.. 

 

والده خليل جبران كان يعمل في جباية الضرائب وقد تم إلقاء القبض عليه بتهمة الاختلاس الماليّ؛ ممّا أدّى إلى إصابة جبران بصدمة قوية، وأرغم ذلك عائلته على السفر إلى مدينة بوسطن للالتحاق بأقارب والدته، حيث التحق جبران هناك بإحدى المدارس الشعبيّة لتعلم مبادئ اللغة الإنجليزيّة، وفعلًا تمكّن من تحقيق تفوق ملحوظ في مجال الرسم واللغة معًا..

 

لكنه بعد ثلاثة أعوام عاد إلى لبنان للدراسة فانضمّ إلى معهد الحكمة في بيروت حيث طوّر معارفه ومهاراته باللغة العربيّة، ولكنّه مجددًا ترك لبنان عائدًا  إلى مدينة بوسطن بعد وفاة أخته وأخيه ووالدته؛ ممّا أدّى إلى تأثّره وحزنه بشكلٍ كبير، وفي خضم هذه المعاناة ظهرت عنده موهبة التصوير فاستطاع أن يُقيمَ أوّل معرض صور ناجح له.

بداية جبران خليل جبران الأدبية


وتعود البداية الأدبيّة الحقيقيّة عند جبران خليل جبران إلى العام 1904 عندما التقى أمين الغريّب مُؤسّس صحيفة المُهاجر، الذي قدم له جبران مجموعة من رسوماته وخواطره التي نالت إعجابه وقرّر نشرها في صحيفته، عرف جبران خليل جبران العديد من النساء، لكن المراجع وثقت ثلاث نساء منهن..

 

البداية مع ماري خوري التي ذكرها في رسالته إلى هاسكل حين أشار إلى امرأة متزوجة أغوته وهامت بحبه هياما شديدًا، والمعروف أنها كانت تستضيفُه في صالونها الأَدبي وتقدِّمه إِلى الحلقة الفكرية والفنية الأَمريكية في المدينة حيث كان يرتاح في التردُّد إِليها ويأْنس إِلى ضيافتها، وقيل إنه كتب إليها أكثر من 200 رسالة، وقد وقع في حبها خلال إقامته في نيويورك.

 

والمرأة الثانية هي مي زيادة التي كانت معجبة بِأفكاره وآرائه، وقد كَتبت له رِسالة تُعبّر فيها عَن رأيها أيضًا بِقصة "الأجنحة المتكسرة" والتي اعترفت له بحبها بعد 12 سنة من التواصل، والمرأة الثالثة هي هيلانة غسطين التي التقاها  في نيويورك خلال اجتماع لبحث أوضاع المجاعة في لبنان أثناء الحرب، وبعد تعارفهما تبادلا الرسائل العاطفية وحاولت أستدراجه للزواج منها لكنها لم تنجح.


كما تأثّرت حياة جبران خليل جبران الأدبيّة بعدّة مراحل مهمة بدءًا من باريس التي حرص أثناء وجوده فيها على زيارة المكتبات، المتاحف والمعارض، وهناك التقى يوسف الحويّك صديق الدراسة، وقد وفّرت باريس مجموعة من الآفاق المهمة له خلال مدة اقامته فيها حيث شارك بعرض مجموعة من لوحاته في معرض خاص بالفنون الجميلة..  

 

ثم قام بتأسيس الرابطة القلمية مع بعض الأدباء مثل إيليا أبو ماضي وميخائيل نعيمة وعبد المسيح حداد، أراد جبران خليل جبران أثناء وجوده في مدينة نيويورك في العام 1926 أن يشتري ديرًا موجودًا في بلدته بشري؛ حتّى يحوّله إلى صومعة خاصة به ليُدفَن فيها لاحقًا، ومضى الوقت دون أن ينجح في تحقيق حُلمه وهو على قيد الحياة.. 

 

ولكن عندما توفِّي ووصل جثمانه إلى بشري قررت أخته مريانا أن تشتري له الدير وجميع ملحقاته؛ بهدف تحقيق حُلمه بأن يُدفَن داخله، أمّا تحوّل الدير إلى متحف، فقد تمّ ذلك تنفيذًا لوصيته؛ وفعلًا جرى توسيع الدير من قسمه الشرقيّ وجمع طابقيه معًا وصار جاهزًا لاستقبال الزوار في العام 1995

 

 

كتب جبران خلال مسيرته الأدبيّة العديد من المُؤلفات في اللغتين العربيّة والإنجليزيّة، ومن مؤلفاته العربيّة: العواصف، دمعة وابتسامة، الأرواح المتمردة، عرائس المروج، ومن مؤلفاته باللغة الإنجليزيّة: النّبي، حديقة النّبي، رمل وزبد والمجنون.. توفي جبران خليل جبران في نيويورك في العام 1931 عن عمر 48 عامًا؛ بمرض السِل وتَليُف الكَبِد.

الجريدة الرسمية