جنون المشايخ.. قراء القرآن الكريم على خُطى الفنانين لتحقيق الشهرة بأقصر الطرق وركوب الترند
عُرفت مصر بقرائها الكبار في تلاوة القرآن الكريم، وهؤلاء القراء هم الذين صنعوا تاريخ دولة التلاوة العظيم ومجدها الأشم، ولكل واحد من هؤلاء القراء قصة يجب أن تروى في توقير كتاب الله والأدب معه والخضوع له، وربما كان هذا من الأسباب التي خلدت سيرَهم وأسماءهم على مر السنين رغم الرحيل البعيد.
لم يحتج المشايخ: علي محمود ومحمد رفعت وعبد العظيم زاهر وعبد الفتاح الشعشاعي ومصطفى إسماعيل ومحمد صديق المنشاوي وعبد الباسط عبد الصمد ومحمود على البنا ومحمود خليل الحصري وغيرهم أية وسيلة للبقاء والخلود سوى احترام محكم التنزيل وتعظيمه وتقديره حق قدره، كلٌّ منهم قال كلمته ورحل.
لم يكن في زمنهم أية وسائل ضغط للانتشار والشهرة سوى الموهبة الصادقة والخشوع الدائم في حضرة كلام الله، قبل أن يدور الزمان دورته، وتتبدل المفردات وتنقلب الثوابت، ويصير الحق باطلًا، ويغدو الباطل حقًا، ويصعد دكة التلاوة جيل جديد يتخلى عن جميع الثوابت والأعراف الراسخة لرموز دولة التلاوة المصرية، وأصبح الطريق إلى الشهرة، ليس عن طريق التميز والاقتدار في تلاوة القرآن الكريم، ولكن من خلال توظيف الفضاء الإلكتروني أسوأ استغلال من حيث الطعن في قيمة القراء السابقين، أو من خلال بعض المشاهد الساقطة واللقطات الهابطة أثناء تصوير الحفلات والعزاءات، ثم تمويلها لتحقق أرقامًا هيستيرية من المشاهدات.
اقرأ أيضا:
كأنه في فرح، قارئ يتمايل على طريقة السلكاوي أثناء تلاوة القرآن وقرار عاجل من نقابة القراء (فيديو وصور)
تنقيط قاريء بـ100 ألف جنيه أثناء التلاوة
في صباح هذا اليوم.. ضجت منصات التواصل الاجتماعي بفيديو يظهر فيه قاريء شاب، معتمد إذاعيًا، يتلو في أحد العزاءات، ويُلقي عليه أحد الحاضرين مبلغًا ماليًا كبيرًا، يُقال: إنه مائة ألف جنيه، على غرار ما يحدث في الكازينوهات وعُلب الليل مع الراقصات والغوازي.
اقرأ أيضا:
صانع محتوى يثير ضجة في الجزائر بعد قراءة القرآن في المسجد على أنغام الراب
الفيديو الصادم أثار ضجة عنيفة بين الأوساط المهتمة بالقرآن الكريم، بل وبين بعض القراء أنفسهم، وسط تعليقات إلكترونية يؤكد أصحابها أن هذا المشهد تم الاتفاق عليه سلفًا بين القاريء وصاحب "النقوط"، وأنه ليس الأول للقاريء، بل ينضم إلى سلسلة مشابهة من اللقطات المشابهة التي يغازل بها رواد السوشيال ميديا، وتشي بأن القاريء صاحب شعبية جارفة، وموهبة طاغية، وحضور مزلزل، يدفع المستمعين إلى قذفه بآلاف الجنيهات، وكان آخرها الترويج بأنه صاحب أعلى أجر بين قراء جيله بواقع 51 ألف جنيه في الليلة الواحدة!
الإساءة إلى البهتيمي
وقبل هذه الواقعة المؤسفة بأيام قليلة.. حاول قاريء مثير للجدل لفت الأنظار إليه من خلال الإساءة إلى القاريء العظيم كامل يوسف البهتيمي أحد رجالات دولة التلاوة الأبرار على مر عصورها، من خلال نشر "بوست" على حساباته الإلكترونية زعم فيه أنه أبلغ مسؤولي إذاعة القرآن الكريم عن خطأ في إحدى تلاوات القاريء الراحل. وبالعودة إلى التلاوة المقصودة تبين أن الشيخ "البهتيمي" لم يزلَّ ولم يلحن.
اقرأ أيضا:
مفتي الجمهورية: مصر قلعة كبيرة من قلاع تلاوة القرآن الكريم وحفظه وتعليمه ونشر قيمه
الغريب في الأمر أن الشيخ صاحب البوست كان قد تم استجوابه للتحقيق بنقابة محفظي وقراء القرآن الكريم أكثر من مرة، كما تم وقفه عن القراءة إذاعيًا وتليفزيونيًا مرات عديدة؛ بسبب أخطائه الفادحة أثناء تلاوات الهواء.
إشهار المطواة في وجه القاريء
وقبيل سنوات قليلة.. تم تداول فيديو على نطاق واسع..يظهر فيه أحد الأشخاص يُشهر المطواة في وجه قاريء شاب؛ بزعم إجباره على إعادة تلاوة بعض الآيات، وتبين لاحقًا أن الموقف المثير للجدل كان بترتيب سابق بين الطرفين.
وأسهم هذا الفيديو الساقط في شهرة القاريء وانتشاره، لا سيما أنه عمد إلى تدبير مواقف مشابهة بعد ذلك؛ فضلًا عن إنفاقه السخي جدًا على حساباته بالفضاء الإلكتروني والتي يتم إدارتها من خارج مصر. وهنا تجدر الإشارة إلى أن عددًا كبيرًا من القراء الشباب يعتمدون بشكل كبير على السوشيال ميديا في الترويج لهم محليًا وخارجيًا؛ لأغراض تجارية ومادية بحتة.
اقرأ أيضا:
سفير دولة التلاوة في الولايات المتحدة
الدور الغائب لنقابة محفظي وقراء القرآن الكريم
وسط هذه المواقف المؤسفة، وغيرها الكثير الذي يستعصي على الحصر، تقف نقابة محفظي وقراء القرآن الكريم ضعيفة واهنة عاجزة عن الاضطلاع بدورها، تحكمها في ذلك حسابات شخصية بحتة. النقابة -التي بدأت قوية وصاحبة كلمة مسموعة ومُقدرة في عهد نقيبها الأول الشيخ عبد الباسط عبد الصمد- تخلت في السنوات الأخيرة، وتحديدًا في زمن الشيخ محمد حشاد عن دورها المنوط بها، وغدت في مرمى الانتقادات. النقيب الحالي يضيق صدره بهذه الانتقادات ويصفها بـ"المغرضة وغير النبيلة".
عاب محبو القرآن الكريم والغيورون عليه مؤخرًا على النقابة تقاعسها في التعامل مع فئة كبيرة من القراء الذين لا يتلون الكتاب حق تلاوته، ولا يوقرونه حق توقيره، في الوقت الذي اتخذت نقابة المهن الموسيقية في وقت سابق، وتحديدًا في فترة النقيب السابق المطرب هاني شاكر موقفًا صارمًا ضد 19 من مطربي المهرجانات الذين لا يمتلكون مقومات الغناء، فضلًا عن إفسادهم الذوق العام.
توقع الرأي العام يومئذ وبعدها موقفًا مشابهًا من نقابة الشيخ "حشاد" ضد قراء المهرجانات الذين يبتذلون كلام الله ويهينونه على مسمع ومرأى من الجميع، غير أن النقابة ثارت وهاجت وماجت وأصدرت بيانًا باهتًا مرتبكًا مشوبًا بالأخطاء الإملائية واللغوية ضد من يطالبونها بالاضطلاع بدورها المفقود.
اقرأ أيضا:
الشيخ محمود عبد الباسط يوجه نصيحة ذهبية لقراء القرآن الكريم
بيان النقابة الهزيل غسل يديها من ظاهرة القراء المتلاعبين، زاعمًا أن قانون إنشاء النقابة رقم 93 لعام1983، لا يمنحها الحق في حماية كتاب الله من هذه الفئة الضالة الباغية.
اقرأ أيضا:
يونيو شهر الصراعات بين الشيخ حلمي الجمل ونقابة القراء.. في 2015 تقدم باستقالته بسبب شرعية المجلس.. وفي 2023 تجدد النزاع بسبب دعم الشيخ ممدوح عامر
ودعا البيان الغاضبين على منصات التواصل الاجتماعي وفي الشوارع والميادين إلى ابتلاع ألسنتهم والتزام الصمت التام وعدم "التلسين" على النقابة، رافعًا شعار: "ليس في الإمكان أفضل مما كان".
اقرأ أيضا:
نقابة القراء تؤجل التحقيق مع الشيخ حلمي الجمل
اللافت في الأمر أن النقابة عندما تفكر في الخروج من سباتها العميق فإنها لا تتحرك سوى ضد قراء مغمورين، كما فعلت مؤخرًا عندما لاحقت قارئًا من محافظة المنيا بسبب تجاوزاته، وبحسب متابعين فإن مثل هذه الدعاوى سرعان ما يتم حفظها؛ لأن النقابة نفسها تهملها.
كلمة أخيرة: اغضبوا من أجل كتاب الله
ما يحدث من مخالفات بحق كتاب الله من بعض القراء الإذاعيين وغيرهم تجاوز الظاهرة الفردية إلى الظاهرة العامة التي تتطلب من جهات أخرى غير النقابة المتخاذلة أن تتحرك جديًا لوقف هذه المهازل وملاحقة أصحابها قضائيًا، وتشريع القوانين المغلظة التي تحفظ القرآن الكريم من تجاوزات الباحثين عن الذيوع والشهرة بأقصر الطرق، رافعين في سبيل ذلك شعارهم البرجماتي: "الغاية تبرر الوسيلة"، ولو تم اتخاذ إجراء عنيف في واحدة من هذه الوقائع السفيهة فإن أحدًا لن يلجأ إلى تكرارها تحت أي ظرف.
ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.